تقول الحكمة الواردة إلينا من الغرب إن "الفئران هي أول من يقفز من السفينة في حالات الغرق"، وهو ما ينطبق تماما على واقع النقابة الوطنية لمحترفي المسرح ببلادنا، حيث قدر على معشر المسرحيين المغاربة، للأسف أن يتكلف هذا الإطار" الغارق في الوحل" بالدفاع عن قضاياهم وملفاتهم المسرحية أمام الجهات الرسمية المعنية بالثقافة والفن في هذا البلد الذي أنعم الله عليه بكنوز طبيعة جعلته قبلة للعديد من الإنتاجات الفنية عبر العالم . الدليل على غرق سفينة المسرحيين المغاربة أن فئرانها "الكبيرة" نطت في جميع الاتجاهات، هروبا من على ظهرها لما تأكدت أي الفئران من اجتياح كميات ضخمة من المياه لجزئها السفلي ، خاصة بعد الفشل الذر يع الذي حققه "اختراع" ملف التغطية الصحية والذي طبلت و" غيطت" له تلك الفئران شوطا من الزمن، في حملة انتخابية واسعة و مسبوقة تمت على حساب المسرحيين المغاربة وفي غفلة منهم، اختتمت بتوزيع الورود من قبل الوزير "الاتحادي" السابق في الثقافة، إبان الإعلان عن تأسيس الاختراع الجديد "تعاضدية الفنانين"، في محاولة ثانية لإغراق المسرحيين في وحل من نوع آخر، وبشروط تعجيزية تقف مانعا أمامهم في تحقيق مطالبهم الاجتماعية المشروعة. مع أول صفارة إنذار نط الفأر الأول بالنقابة في رحلة مكوكية مكنته من تعويض شهري سمين تاركا، على حد تعبير إخواننا المصريين (الجمل بما حمل) منصرفا عنها أي النقابة إلى الضفة الأخرى ليقف في مواجهة مباشرة ضد المسرحيين، منضما إلى الجانب الرسمي للدولة، بعد أن قام بإنجازات مهمة في القطاع، أولها فرض الرقابة القبلية على العروض المسرحية من خلال دفاعه المستميت عن مصداقية لجنة الدعم المسرحي، التي شكلت بوجودها مقصا للرقابة على خيالات المبدعين، والتي كان يرأسها الوزير السابق في الثقافة، وقد صدقت الرؤيا بأنه كان يسعى جاهدا لشغل منصب مستشار بديوان الوزارة ذاتها، إلا أن عبقرية "الأشعري" كانت أكبر من أن تناوله مراده. كما قدم خدمات اجتماعية جليلة للعديد من المسرحيين المغاربة في مجال السكن، حيث أوهم الكثيرين بإمكانية التدخل لفائدتهم لدى مؤسسات البناء مروجا في أحايين كثيرة أن أسرة المسرحيين ستستفيد من مساكن متوسطة بما قيمته 16 مليون سنتيم، يتم اقتطاعها بالتقسيط المريح، لكن الأيام كانت كفيلة بكشف الستار عن جوانب مهمة من هذا الخطاب ... هناك فئران أخرى قفزت أسوة بفارسها الأكبر، لكنها سلكت منحى آخر أكثر حرفية منه، حيث اكتفت بالوقوف على ظهر السفينة الغارقة، تنتهز الفرص باسمها في كل الجهات، فتجدها تستفيد من تعويضات من حساب وزارة الثقافة، من خلال عضويتها بلجنة الدعم المسرحي، وكذا برئاستها لبعض التظاهرات الفنية من تحت غطاء النقابة . في حين تعيش الأسرة المسرحية ألوانا من المشاكل، وجملة من قضاياها لا تزال عالقة في الرفوف تنتظر الذي قد يأتي أو لا يأتي، فيما حلقت الفئران في السماء تنتعش من التآمر على مصالحها.إنه فعلا زمن الفئران بامتياز. إسماعيل بوقاسم صحفي بأسبوعية المشعل ""