يسير العاهل المغربي الملك محمد السادس نحو إكمال مشوار والده "باني السدود" الملك الراحل الحسن الثاني، بالاستمرار في سياسة بناء السدود، في محاولة لحفظ المياه من الضياع واستعمالها عند الحاجة، بعد توالي سنوات الجفاف، وتزايد تحذيرات المراقبين من أن المغاربة قدر عليهم اقتسام موارد مائية جد ضئيلة وغير منتظمة، يمكن أن تصل فيها الحصة السنوية للمواطن إلى 500 متر مكعب في أفق 2020، وهو مستوى أدنى بكثير من الحد المقبول، أي 745 مترا مكعبا. وتدخل هذه الخطوة في إطار الخطة التي رسمها المغرب والمتمثلة في إنجاز 10 سدود كبيرة و60 سدا متوسطا وصغيرا في أفق سنة 2012 والشروع في الأوراش الكبرى لتحويل المياه ما بين الجهات لإنجاز المشروع المتعلق بتحويل المياه من حقينة سد المسيرة نحو المناطق الجنوبية، والذي سيدعم باستعمال الموارد المائية المعبأة بسد سيدي محمد بنعبد الله. وستمكن هذه الخطة من تدارك العجز الحاصل في تجهيز المدارات السقوية التي تقدر بحوالي 100.000 هكتار، والرفع من مردودية المياه المعبأة من خلال برنامج إرادي لاقتصاد الماء خاصة في الميدان الزراعي. وشرع رسميا في تطبيق هذا المشروع، بتدشين الملك محمد السادس، سدين، الأول هو "سد الحسن الثاني" الواقع على وادي ملوية على بعد 20 كلم من مدينة ميدلت (إقليمخنيفرة(والذي بلغت كلفته الإجمالية 700 مليون درهم، أما الثاني فهو سد يعقوب المنصور، بالجماعة القروية لويرغان (إقليمالحوز)، الذي دشنه، اليوم الإثنين، بكلفة مالية بلغت 630 مليون درهم. وسيمكن "سد الحسن الثاني"، الذي يعد أعلى منشأة مائية من حيث الخرسانة المدكوكة بالمغرب، بعلو يبلغ 115 مترا، من تخزين 400 مليون متر مكعب من المياه، وتنظيم 100 مليون متر مكعب سنويا. وتهدف هذه المنشأة إلى تأمين الحاجيات من الماء لدوائر السقي الصغير والمتوسط الموجودة بسافلة السد، على ضفاف وادي ملوية، التي تمتد على مساحة تناهز 7000 هكتار، وتدعيم السقي بملوية السفلى، المجهزة منذ أكثر من 30 سنة، والتي تبلغ مساحتها 65 ألف هكتار. كما تروم هذه المنشأة المائية، تحسين مستوى حماية ملوية الوسطى، والتجهيزات الأساسية بالسافلة من الفيضانات، والمساهمة في حماية سدي محمد الخامس، ومشرع حمادي، من حدة الحامولات، ومن التوحل علاوة على توفير7 ملايين متر مكعب من الماء، لتدعيم التزويد بالماء الشروب لمناطق ميدلت وزايدة وبومية وميسور والمراكز القروية المجاورة. ويتكون هذا المشروع المائي، الذي يعد من نوع ثقل الخرسانة المدكوكة بطول قمته 600 متر، من سد ومنشآت ملحقة، تضم أساسا مفرغين للحامولات، ومفرغ للقعر، ومأخذين للمياه، بالإضافة إلى منشآة التحويل المؤقت. وجرى تمويل هذا المشروع، الذي انطلقت أشغال بنائه سنة 2001، واستغرقت خمس سنوات، بفضل دعم من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، وكذا من الميزانية العامة للدولة. وتطلب بناء السد إنجاز 200 ألف متر مكعب من الحفريات، ووضع 620 ألف متر مكعب من الخرسانة. وعلى الرغم من أن سياسة بناء السدود المتبعة منذ الستينات ساهمت في حماية هذا "الذهب الأزرق" من النضوب، إلا أن ذلك لم يق من مواجهة نذرة هذه الثروة، خاصة مع توالي سنوات الجفاف، ما جعل الحكومة تعمل على وضع المخطط الوطني لتدبير الماء. ويرتكز المخطط على تدبير الطلب وإيجاد صيغ جديدة لضمان استدامة التزويد بالماء الصالح للشرب، كما تعتمد على اللامركزية، إذ إنه لتطبيق القانون المتعلق بالماء جرى إنشاء وكالة الأحواض المائية، لكي تكون أداة فعالة في التدبير اللامركزي للموارد المائية. وتقدر الموارد المائية في المغرب بنحو 20 مليار متر مكعب، منها نحو 75 في المائة عبارة عن مياه سطحية، ونحو 25 في المائة عبارة عن مياه جوفية. ومن الإكراهات المقلقة التي توجهها المملكة انخفاض حجم المياه القابلة للتنظيم والتفاوت بين التوقعات والمنجزات في أحجام المياه التي توفرها السدود والتوزيع المتفاوت في الزمان والمكان للموارد المائية والاستغلال المفرط للمياه الجوفية ب 20 في المائة، واستغلال إجمالي يفوق 100 في المائة، وسقي 570.000 هكتار (40 في المائة)، 54 في المائة من القيمة المضافة للفلاحة السقوية. إلى جانب الانخفاض المستمر لمستوى المياه بالطبقات المائية الجوفية، وتراجع صبيب العيون وانخفاض الصبيب الأساسي لمجاري المياه. أما تلوث المياه فيلفظ التلوث الحضري والصناعي 600 مليون م3 من المياه العادمة و3.3 ملايين معادل نسمة من طرف الصناعات ونسبة المعالجة 8 في المائة، في حين 80 محطة تنقية المياه العادمة، أكثر من نصفها لا يشتغل بشكل مرض. ويعد حوض ورغة، أحد أهم الأحواض المائية في المغرب، إذ يساهم ب 13 في المائة من المياه السطحية في المملكة، في حين وصل معدل وارداته المائية السنوية، في الفترة الممتدة ما بين 1939 و2006، إلى 2 المليار و877 مليون م3، بما نسبته 51 في المائة من الموارد المائية لحوض سبو.