لو كتب للشرقي اضريس زيارة مدينة سيدي سليمان رفقة بوشعيب ارميل على حين غفلة ودون سابق إنذار، حتما سوف تصيبهما الدهشة، إزاء وضع غير مطمئن يعيشه الأمن بهاته المدينة التي انتقلت من دور الحضانة إلى المستوى الابتدائي قبل ثلاث سنوات، وصارت هي الأخرى عمالة. حتما سيتقوف المسؤولان الأمنييان العالمان بخبايا الشؤون الأمنية عند مشهد عجيب يتمثل في غياب رجال الأمن على امتداد شارعي محمد الخامس والحسن الثاني، باستثناء شرطي مرور وحيد يستظل تحت شجرة "الدرو"، أحيانا تجده يتحدث بهاتفه المحمول. الأمر لا يقف عند هذا الحد فحينما يصل الضريس وارميل، إلى مقر المنطقة الإقليمية المقابلة لمقر العمالة التي كانت مقرا للبلدية، سوف يجدان سيارات النجدة (الصطافيتات ) رابضة أمام مقر الكوميسارية ، ناسية أن دورها الحقيقي هو الجولان في مدارات المدينة ومحيطها حتى يشعر المواطن بشرطة القرب. لكن ربما المسؤول الأمني الذي عمر طويلا يقتصد في ميزانية الوقود، غير أن هذه الفرضية غير صحيحية لأن الوضع كان حتى قبل ارتفاع سعر "المازوط". ليس هذا فحسب، وإنما الأمر يصل إلى الحالة التي تعيشها بعض الدوائر الأمنية التي يخيل إلى زائرها أنه يلج مزار "بويا عمر"، كراسي ومكاتب مهترئة وحواسيب قديمة تحرر عليها محاضر للمواطنين، وهي المحاضر التي من واجب وزير العدل والحريات المصطفى الرميد اصدرا تعليماته إلى وكيل الملك بالمدينة ونوابه لحثهم على ضرورة تفحصها بإمعان حتى لا تذهب مصائر عباد الله في (شكارة مقطعة)، وهووكيل الملك الذي من مسؤولية الرميد أن يسأل عنه مديرية الموارد البشرية بوزارته عن سبب بقاءه بالمدينة لمدة فاقت عشر سنوات. وبالعودة إلى الأمن بالمدينة التي لا تبعد عن الرباط إلا ساعة من الزمن الجميع في المدينة وخاصة ساكنتها أصبحت تردد طيلة عقد من الزمن مقولة مفادها الحاضي الله .وهم في ذالك محقون لأن جانبا من المسؤولية تتحمله الإدارة العامة للأمن الوطني، سيما في قلة عدد رجال الأمن بالمدينة رغم توسع المدينة عمرانيا ومجاليا وازدياد عدد سكانها، وجانب آخر يتحمله المسؤولون الأمنيون سواء أولئك الذين تعاقبوا على إدارة الشأن الأمني بالمدينة أو هؤلاء الجاثمين على صدورنا بعدما تدرجوا في الرتب وأصبحوا يملون من القيام بدورهم الذي هو قبل كل شيئ واجب وطني كما تعلموا ذلك في كلية الشرطة. في سيدي سليمان حتما لن تشعر بوجود الأمن ودورياته، وعلاقة المواطن بهذا الجهاز تقتصر فقط على اجراءات ادارية من قبيل بطاقة التعريف الوطنية، التي لن تحصل عليها إلا بعد أن تكون قد أخذت نصيبك من النظرات المستهزئة وتماطل قد يطول أمده وقد يقصر، من الوقوف تحت أشعة الشمس الحارقة . أما إن كتب لك التقدم بشكاية فنصيحة مني لوجه الله لا تذهبوا إلى مقر الأمن الوطني بالمدينة وللنصيحة سببان أولهما غياب الفاعلية في التحرك والمؤازرة وثانيهما أغلب الضباط وحتى من ارتقوا إلى رتبة عمداء (الله ازيدهم) رغم أن شواهدهم الجامعية في شعبة الآداب، فيخلطون بين نصوص القانون الجنائي ومعلقات امرئ القيس، وعنتة بن شداد العبسي، وهكذا يختلط الأمر في بعض المحاضر التي للاسف تأخذ بها النيابة على أن لها الحجية المطلقة التي لا يأتيها الباطل من بينها ولا من خلفها مهما كانت الجريمة ولو جنحة. كل ما أشرنا اليه حول واقع الأمن بالمدينة يتعلق فقط بفترة التوقيت الإداري، ولن نتحدث عنه خارج هذا التوقيت وخاصة في الليل لسبب بسيط يجسده الغياب التام لدوريات الأمن، ورحم الله أيام العميد عبد الله بري (ليس من باب المجاملة ولكن من باب الإنصاف) عندما كان يتقدم رجال الأمن عبر سيارته ويمشط المدينة شارعا- شارعا، وهذا هو المفروض والمطلوب وليس أن يختبئ المسؤول الأمني في مكتبه ويتابع ما يجري من وراء الزجاج. كلمة، إلى المسؤول عن تدبير شأن المدينة سواء الحالي أو الذي قد تسوقه الأقدار، إلى حفظ أمن "سليمن سيتي" حاول قدر الإمكان أن تجعل مكتبك مفتوحا في وجه المظلومين والمشتكين ليس فقط ممن ظلمهم من المواطنين، ولكن أيضا من بعض رجالك واحرص على إعادة تركيبة فرقة الشرطة القضائية بما يليق وحساسية المهمة ،وأبعد عنك رجاء بعض الوجوه التي أصبح المواطن السليماني لا يطيق النظر فيها. ففي سيدي سليمان لم نعد نميز بين ضابط وعميد وحارس أمن ومفتش الكل أصبح يترفع عن ارتداء الزي بمعنى لغة رجال الأمن كلشي أصبح (سيفيل). المواطن السليماني يريد أمنا يحفظ له كرامته يريد شرطة قريبة منه يريد نجاعة أمنية تعيد للمدينة استقرارها. وحتى تلك اللحظة كل أمن وانتم بألف خير.