(1) إن المبدأ الذي كان يوجه البرنامج الاستعجالي وأهدافه الرئيسية حسب واضعيه هو جعل المتعلم في قلب منظومة التربية والتكوين، وجعل الدعامات الأخرى في خدمته، وذلك بتوفير تعلمات ترتكز على المعارف والكفايات الأساسية التي تتيح للتلميذ إمكانيات التفتح الذاتي، وتوفير مدرسات ومدرسين على إلمام بالطرق والأدوات البيداغوجية اللازمة لممارسة مهامهم، ويعملون في ظروف مواتية، وتوفير مؤسسات ذات جودة تمكن التلميذ والتلميذة من ظروف عمل مناسبة لتحقيق التعلم. لذلك، وانسجاما مع توجيهات الميثاق الوطني للتربية والتكوين، واعتمادا على التوجهات التي حددها تقرير 2008 للمجلس الأعلى للتعليم، اقترح البرنامج الاستعجالي خطة عمل تتوخى تحقيق أربعة أهداف أساسية تمثل مجالات التدخل ذات الأولوية: • التحقيق الفعلي لإلزامية التمدرس إلى غاية سن 15 سنة، مع ربط ذلك بتعميم التعليم الأولي. • حفز روح المبادرة والتفوق في المؤسسة الثانوية وفي الجامعة. • مواجهة الإشكالات الأفقية للمنظومة التربوية، وإيجاد الحلول الناجعة لها من أجل إنجاح الإصلاح. • اعتماد سياسة مضبوطة تروم ترشيد الموارد المالية مع العمل على توفيرها بشكل مستدام. وقد اعتُبر نجاح إنجاز البرنامج الاستعجالي رهين توفر شرطين أساسيين: التغيير العميق لأساليب التدبير عبر اعتماد مقاربة المشروع، ووضع عدة متينة لقيادة مراحل إنجاز مقتضيات البرنامج الاستعجالي تمكن نظام القيادة من الوسائل التي تضمن له سبل النجاح. وتم الإلحاح على أنه بالموازاة مع مشاريع البرنامج، التي تنشد تسريع وتيرة تطبيق الإصلاح، ستنكب الوزارة بتعاون مع الهيئة الوطنية للتقويم التابعة للمجلس الأعلى للتعليم على إنجاز تقويم معمق لتطبيق الميثاق انطلاقا من سنة 2009، وذلك بوضع حصيلة كاملة لما تم إنجازه منذ سنة 2000، بالارتكاز على مؤشرات ملائمة، بواسطة سيرورة مضبوطة، ومعطيات موضوعية وذات مصداقية أكيدة. وأخيرا تمحور البرنامج الاستعجالي حول المجالات الأربعة السالفة الذكر، والتي اعتبرها تقرير المجلس الأعلى للتعليم سنة 2008 ذات أولوية حاسمة، حيث كان يهدف إلى ترجمتها عمليا على أرض الواقع. وسعيا وراء تحقيق فعالية قصوى لهذا العمل، تم الإعلان عن تبني منهجية جديدة تعتمد على خمسة مكونات أساسية هي: 1. تحديد برنامج طموح ومضبوط في أدق تفاصيله: مجالات التدخل، المشاريع، مخططات العمل، الجدولة الزمنية، الموارد التي يتعين تعبئتها. 2. اعتماد رؤية تشاركية ترتكز على إشراك مجموع الفاعلين الأساسيين داخل منظومة التربية والتكوين، في تطبيق البرنامج الاستعجالي. 3. الانخراط القوي للفاعلين في الميدان لضمان تطبيق الإجراءات المحددة بصورة تعتمد مبدأ القرب، بغاية إعطائها بعدا عمليا وملموسا. 4. وضع عدة للتتبع عن قرب تسمح بالتحكم الكامل في عملية تطبيق البرنامج الاستعجالي. 5. وضع أرضية لتدبير التغيير والتواصل من شأنها ضمان انخراط الجميع، وكذا بث روح التغيير في كل مستويات المنظومة. فهل كان واضعو ومهندسو ومنفذو البرنامج الاستعجالي أوفياء لما أعلنوا عنه في المنطلق؟ وهل كانت النتائج تعكس بشكل فعلي ما كان متوقعا للبرنامج أن يحدثه من أثر إصلاحي؟ لا يمكن لأي متتبع للشأن الإصلاحي على المستوى التربوي، ولو في غياب حصيلة مدققة، ألا يقف عند بعض التراكمات الإيجابية الخاصة بتطوير مفهوم جديد للتعليم الأولي، لكن دون التمكن من إرسائه وتوسيعه، كما لا يمكنه تجاوز ما تم تحقيقه على مستوى توسيع العرض التربوي للتعليم الإلزامي، لكن دون التمكن من تجاوز المشاكل التي ارتبطت به من قبيل نسب التكرار وضعف القدرة على التحصيل والتمكن من معدلات الانتقال من مستوى دراسي إلى آخر، ونفس الأمر فيما يتعلق بالتقدم الحاصل على مستوى تأهيل المؤسسات التعليمية، لكن دون التمكن من التجهيز والترميم والصيانة بشكل شامل. ولا يخفى على الجميع ما تم القيام به من جهد في إطار تكافؤ فرص ولوج التعليم الإلزامي، عبر دعم التمدرس وتقديم مساعدات مادية، لكن دون أن تجيب عن الحاجات والانتظارات القائمة بشكل كلي، ودون أن تشكل قاعدة ارتكاز للقضاء الكلي على ظواهر عدم الالتحاق والتكرار والانقطاع عن الدراسة، وهو الشيء الذي يدعونا إلى التساؤل عن مدى ما تحقق على مستوى التدابير الخاصة بإحداث جهاز للتتبع الفردي للتلاميذ وجهاز الدعم البيداغوجي لفائدة التلاميذ المتعثرين والدورات التأهيلية لمحاربة ظاهرة التكرار، كما تم الإعلان عنه في البرنامج الاستعجالي ذاته. أما على مستوى تطوير العدة البيداغوجية، فيمكن استخلاص أنه بالإضافة إلى سلبية عدم تركيز البرنامج الاستعجالي على الاهتمام بالاستمرار في تعزيز عملية تجديد المناهج والبرامج والكتب المدرسية، بما يمكنه من تثبيت المكتسبات الإصلاحية المحصل عليها من خلال تجربة الميثاق الوطني للتربية والتكوين، هناك مشكل أساسي فيما يخص إتمام تطبيق مقاربة التدريس بالكفايات من خلال تجريب آليات التدريس ببيداغوجيا الإدماج، والملاءمة بين البحث والتجديد التربوي وحاجيات المنظومة، فقد لاحظ الجميع كيف استنزف هذا المشروع جزءا كبيرا من الميزانية المخصصة للبرنامج دون أن يكون لها أي انعكاس على مستوى تحقيق الغاية منه، إذ لم تكتمل العملية لا في شقها المرتبط بالتجريب ولا في الشق ذي الصلة بالتعميم، وبالتالي كان هذا المشروع عرضة لقرار الإلغاء من طرف القيادة الجديدة لقطاع التربية الوطنية، دون القيام بأية عملية تقييمية لهذا المشروع. وفيما يخص أمر تحسين جودة الحياة المدرسية، عبر أجرأة كيفيات تنظيم وتدبير المؤسسات التعليمية وتدبير الوقت المدرسي وتطوير الأنشطة الفنية والتفتح وإرساء قيم المواطنة، فإن واقع حال مؤسساتنا التعليمية ينطق بما يفيد أن دار لقمان لا زالت على حالها، اللهم إذا تعلق الأمر ببعض الإجراءات المعزولة وغير المؤثرة، والسيل العارم من المذكرات التي لا ترى طريقها على الإنجاز على مستوى الواقع الميداني للمؤسسات التعليمية. إلى درجة أن المعنيين بقطاع التربية الوطنية قد يتعرفون على الإصلاح من خلال الوثائق ولا يلمسونه في واقع الحياة المدرسية داخل المؤسسات التعليمية. ونفس الأمر ينطبق على مشاريع من قبيل تشجيع التميز عبر إحداث ثانويات مرجعية وثانويات التميز وحفز التفوق، التي بالرغم مما بذل في إطارها من جهد فقد طالها قرار الإلغاء من طرف القيادة السياسية الحالية للقطاع دون أي تقييم، وهكذا بالنسبة لتعزيز كفاءات الأطر التربوية عبر التكوين الأساسي وتحديد شروط ولوج مهن التربية وتعزيز التكوين المستمر، إذ باستثناء التكوينات التي طالت المعنيين ببيداغوجيا الإدماج تأطيرا وتأليفا مركزيا وجهويا، لا تكاد تذكر أية مجهودات إضافية في هذا السياق، ونفس الأمر بالنسبة لتعزيز آليات التأطير والتفتيش بالتعليم المدرسي. لقد مكن الإصلاح، عبر الميثاق والبرنامج الاستعجالي، من إرساء لبنات نموذج بيداغوجي جديد، وأبانت المنظومة، عن قدرة حقيقية على تعبئة إمكانات هامة للمضي قدما في ورش الإصلاح، وتعزيز البنيات التحتية التربوية، ووضع هياكل مؤسساتية وتنظيمية واعدة في مسار تحديث المدرسة. وعلى الرغم من هذه المكتسبات الأكيدة، فلا أحد يمكنه اليوم أن يتجاهل اختلالات منظومتنا التربوية، فكثير من الأطفال ما زال يغادر المدرسة دون مؤهلات، وتبقى ظاهرة التكرار، التي تغذي صفوف المنقطعين عن الدراسة، مصير العديد من التلاميذ، أما الأمية فما تزال نسبها مرتفعة، وتحول دون استفادة اقتصادنا ومجتمعنا من طاقات هي في أمس الحاجة إلى اكتشافها، ويبقى أمر إرساء وتعميم التعليم الأولي معلقا بالرغم من الجهود المبذولة، وتظل جودة عرض التربية ما قبل المدرسية حكرا، في الغالب، على بعض الأسر، والحقيقة أن مدرستنا لم ترق بعد إلى أن تصبح مؤسسة للاندماج بفرص متكافئة. وما تزال عدة نقائص بيداغوجية وتنظيمية قائمة؛ فجودة التعلمات الأساسية، )القراءة، الكتابة، الحساب، والتحكم اللغوي(، وطرائق التدريس، والمعينات الديداكتيكية تظل محدودة بالنسبة للتلاميذ الذين يتمكنون من البقاء في المنظومة. وبالنسبة لمدرسينا وأساتذتنا، فإنهم لا يحظون بالتكوين والدعم الكافيين، للقيام بالمهام المنوطة بهم على الوجه الأمثل. البرنامج الاستعجالي (2) إن المبدأ الذي كان يوجه البرنامج الاستعجالي وأهدافه الرئيسية هو جعل المتعلم في قلب منظومة التربية والتكوين، وجعل الدعامات الأخرى في خدمته، وإننا اليوم على بعد ثلاث سنوات من التنفيذ للبرنامج يمكن الجزم بأن ما تم توفيره من تعلمات ترتكز على المعارف والكفايات الأساسية التي تتيح للتلميذ إمكانيات التفتح الذاتي فقد تم في ظل تنفيذ الميثاق الوطني للتربية والتكوين، عبر آليات التجديد البيداغوجي التي طالت المناهج والبرامج والكتب المدرسية والمعينات الديداكتيكية، دون أن يقوم الساهرون على تنفيذ البرنامج الاستعجالي بتقييم وتقويم ما تم إنجازه في هذا السياق، والاكتفاء باقتراح اعتماد بيداغوجيا الإدماج كمكمل للاختيارات البيداغوجية السابقة. أما فيما يخص توفير مدرسات ومدرسين على إلمام بالطرق والأدوات البيداغوجية اللازمة لممارسة مهامهم، ويعملون في ظروف مواتية، فإن هذا الجانب ظل من النواقص الكبرى سواء بالنسبة للميثاق الوطني للتربية والتكوين أو بالنسبة للبرنامج الاستعجالي، وبذلك بقيت الأغلبية الساحقة من المدرسات والمدرسين في منآى عن التملك المعرفي والتربوي للإصلاحات البيداغوجية المعتمدة، وهو ما ساهم بدوره في الابتعاد عن توفير مؤسسات ذات جودة تمكن التلميذ والتلميذة من ظروف عمل مناسبة لتحقيق التعلم. ومن ثمة يمكن استخلاص أن خطة عمل البرنامج الاستعجالي التي كانت تتوخى تحقيق أربعة أهداف أساسية، لم تنجح سوى في التحقيق الكمي والنسبي لإلزامية التمدرس إلى غاية سن 15 سنة، دون ربط ذلك بتعميم التعليم الأولي، ودون أن ترقى إلى مستوى حفز روح المبادرة والتفوق في المؤسسة الثانوية وفي الجامعة، وإلى مستوى مواجهة الإشكالات الأفقية للمنظومة التربوية وإيجاد الحلول الناجعة لها من أجل إنجاح الإصلاح، وإلى مستوى اعتماد سياسة مضبوطة تروم ترشيد الموارد المالية. فرغم توفير الشرطين الأساسيين اللذين اشترطهما واضعو البرنامج الاستعجالي، المتمثلين في: 1 تغيير أساليب التدبير عبر اعتماد مقاربة المشروع، 2 وضع عدة لقيادة مراحل إنجاز مقتضيات البرنامج الاستعجالي تمكن نظام القيادة من الوسائل التي تضمن له سبل النجاح، لم يفلح البرنامج الاستعجالي في الوصول إلى تحقيق أهدافه وغاياته. بل إن وعد البرنامج بالانكباب على إنجاز تقويم معمق لتطبيق الميثاق انطلاقا من سنة 2009 بتعاون مع الهيئة الوطنية للتقويم التابعة للمجلس الأعلى للتعليم، وذلك بوضع حصيلة كاملة لما تم إنجازه منذ سنة 2000، بالارتكاز على مؤشرات ملائمة، بواسطة سيرورة مضبوطة، ومعطيات موضوعية وذات مصداقية أكيدة، فإنه لم يتحقق إلا من خلال تقرير وحيد صادر بتاريخ ماي 2009، ويتعلق بجانب موضوعاتي جزئي يهم تقويم التحصيل الدراسي فقط دون غيره من المجالات الأخرى المعنية بالإصلاح، ودون أن يعقبه أي تقرير آخر بخصوص وضع حصيلة لما تم إنجازه منذ سنة 2000. وهو ما يطرح صعوبات جمة للمتتبعين والمهتمين بشأن الإصلاح التربوي، على مستوى تتبع وتيرة الإنجاز، كما يطرح أكثر من علامة استفهام حول عدم قدرة البرامج الإصلاحية التربوية برمتها على الوفاء بوضع عدة تقويمية لمساراتها، والأمر في اعتقادنا مرتبط بإشكالية المفارقة الحاصلة بين مشاريع الإصلاح والقدرة على تنفيذها وتطبيق إجراءاتها على أرض الواقع. فقد يتم الإعلان عن اعتماد منهجية جديدة لتحقيق فعالية قصوى للعمل الإصلاحي، لكن سرعان ما تصطدم كل المنهجيات الإصلاحية المعتمدة بمعطى صعوبات التنفيذ، ويبقى السؤال مطروحا من جديد حول مكونات المنهجية المعتمدة من طرف البرنامج الاستعجالي، سواء من حيث تحديد برنامج طموح ومضبوط في أدق تفاصيله: مجالات التدخل، المشاريع، مخططات العمل، الجدولة الزمنية، الموارد التي يتعين تعبئتها، أو من حيث اعتماد رؤية تشاركية ترتكز على إشراك مجموع الفاعلين الأساسيين داخل منظومة التربية والتكوين، في تطبيق البرنامج الاستعجالي، أو من حيث الانخراط القوي للفاعلين في الميدان لضمان تطبيق الإجراءات المحددة بصورة تعتمد مبدأ القرب، بغاية إعطائها بعدا عمليا وملموسا، أو من حيث وضع عدة للتتبع عن قرب تسمح بالتحكم الكامل في عملية تطبيق البرنامج الاستعجالي، أو من حيث وضع أرضية لتدبير التغيير والتواصل من شأنها ضمان انخراط الجميع، وكذا بث روح التغيير في كل مستويات المنظومة. وإذا كان البرنامج الاستعجالي قد أكد منذ البداية على أنه استخلص دروسا رئيسية من التجارب الإصلاحية الماضية، دون أن يحددها بالدقة المطلوبة، فإننا اليوم إزاء تقييم يقوم أساسا على مدى استحضار هذه الدروس على مستوى التنفيذ والأجرأة لا على مستوى التخطيط والبرمجة، إذ يتضح أن الاعتماد على منهجية تفادي تقديم الحصيلة المرحلية والدورية للبرنامج على مدى الثلاث سنوات الماضية من انطلاق تنفيذ البرنامج يفيد بأن هناك مشاكل حقيقية على هذا المستوى الذي تم الوقوف عليه، سواء من خلال الميثاق الوطني للتربية والتكوين أو تقرير الخمسينية أو تقرير المجلس الأعلى للتعليم لسنة 2008. فواضعو البرنامج والساهرون على إنفاذه لم يوثقوا كل الإجراءات والعمليات ذات الصلة ببلورة وصياغة المخطط الاستعجالي، خاصة تلك المرتبطة بالإشراك الفعلي للطاقات والكفاءات على مستوى الجهات، كما لم يوثقوا الصعوبات والعراقيل الجمة التي لاقوها أثناء عملية جرد حصيلة المنظومة التربوية في كل مشروع من مشاريع المخطط الاستعجالي قبل أن يتم الانتقال به إلى برنامج محدد مبني على مشاريع، وكل مشروع قائم على موضوعات، وكل موضوع يرتكز في عمليات الأجرأة على مجموعة من التدابير، وهي كلها تدابير كانت في الحاجة إلى إجراءات وعمليات محددة ومضبوطة لم يتم الإعلان عنها في البرنامج ذاته ولا توثيقها في حصيلة دورية. إضافة إلى أن البرمجة الزمنية لكل العمليات المرتبطة بأجرأة مشاريع البرنامج الاستعجالي عرفت تعثرات وتأخرات بفعل غياب التنسيق المطلوب والمفروض بين مختلف المصالح داخل الإدارة المركزية، وبينها وبين الإدارة الجهوية والإقليمية، وقد تعمق هذا المشكل وتفاقم حين ارتبط الأمر بجرد الإحصاءات الكمية والنوعية داخل المؤسسات التعليمية بخصوص التقويم التشخيصي للميدان التربوي في علاقته بمشاريع البرنامج ذاته، وهو ما أدى إلى تأخر واضح في بلورة وصياغة البرنامج الذي انطلق التخطيط له بمجرد التغيير الحكومي الذي وقع سنة 2007، ولم يتم التمكن من الانطلاق في تنفيذه إلا في غضون سنة 2009. وهنا تبرز الإشكالات الحقيقية التي تتخبط فيها المنظومة التربوية، سواء على مستوى التدبير الإداري غير المحترف في مجال التنسيق بين الإدارة المركزية والجهوية والإقليمية والمحلية، أو على مستوى التوثيق غير المهني لمجموع العمليات الجارية على أرض الواقع داخل المؤسسات التعليمية والإدارات المحلية والإقليمية والجهوية، أو على مستوى التحديد الزمني غير المضبوط الذي تتطلبه كل العمليات الإجرائية الخاصة بالتدابير التي يقتحرحها كل مشروع من مشاريع البرنامج الاستعجالي، أو على مستوى تحديد التكلفة المالية لهذه العمليات في ارتباطها بحجم التنقلات واللوجستيك المطلوب لتنفيذها، وهو ما يجعلنا في منآى عن أن نكون قادرين على رصد حصيلة مشروع معين في زمن محدد بتراكمات وصعوبات وتعثرات ونواقص وأخطاء واضحة، يمكن أن تشكل دروسا لأية تجربة إصلاحية لاحقة. إضافة إلى كون عدم القدرة على رصد كل ما ذكر من تراكمات واختلالات، أو على الأقل غياب الشجاعة الكافية للإعلان عنها في حصيلة موثقة ومضبوطة، هو ما جعل البرنامج يسقط في نفس الفخ الذي سقطت فيه التجارب الإصلاحية السابقة، من حيث اتساع الهوة بين التشخيص وتقديم الوصفة العلاجية في شكل برنامج من ناحية، ومن ناحية أخرى بينهما الإثنين وبين الأجرأة التي لا ترقى إلى مستوى الطموح المعبر عنه إبان التخطيط والبرمجة. علما بأن أصحاب البرنامج أعلنوا عن أنهم يتوفرون على العدة اللازمة والموارد الضرورية لمباشرة الإصلاح ميدانيا، بنجاعة وفعالية، وعبر منهجية مبدعة ومجددة، وهو للأسف ما لم تبرز ملامحه بعد الوصول إلى الأشواط النهائية من تنفيذ البرنامج، وهو ما سيجعل البحث والدراسة في شأن تطوير البرامج الإصلاحية بمنطق التجاوز الإيجابي للتعثرات أمرا مستعصيا ومتطلبا لجهد كبير على مستوى تجميع المعطيات من داخل المنظومة ذاتها. (3) إن الدينامية الإصلاحية القوية التي تشهدها بلادنا، في العقدين الأخيرين، والاهتمام الملكي الخاص لإصلاح منظومة التربية والتكوين، والدعم الحكومي القوي لتمويل البرنامج الاستعجالي، كل ذلك شكل فرصة تاريخية وسانحة للقيام بتأهيل شامل للمنظومة التربوية، وتحسين نوعي ومتواتر لمردوديتها. لكن، ونحن على مشارف انتهاء السنة الرابعة والأخيرة من البرنامج يتأكد عمليا أننا لم نحسن استثمار هذه الفرصة التاريخية بالنظر إلى الطموح ذي الصلة بالتأهيل الشامل، على الرغم مما تحقق من تراكمات إيجابية بادية للعيان في بعض المجالات، والتي لم تكن كافية للإجابة عن العديد من المعضلات التي لا زالت قائمة. ولعل الأمر في اعتقادنا مرتبط أشد الارتباط بمنهجية العمل المعتمدة في التجارب الإصلاحية كلها، إذ بدل أن نركز في مخططاتنا وبرامجنا الإصلاحية على المقاربة المبنية على منطق الأولويات في مباشرة إصلاح المنظومة، نميل إلى التركيز على الإصلاح الشامل ذي المداخل المتعددة والمتنوعة، وهو أمر إذا كان له ما يبرره على مستوى ما راكمته المنظومة من اختلالات، وكذا على مستوى الرغبة في التخلص من آثار تلك الاختلالات في أقرب وقت ممكن، حتى يتسنى للمنظومة أن تباشر القيام بأدوارها أمام الأجيال الصاعدة، إلا أنه قد يكون معيبا من جانبين؛ الأول مرتبط بالإمكانات والإمكانيات المرصودة لهذا القطاع الذي لا يتنازع اثنان في كونه يحتل أهمية قصوى في مجال التنمية، على الرغم من محدودية الموارد المالية داخل المزانية العامة للدولة، وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى المزيد من إرهاق مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية، لكن دون الوصول إلى ما كان المجتمع ينتظره من نتائج إصلاحية ملموسة توازي حجم المجهود المبذول على مستوى توفير الإمكانيات. وهذا في نظرنا من شأنه أن يزيد في تقوية الإحساس بعدم جدوى التجارب الإصلاحية للمنظومة التربوية برمتها، وكل الفاعلين والمهتمين والمتتبعين يدرك ما لهذا الإحساس من انعكاسات سلبية على دينامية التنمية والدمقرطة والتحديث التي تشهدها بلادنا. ويتمثل الجانب الثاني في أن تعدد التجارب الإصلاحية داخل نفس المنظومة، دون الوصول إلى الغايات المطلوبة، من جعل المتعلم في قلب الاهتمام والتفكير والفعل خلال العملية التربوية التكوينية، ومن نهوض نظام التربية والتكوين بوظائفه كاملة تجاه الأفراد والمجتمع، ومن قيام فعاليات وأطراف المنظومة بتكوين المواطن بمواصفات جيدة، ومن سعي المدرسة المغربية الوطنية الجديدة إلى أن تكون مفعمة بالحياة ومفتوحة على محيطها، عدم الوصول إلى مثل هذه النتائج يصيب المجتمع والفاعلين داخل القطاع بخيبة أمل وإحباط، وهو ما ينعكس سلبا على أدائهم من جهة، وعلى انخراطهم في أية تجربة إصلاحية مستقبلية من جهة أخرى، وبذلك تتعمق المشاكل وتستفحل المعضلات بما يجعل واقع المنظومة التربوية أكثر تعقيدا وتكليفا من السابق. وتأسيسا عليه، هل يمكن اعتبار البرنامج الاستعجالي اليوم مترجما للإرادة القوية والرؤية الطموحة للمجتمع المغربي برمته من أجل ربح رهان "مدرسة النجاح"، مدرسة تعلم وتربي، وتهيئ كل المستفيدين منها للاندماج الاجتماعي والمهني؟ إن هذا البرنامج، الذي اندرج في إطار رؤية مستقبلية بناءة حسب تأكيد المشرفين على بلورته إذ ركز على الاستمرارية، باعتماده الإطار المرجعي للميثاق الوطني للتربية والتكوين، لضخ "نفس جديد" لإصلاح المنظومة التربوية، قد أكد على المستوى الإجرائي الاستمرار في نفس المنحى من التعثرات التي تحول دون تحقيق الأهداف والغايات المعلنة، كما أكد أن مسار الإصلاحات بالمنظومة لا زال بعيدا عن الوصول إلى تحقيق الغايات المرجوة. وهو ما يطرح أكثر من تساؤل على مدى التزام واضعي البرنامج بالحرص، في التطبيق العملي، على ضمان مساهمة كافة الفاعلين والشركاء، من خلال اعتماد إستراتيجية تواصلية فعالة، تسمح باستنهاض وتعبئة كل مكونات المجتمع للانخراط وفق مقاربة تشاركية وتعاقدية، لإنجاح هذا الورش الإصلاحي. فإذا كان الميثاق الوطني للتربية والتكوين قد صمم من ناحية على المبادئ الأساسية التي تضم المرتكزات الثابتة لنظام التربية والتكوين والغايات الكبرى المتوخاة منه، وحقوق وواجبات كل الشركاء، والتعبئة الوطنية لإنجاح الإصلاح، ومن ناحية اخرى على المجالات المرتبطة بنشر التعليم وربطه بالمحيط الاقتصادي، والتنظيم البيداغوجي، والرفع من جودة التربية والتكوين، والموارد البشرية، والتسيير والتدبير، والشراكة والتمويل. وإذا كان البرنامج الاستعجالي قد جاء في إطار تسريع وتيرة إنجاز الإصلاحات المرتبطة بالميثاق الوطني للتربية والتكوين، فلابد من التأكيد على أنه باستثناء الجانب المرتبط بنشر التعليم على المستوى الكمي والجانب ذي الصلة بالتمويل، فإن ما تبقى لا يمكن أن يدخل إلا في عداد الإنجازات والتراكمات الإيجابية المحدودة الأثر، والتي تبقي على المنظومة التربوية في وضعية التخبط في العديد من الإشكالات التي رافقت مسار الإصلاحات برمتها. وهو ما سيشكل مطية مرة أخرى للتفكير في خطة استراتيجية أخرى أو برنامج عمل آخر يبرر لتجربة إصلاحية أخرى، وقد تكون بنفس مواصفات التجارب الإصلاحية السابقة. فعدم تكيف المنظومة التربوية، واستفحال تجليات الضعف، في مقابل الإقبال المتزايد على التعليم وكثرة الصعوبات الاقتصادية والمالية وأزمة التشغيل، كل ذلك يجعل المنظومة بعيدة عن تلمس مداخل تحقيق النجاح على مستوى تشكيل القناة الحقيقية للحراك الاقتصادي والاجتماعي والانفتاح على العالم وولوج العصرنة وتكريس التماسك الاجتماعي. وهو ما يفيد أن سمات التردد وعدم استقرار الثوابت في الاختيارات الاستراتيجية والمشاكل العميقة في تركيبة المنظومة ذاتها وضعف جودة المردودية ذات الصلة بضعف نجاعة تنفيذ وأجرأة العلاجات والمشاريع المقترحة سواء في الميثاق أو البرنامج الاستعجالي، كل ذلك لا زال جاثما على منظومة التربية والتكوين، ونحن نقترب من خط وصول البرنامج الاستعجالي إلى نهاية سنته الرابعة والأخيرة، دون أن يكون قد حقق الغاية الكبرى منه المتمثلة في تسريع وتيرة الإصلاح التي انطلقت مع الميثاق الوطني للتربية والتكوين سنة 2000. ولعلنا بهذا الصدد مضطرين للتأكيد من جديد على ما خلص إليه تقرير الخمسينية من أن أبرز ملاحظة يمكن الخروج بها هي أن المشاكل المتواترة التي تتخبط فيها المنظومة التربوية المغربية واضحة للعيان من حيث التشخيص، لكن القصور الذي نعاني منه هو قصور مرتبط بطبيعة وشكل الوصفات العلاجية المقدمة في كل وقت وحين، ويمكننا مع البرنامج الاستعجالي أن نضيف ملاحظة ثانية لا تقل أهمية عن الأولى وهي أن أغلب مشاكل المنظومة هي ذات صلة قوية بمدى القدرة على تنفيذ وأجرأة الإصلاحات المعلنة في الخطط والبرامج بحرفية ومهنية عالية، سواء من حيث التحديد الدقيق للعمليات والمهام والمسؤوليات، أو من حيث الضبط الزمني لمجموع التدابير والإجراءات، أو من حيث الالتزام بعدة التوثيق والتقييم والتقويم، أو من حيث تقوية وتعزيز التراكمات وتجاوز الاختلالات، في أفق البحث عن مسارات جد متقدمة لمنظومتنا التربوية. فلا زالت المنظومة تعاني من اختلال العلاقة بين التربية والاقتصاد، وتمظهر هذا الاختلال في بنية المجتمع على مستوى بطالة الأعداد الغفيرة الآخذة في التصاعد وبطالة حاملي الشواهد، وعدم القدرة على الحيلولة دون تفاقم الصعوبات المرتبطة بهذا الجانب، وهي الصعوبات التي تعمل على تغذية موقف سلبي من المدرسة، فعلى الرغم من التراكمات الكمية الإيجابية التي تمت مراكمتها من خلال الميثاق والبرنامج الاستعجالي، فإن اتساع الهوة الاجتماعية وتفاقم مظاهر الشرخ التربوي واللغوي لا زالا قائمين ويؤديان إلى المزيد من الاختلال في العلاقة بين المدرسة والمجتمع، ويصبان في نتيجة العجز عن بلوغ سقف حاسم من الساكنة المتعلمة وتكريس بقائها داخل الحلقة المفرغة للتنمية. (4) فإذا كان تقرير الخميسنية قد أرجع عناصر التشخيص إلى خمس اختلالات أساسية تلخص مسلسل تراجع التعليم بالمغرب، فإن الميثاق والبرنامج الاستعجالي بالرغم من تحقيقهما لبعض الأرقام الإيجابية على المستوى الكمي فيما يخص مجال محاربة والأمية، لا زال الإخفاق هو العنوان العريض لهذا المجال، وضعف القدرة الإدماجية للمنظومة التربوية، وتعثر الوظيفة الاجتماعية والاقتصادية للمنظومة التربوية، والتقهقر التدريجي للمردودية الداخلية، والتذبذب في تدبير السياسات اللغوية، كل ذلك لا زال يسم منظومتنا التربوية. إن التصور حول دور المدرسة المغربية لا زال يتنازعه اتجاهان متناقضان، اتجاه إصلاحي حداثي عصري ومنفتح، وآخر إصلاحي ماضوي تقليدي ومحافظ، ولا زالت موضوعات الاستقطاب داخله متمحورة حول نخبوية المنظومة أو دمقرطتها، وحول المجانية أو مساهمة الأسر في التمويل، وحول محتويات البرامج والمناهج والكتب المدرسية، خاصة على مستوى طبيعة المنظومة القيمية ومشروع التعريب ومسألة اللغة. لم يحسم البرنامج الاستعجالي في التردد على مستوى تنفيذ الإصلاح، فقد سقط هو الآخر في فخ التعامل الانتقائي في التطبيق، والنزوع نحو الأبعاد الكمية، والتأجيل المستمر للجوانب النوعية المتعلقة بالقضايا الصعبة وذات الحساسية، وكرس عدم الاستقرار حين لم يربط بين ما تمت مراكمته من خلال الميثاق الوطني للتربية والتكوين وبين ما جاء به البرنامج الاستعجالي، وافتقار سياسة المشرفين عليه للقدرة الكافية على مده بمقومات وأسس الاستمرارية. وإذا كان الميثاق الوطني للتربية والتكوين قد تمكن من تجميع كافة القوى الحية للبلاد وتعبئتها حول مرجعية شمولية وخيارات استراتيجية أقل غموضا وأكثر واقعية، كما مكن من جعل النقاش السياسي حول المسألة التربوية متجاوزا للأهواء، ومبتعدا عن خطاب الأزمة، فإن البرنامج الاستعجالي لم يعزز هذا المنحى، واكتفى بالإطار التعاقدي الذي حصل حول الميثاق دون أن يبدع في مجال البحث عن طرق وكيفيات التجميع من جديد على أساس التزام جميع مكونات المجتمع المغربي بالانخراط الفعلي والعملي في مسار الإصلاح. من هنا يمكننا استنتاج أن تنفيذ البرنامج الاستعجالي جعله شبيها بباقي الإصلاحات التي سبقته، إذ كشف التنفيذ عن صعوبات في التطبيق، ولم يسلم هو الآخر من الاختيار الانتقائي لقرارات معينة على حساب أخرى، لتصبح المنظومة معه متسمة بالتعقيد وبعدد من مكامن القصور، وهو ما يجعل من الإصلاح مهمة صعبة ومتشعبة. فبالرغم من السير في اتجاه ترسيخ الطابع المحلي والجهوي لمنظومة التربية والتكوين، مع مراعاة تنوعها، إلا أن هذا الجانب لا زالت تنقصه العديد من الخطوات لكي يقف فعلا على رجليه، وبلوغ هدف الجودة والامتياز والتفوق على صعيد كل مؤسسة لا زالت تبعده عنا مسافات طويلة، وقابلية منظومة التربية والتكوين للحكامة لا زالت تتطلب بلوغ حد معين من مسؤولية هيئة التدريس ووضعها القانوني، وتحديث عميق لإدارة التربية الوطنية، وإعادة التأهيل الشامل لهيئة المدرسين، وتقويم منتظم للمنظومة، وإطلاع المجتمع ومختلف الفاعلين والرأي العام على إنجازاتها ومواطن قصورها ومكامن قوتها. إن مدرستنا تشكل ورشا مفتوحا، لأنها تهم مصير خُمُس أبناء بلادنا، وتمثل المحدد الأكثر حسما في توجيه مسار الفرد، وتستأثر بحصة مهمة من الموارد المالية الوطنية، ولأن تدبيرها الناجع يعتبر شرطا ضروريا لتحقيق تنمية بشرية عالية؛ فإنها وبعد ثلاث سنوات من تنفيذ البرنامج الاستعجالي لا زالت مثار تساؤلات مشروعة. وهنا يمكننا الرجوع إلى نفس الأسئلة التي طرحها تقرير المجلس الأعلى للتعليم سنة 2008: هل تضطلع مدرستنا بدورها في تعليم أبناء بلادنا على النحو الأمثل، بإكسابهم المعارف والكفايات الأساسية التي تؤمِّن نجاحهم في الحياة؟ وهل تربي المدرسة أجيالا قادرة على الإسهام في ترسيخ مجتمع مواطن؟ وهل تُعِدُّ الأفراد لولوج الحياة المهنية على أكمل وجه، كل بحسب مؤهلاته؟ وهل تنجح فعلا في لعب دورها، بوصفها فضاء لتكافؤ الفرص وتعميم المعرفة؟ وقد نضيف إلى ذلك أسئلة من قبيل: هل تواكب المدرسة المغربية ما استجد من تطورات على المستوى الوطني فيما يخص النهوض بثقافة حقوق الإنسان كأرضية مواطنة تهدف إلى مصالحة الفرد مع ذاته ومحيطه؟ وهل تعمل على استدماج عناصر الخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق والإنسان؟ وهل تجد لنفسها الصيغ الممكنة والمتاحة لتجعل مضامينها ومحتوياتها القيمية والمعرفية متقاطعة مع مختلف البرامج الإنمائية التي يعرفها عالم اليوم؟... إن المنظومة التربوية المغربية، مع أجرأة الميثاق الوطني والبرنامج الاستعجالي، اقتربت فعلا من رفع رهان تعميم التعليم، ولم يكن تحقيق هذا الهدف لوحده بالأمر الهين، بالنظر إلى المسار السابق للمنظومة وإلى الوضعية الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، وقد واكب تعميم التمدرس ودعم الأسر في هذا المجال ودمقرطة التربية تطور في الموارد البشرية والمادية والمالية المخصصة للمنظومة، وبالنسبة لقطاع التكوين المهني، فقد تم رفع العرض التكويني وتنويع مسالكه وملاءمتها، على نحو يستجيب لتزايد الطلب، سواء من طرف المتدربين أو المشغِّلين، مما أدى إلى مضاعفة عدد المتدربين. وقد شهدت الجوانب البيداغوجية بدورها تطورات ملحوظة مع الميثاق الوطني للتربية والتكوين؛ حيث تمت مراجعة المناهج والبرامج بمختلف أسلاك التعليم المدرسي، وكذا صياغة معينات ديداكتيكية جديدة، واعتماد الكتاب المدرسي المتعدد، وإدماج مواد تعليمية جديدة، وإدراج تدريس الأمازيغية في التعليم الابتدائي. وهو ما كان يفرض على البرنامج الاستعجالي المضي في تعزيز مسار إصلاح الجوانب البيداغوجية باعتماد أسلوب المضي في تجديد البرامج والكتب المدرسية والمعينات الديداكتيكية عبر تقييم التجربة وإعادة فتح المنافسة بالنسبة للمستويات التي عمرت فيها الكتب الجديدة خمس سنوات ابتداء من سنة 2009، على أساس تجاوز أعطاب المرحلة السابقة، لكن للأسف تم تضييع فرصة تجويد المنتوج التربوي عبر هذه الآلية، وتم التركيز فقط على بيداغوجيا الإدماج، التي تعتبر مكملة لبيداغوجيا التدريس بالكفايات دون أن يتم تعطيل آليات التجديد البيداغوجي عن طريق البرامج والكتب المدرسية.