في الصورة وزيرة الثقافة ثريا جبران قدم عبد الواحد الراضي وزيرنا "الاتحادي" في العدل، تقريرا ورديا عن ارتفاع مستويات احترام الدولة المغربية لحقوق الإنسان بمملكة محمد السادس، فتمكن (هذا الفارس) بفضل خبرته النضالية الواسعة في صفوف حزب "القوات الشعبية" أن يقنع غالبية الدول الأعضاء بالمجلس العالمي لحقوق الإنسان، بحسن نية الحكومة الحالية في تدبيرها للمجالات الحقوقية، مما دفعهم إلى الإشادة بمحتويات التقرير المرفوع أمام أنظارهم، وهو الفعل الذي أثار حفيظة الجمعيات والهيئات الحقوقية بالمجتمع المدني المغربي ودفعها إلى رفع تقرير مشترك "مضاد"، توضح من خلاله لذات الدول حقيقة ما يجري من انتهاكات لحقوق الإنسان بالمملكة. وسط هذه الأجواء المشحونة وجدتني ملزما بتسليط الضوء على جانب مهم يرتبط هو الآخر بتقزيم حرية التعبير في هذا البلد الذي لا يجيد سوى تلميع الكلام وتنميق الجمل، لا أقصد بالطبع حرية التعبير والرأي بواسطة الصحافة، لأن هذه الأخيرة باتت معروفة لدى (العادي والبادي)، إنما أعني تلك الأشكال من الحصار المضروب من قبل وزارة الثقافة بواسطة لجنة دعمها المسرحي على حريتي التعبير والرأي المرتبطتين بالفعل المسرحي، حيث لم يعد مسموحا للمبدعين المسرحيين المغاربة بتجاوز هوامش الحرية التي أضحت ترسم حدود جغرافيتها الضيقة لجنة هذا الدعم، تلك التي تحولت بقدرة قادرة من لجنة لتقييم الإبداعات والمشاريع المسرحية إلى لجنة للرقابة القبلية على الملفات المسرحية المرفوعة أمامها من جميع ربوع المملكة. حيث لم يعد همّ هذه اللجنة سوى الاجتهاد قدر استطاعتها في رفع علامات قف ووضع إشارات المنع في وجه جميع المشاريع المسرحية التي تحمل ولو قليلا من الجرأة في تحليلها أو تقديمها للواقع المغربي المعاش، الشيء الذي أصبح ملزما للكتاب والمبدعين المسرحيين المغاربة تقديم نصوص خاوية على عروشها، مما أفقد الأعمال المسرحية المقدمة في إطار دعم وزارة الثقافة، لونها وطعمها اللذين تستمدها من هامش الحرية، وهو الأمر الذي انعكس سلبا على نفسية الجمهور وأدى بالتالي إلى عزوفه عن ارتياد المسارح، مما يعني أن اختراع الوزارة لهذه اللجنة أشبه ما يكون بالحق الذي يراد به باطل، وهي الخطوة التي دشنها الوزير "الاتحادي" السابق (محمد الأشعري) وسارت على هذيها الوزيرة الحالية (ثريا جبران) بنفس الطموح ودرجات الارتياح أيضا. لوزارة الثقافة الحق في الدفاع عن مشروعها الثقافي الرسمي الذي يرسم خطوطه العريضة المجلس الوزاري الذي يرأسه الملك، وأن تجتهد هذه الوزارة عبر جميع القنوات لتوجيه مشاريعنا المسرحية حسب سياستها العامة وخطها الرسمي "حتى النخاع"، وأن تسخر لتحقيق هذه الغاية ثلة من موظفيها بالوزارة وبعض المحسوبين على المجال الثقافي بالبلاد، ممن يهرولون في كل الاتجاهات لقضاء مآربهم الخاصة والذاتية الضيقة على حساب مشروعنا الثقافي الحقيقي الذي تحمله ذاكرتنا الشعبية رغم الترويج الزائف والمتواصل لثقافات على المقاسات المخزنية. في المقابل يحق لنا نحن معشر المغاربة وبنفس القدر الذي يحرك المطامع الرسمية، أن ندافع عن تحرير قطاعنا المسرحي والدرامي عموما من هيمنة الأجهزة الرسمية بالمملكة، وأن نعلن بكل جرأة أن الأعطاب التي تلف منتوجاتنا المسرحية والتلفزية والسينمائية مرجعها للرقابة المشددة المضروبة على رقاب المبدعين المغاربة، فكم فيلم ومسلسل تلفزيوني مغربي تحول بفعل الرقابة إلى مهزلة تلفزيونية، وكذلك الأمر بالنسبة للسينما، أما المسرح فهو الضحية الأولى لمقص الرقابة والمتضرر بصفة مباشرة من تداعيات الحصار المضروب على الإبداع في المغرب. فإذا كانت المنظمات والهيئات الحقوقية النسائية تدافع عن قضايا المرأة، وإذا كان لكل قطاع إطار تنظيمي يدافع عن حقوقه، فمن يا ترى يدافع عن حق الفنانين في التعبير عن إبداعاتهم بكل حرية؟ ومن يملك القدرة على حماية حقوق الفنانين من سطوة وبطش مقص وزارتي الثقافة والاتصال؟ قد يقول قائل إن (النقابة الوطنية لمحترفي المسرح) تقوم بذلك، فأقول بكل جرأة لا أعتقد!! إسماعيل بوقاسم صحفي بأسبوعية المشعل ""