بعد مسلسل هيتشكوكي طويل لاختيار المدرب الجديد للمنتخب الوطني خلفا للبلجيكي إيريك غيريتس المُقال، أعلنت الجامعة الملكية لكرة القدم أخيرا عن اسم رشيد الطاوسي مدربا للمنتخب عكس أغلب التوقعات التي كانت تميل لاختيار بادو الزاكي ناخبا وطنيا استنادا إلى المطلب الشعبي. ورجحت العديد من المعطيات والأسباب كفة رشيد الطاوسي لتولي قيادة دفة المنتخب على حساب بادو الزاكي منها: 1: قبل 48 ساعة من إعلان اسم الناخب كانت العديد من التفاصيل بدأت تتضح بخصوص اختيار الجامعة ووزارة الشباب والرياضة للناخب الوطني الجديد. وحتى وإن كانت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم قد أسندت لجنة مختصة لتقييم عروض المدربين المرشحين لتدريب المنتخب وهي اللجنة التي حملت اسم "لجنة أكرم" إلا أن تصريحا لوزير الشباب والرياضة محمد أوزين لإحدى اليوميات الناطقة بالفرنسية قبل 48 ساعة من اختيار الناخب الوطني كانت كافية لتعطي التوجه العام الذي تميل إليه جامعة الكرة بتوافق مع الوزارة الوصية عن قطاع الرياضة لاختيار المدرب المقبل للمنتخب، حيث أكد أوزين في حواره "أن اختيار المدرب الجديد للمنتخب لن يتحكم فيه اسم المدرب على الساحة المغربية بقدر ما ستتحكم فيه السيرة الذاتية"، وهو ما جعل اختيار رشيد الطاوسي مسألة وقت ليس إلاّ بحكم السيرة الذاتية التي يتوفر عليها كمدرب والتي تعتبر أفضل من سيرة بادو الزاكي الذي كان مطلبا شعبيا بعد أن أوصل المنتخب الوطني إلى نهائي كأس أمم إفريقيا بتونس سنة 2004. 2: في لقائه مع أعضاء "لجنة أكرم" بعد مناقشة عرضه أمام اللجنة خرج بادو الزاكي ليعلنها مدوية: "لن أبيع الوهم للشعب". تصريح الزاكي اعتبر حينها أن هناك خلافات جوهرية في التصور العام الذي تريده الجامعة من المدرب المقبل للمنتخب الوطني لكرة القدم. حيث مال الزاكي أثناء تقديم عرضه إلى وجوب تضمين العقد الوقت الكافي لإعداد منتخب وطني قادر على المنافسة، وحدد كأس إفريقيا 2015 التي ستقام بالمغرب موعدا لهذه المنافسة مع العمل على البحث عن ورقة التأهيل إلى كأس إفريقيا أمام الموزمبيق وكأس العالم في مجموعة الكوت ديفوار رغم الآمال الضعيفة للوصول إلى النهائيات. جامعة كرة القدم لم تكن مقتنعة بالعرض الذي قدمه الزاكي وبدت كأنها تريد التنصل منه ومن ثقل المطالب الشعبية به، وذلك من خلال تحديد مصيره بمباراة واحدة وهي مباراة الموزمبيق في 13 من الشهر القادم بالملعب الكبير بمراكش والتي يحتاج فيها المنتخب للانتصار بأكثر من هدفين لبلوغ نهائيات كاس إفريقيا السنة المقبلة بجنوب إفريقيا. وبدا واضحا بعد لقاء الزاكي ب"لجنة أكرم" أن الزاكي تذيل قائمة المرشحين لأسباب في نظر الجامعة ذاتية وأخرى موضوعية. 3: في الوقت الذي كانت هناك حملات في الشارع وعلى المواقع الاجتماعية لدعم اختيار نجم منتخب مكسيكو 86 بادو الزاكي لقيادة المنتخب الوطني، كانت الجامعة ترى أن هذا الاختيار سيكون عاطفيا أكثر منه موضوعيا. جامعة علي الفاسي الفهري وجدت وصفتها السحرية لإبعاد الزاكي وترجيح كفة رشيد الطاوسي وذلك من خلال "البروفايل". فسيرة الطاوسي مليئة بالانجازات ودرايته بالأدغال الإفريقية واسعة من خلال إشرافه على تدريب منتخب الفتيان (1994) ومنتخب الشبان (1995 -1997) والمنتخب الأولمبي 1998-1999). كما عمل الرجل مديرا تقنيا للمنتخبات الوطنية (2000-2002)، وحقق للمغرب أول لقب إفريقي مع منتخب الشبان سنة 1997 التي نظمت بالمغرب، مع بلوغه ربع نهاية كأس العالم للشبان بماليزيا (1997). كما أن سيرته رفقة الأندية الوطنية تعتبر جيدة بعد أن قاد المغرب الفاسي للفوز بثلاثية تاريخية. كأس العرش وكأس الكونفدرالية الإفريقية والكأس الإفريقية الممتازة سنة 2011. في حين أن بادو الزاكي لا يحمل سجله كمدرب إلاّ الفوز رفقة الوداد البيضاوي بكأس العرش سنة 1999 مع وصوله رفقة الفتح الرباطي إلى نصف الكأس ذاتها موسم 1993/ 1994، وكذا نهائي كأس الاتحاد الإفريقي سنة رفقة الوداد سنة 1999 وكأس العرب رفقة ذات النادي سنة 2009 ونهائي كأس إفريقيا 2004 رفقة المنتخب المغربي. كل هذه المعطيات الخاصة ب"البروفايل" رجحت كفة الطاوسي على بادو الزاكي رغم الدعم الشعبي الذي حضي به الأخير. 4: في الوقت الذي كان اسم بادو الزاكي مطلبا شعبيا، كان العديد من لاعبي المنتخب سابقا يعارضون هذا الاختيار ويفضلون رشيد الطاوسي على اسم الزاكي. عزيز بودربالة في تصريح ل"هسبريس" أكد صراحة معارضته لاختيار الزاكي مدربا للمنتخب الوطني لأسباب رآها موضوعية لخصها في أنه "ليس برجل المرحلة". غير أن رأي بودربالة بقي مفيدا للاستهلاك الإعلامي فقط، في الوقت الذي كان هناك صوت مؤثر داخل دواليب الجامعة و"لجنة أكرم" لا يخفي رفضه المطلق للزاكي مدربا للمنتخب والأمر يتعلق هنا بنور الدين النيبت اللاعب الدولي السابق الذي بدأت خلافاته مع الزاكي حينما كان النيبت عميدا للمنتخب والزاكي مدربا. حيث استبعده الزاكي من التشكيلة التي واجهت كينيا ضمن اقصائيات كأس العالم 2006، قبل أن يستبعده نهائيا عن المنتخب في مباراة تونس الحاسمة ضمن تصفيات كأس العالم 2006 والتي دفعت بالنيبت بعدها بمدة ليست بالطويلة إلى إعلان اعتزاله اللعب دوليا. عداوة النيبت والزاكي بقيت ثابتة وانتقلت إلى "لجنة أكرم" حيث نزل نور الدين النيبت رفقة حكيم دومو رئيس النادي القنيطري بثقلهما لترجيح كفة رشيد الطاوشي على حساب بادو الزاكي. مصادر أخرى أكدت أن صعوبة وصرامة بادو الزاكي في التعامل مع أعضاء الجامعة كانت عاملا آخر في عدم اختيار الزاكي مدربا للمنتخب الوطني، مما جعل الأسباب تتعدد لإقصاء الزاكي من قيادة المنتخب، لكن النتيجة ظلت واحدة وهي تعيين رشيد الطاوسي مدربا للمنتخب الوطني خلفا لإيريك غيريتس.