قال أحد الكتاب الصحفيين ذات يوم أن المغرب يملك خاصية فريدة في التعامل مع المفاهيم المستجدة٬ ذالك أن السلطة عوض محاربة المفاهيم و الأفكار و مقارعة أصحابها فهي تلجأ الى تكتيك عجيب غريب وفي غاية الدهاء٬ يتمثل في تشويه السلطة لها باعطائها مدلولات و مقاصد غير تلك التي استحدثت من أجلها ٬كما حدث في الاستنساخ المشوه من طرف الدولة للتجربة الريادية للانصاف و المصالحة في جنوب افريقيا وبرنامج التنمية البشرية وغيرهما . "" ولعل أكبر المفاهيم خطورة وأكثرها تعرضا للتشويه في المغرب والذي عملت أجهزة الدولة فيه تحويرا و تأويلا هو مفهوم الديموقراطية . فاذا كان الوزير المنتدب في الداخلية السابق فؤاد عالي الهمة خرج على المغاربة بزاوية جديدة لاستقطاب مريدي ديموقراطية القصر جمعت أصحاب الحال و وزراء سابقين و حاليين و لاحقين في تنظيم هجين سماها ״حركة لكل الديموقراطيين״٬ لاهي بالحزب السياسي و لا بالجمعية المدنية ولا بالفريق البرلماني ولكن شيئ بينهما احتار في تصنيفها حتى محترفوا السياسة و فقهاء القانون٬ رفعت شعارات فضفاضة لا يمكن للمواطن البسيط الا أن يقف منبهرا أمامها وهو يتصور مغربا يطبق فيه جزء مما يدعو اليه هؤلاء الديموقراطيون الجدد. فها هي الدوائر الرسمية في آخر تخريجاتها الديموقراطية تبشر المغاربة "بخطة عمل وطنية في مجال الديموقراطية و حقوق الانسان" و التي تم الاعلان عنها في مناظرة وطنية يومي الجمعة و السبت 25و26 أبريل الجاري بمشاركة الحكومة والمجلس الاستشاري لحقوق الانسان و جمعية حقوقية مقربة للدوائر الرسمية .و الجديد الذي أتت به هذه الخطة حسب عرابها الوزير الأول عباس الفاسي هو" تجسيد ارادة الانتقال الديموقراطي بالتركيز على ترسيخ الحقوق الاجتماعية و الاقتصادية وتكريس المواطنة الفاعلة". و لاندري عن أي انتقال ديموقراطي يتحدث السيد الوزير الأول اذا علمنا أن الانتخابات التي أوصلته الى كرسي الوزارة الأولى قاطعها أزيد من 80 المئة من المغاربة وأنه هو شخصيا متابع -مع وقف التنفيذ- من طرف 30 ألف شاب مغربي بتهمة الاضرار المادي بهم في ما يسمى بفضيحة شركة النجاة عندما كان معاليه وزير التشغيل في الحكومة السابقة٬ كما لاندري عن أي مواطنة فاعلة يتحدث اللهم ان قصد بها تغليب مصالح عائلته و استوزار أقاربه ياسمينة بادو نزار بركة و لائحة طويلة ضدا على الكفائة المهنية وتكافوئ الفرص بين عموم المغاربة وهو انتهاك صريح لقيم المواطنة وخرق سافر لحق اقتصادي و اجتماعي يكفله الدستور وهو حق التشغيل . لكن الغريب في الأمر كله هو الدعم الأوربي الذي خصصته سفارة الاتحاد الأوربي للخطة المقدر ب 2 مليار سنتيم و لاندري ان صدق الأوربيون فعلا كذبة أبريل الرسمية المتعلقة بخطة الديموقراطية المغربية أم أن الدعم مقدم فقط للمزيد من الشماتة في المغاربة و خلق مواضيع جديدة للتندر و الضحك.