في كل أنحاء العالم، على العروسين المقبلين على إقامة حفل زفافهما السعيد ألا يتركا شيئا للصدفة، فعليهما تدبير كافة الاستعدادت من حجز قاعة العرس، وتجهيز سيارات موكب الزفاف، وإرسال الدعوات لكل الأهل والأصدقاء. "" لكن في الجزائر هذه الأيام يجب على العروسين أيضا عدم نسيان إرسال دعوة إلى أجهزة الأمن، وإلا تحول حفل الزفاف السعيد إلى "حفل تفتيش" شديد. فقد قررت وزارة الداخلية الجزائرية إخضاع مواكب الزفاف لرقابة أمنية مشددة بعد تردد معلومات عن محاولة انتقال أمير جماعة إرهابية من شرق البلد إلى غربها بواسطة موكب زفاف، بحسب صحيفة "النهار الجديد" الجزائرية. وذكرت الصحيفة في عددها الصادر اليوم الثلاثاء أن مصالح الأمن الجزائرية ألزمت المواطنين الذين يرغبون في تنظيم مواكب زفاف، بضرورة الحصول على "إذن مسبق من الجهات الأمنية تفاديا لعمليات التفتيش التي قد تنالهم"، وهو ما أثار استغراب كثير من المواطنين. يأتي ذلك في إطار خطة أمنية صارمة تنتهجها السلطات الجزائرية منذ التفجيرات الانتحارية التي حدثت في 11 ديسمبر من العام الماضي، والتي استهدفت مقري البعثة الأممية والمجلس الدستوري بالجزائر العاصمة. تفتيش العريس! وبالفعل شرعت أجهزة الأمن في إيقاف الكثير من مواكب الأعراس وتفتيشها بدقة، خاصة المتوجهة إلى ولايات بومرداس وتيزي وزو (التي تشكل معاقل لما يسمى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي") أو المغادرة منها، وهو الأمر الذي استغربه أصحاب مواكب الزفاف؛ نظرا لعدم إعلامهم مسبقا بضرورة استخراج تصريح أمني. وفي نهاية الأسبوع الماضي تعرضت العديد من العائلات التي كانت متوجهة في حفل زفاف إلى بلدية دلس في بومرداس لتفتيش دقيق من طرف قوات الدرك الوطني شمل أيضا التاكد من هوية العريس. وذكرت الصحيفة أنه من المنتظر أن يعمم القرار على سائر الولايات قبل حلول موسم الصيف؛ حيث تكثر حفلات الزفاف، التي قد تستغل الجماعات المسلحة مواكبها لتسهيل تنقلات أفرادها. وتستثمر العائلات الجزائرية فرصة العطل السنوية وقدوم المغتربين خلال الصيف لإقامة حفلات الزفاف. سدا للثغرات وعزا محللون أمنيون إقدام السلطات الأمنية على هذا الإجراء غير المسبوق منذ بداية الحرب على الإرهاب بداية تسعينيات القرن الماضي إلى سعيها لسد كافة الثغرات التي قد تستغلها عناصر "القاعدة" لتنفيذ عمليات إرهابية، خصوصا في فصل الصيف. وأضافوا أن "تفكير" العناصر الإرهابية في هذه "الحيلة" سببه الخناق المفروض عليها من قبل الأجهزة الأمنية التي نجحت في الآونة الأخيرة في تحييد العديد من العناصر النشطة أو "الأمراء" الذين يشكلون "عصب" القاعدة. وتمكنت مصالح الأمن، بحسب الصحف المحلية الصادرة اليوم، من القضاء على أمير "سرية زموري" المدعو خليفي يوسف، والمكنى ب"أبو طلحة"، والذي يعتبر العقل المدبر للاعتداءات الانتحارية التي استهدفت مقرات أمنية بمنطقتي الناصرية والثنية في بومرداس، وذلك بعد أشهر من المطاردة. استجابة من جهة أخرى، ذكرت صحيفة "الشروق اليومي" اليوم، نقلا عن بعض من تركوا العمل المسلح، أن "عشرات الإرهابيين يستعدون للاستجابة لنداء العلامة الشيخ أبو بكر جابر الجزائري (المدرس بالمسجد النبوي الشريف) بالتخلي عن العمل المسلح واعتناق المصالحة الوطنية". وكان الشيخ الجزائري قد وجه الأسبوع الماضي نداء للجماعات المسلحة من أجل "العدول عن العنف والتوبة والاجتماع على كتاب الله وسنة رسول الله، والالتفاف حول الرئيس عبد العزيز بوتفليقة". وقال: "إن القائمين بالإرهاب في الجزائر، وكل ديار المسلمين، هم جهلة وضلال ما عرفوا الإسلام ولا أسلموا له قلوبهم ولا وجوههم ولا أيديهم ولا أرجلهم، وذلك لجهلهم وتشجيع أعداء الإسلام لهم على ظلمهم بعد فسقهم وجورهم والعياذ بالله". ومنذ أبريل الماضي، شنت "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، بزعامة عبد المالك درودكال، المدعو أبو مصعب عبد الودود، سلسلة هجمات انتحارية قتل فيها ما يزيد على 200 شخص، وأصيب المئات - غالبيتهم مدنيون - بجروح.