مطلب المناصفة في التوقيت في الجلسة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة حول السياسة العامة هل هو مطلب ديمقراطي ودستوري ؟. تقديم دشنت المعارضة عملها بالبرلمان بإثارة عدة اعتراضات تتعلق بما اعتبرته إخلالا بالتنزيل الديمقراطي للدستوري سرعان ما قال المجلس الدستوري كلمته في عدد من القضايا التي أثارتها في هذا الصدد . نذكر من ذلك مثلا قضية التنافي التي أثارتها المعارضة عند ترشح السيد كريم غلاب لمنصب رئيس المجلس وعضويته في الحكومة وحالة التنافي بين استمرار صفة وزير في الحكومة وصفة نائب برلماني بعد انتخابات 25 نونبر 2011 أو بين صفة نائب يرلماني وبين صفة رئيس حكومة بالنسبة للسيد عبد الإله بن كيران . ولقد واصلت المعارضة سيرها على النهج نفسه حين أثارت جدالا حول توزيع الحصة الزمنية الإجمالية بين حول السياسة العامة الموجهة لرئيس الحكومة فطالبت أن يخصص لها نصف المدة الزمنية من تلك الحصة على أن تقتسم الأغلبية مع رئيس الحكومة نصف الحصة الآخر بدعوى التشاركية تارة وبدعوى تعزيز مكانة المعارضة المنصوص عليها دستوريا وتمكينها من حقوقها ؟ , وجب التنويه في البداية أن قيمة المعارضة وفعاليتها لم تكن في يوم من الأيام مرتبطة بالحيز الزمني لتدخلاتها وإنما بمصداقيتها السياسية وتجسيدها حقا وصدقا لتطلعات الشعب الناجم من التصاقه الميداني يه وانبثاقها عنه ، ثم بنوعية تدخلاتها وموضوعيته في النقد للأداء الحكومي وقوتها الاقتراحية, في هذا الصدد تتذكر أداء مناضل واحد من حزب التقدم والاشتراكية وهو السيد علي يعتة رحمه الله في مجلس النواب بشذ الأنظار , ويمكن أن نتذكر كيف كانت المعارضة الاتحادية ب 16 نائب تشد الأنظار، ولم تكن في حاجة إلى مناصفة في الوقت ، كما أنه لم يكن متوفرا لها من الإمكانات ما هو متوفر للمعارضة في زمننا هذا . . ونتذكر أيضا كيف كان أداء معارضة العدالة والتنمية التي بدأت بتسع نواب ثم 12 و14 و42 و46، نتذكر كيف كانت تمارس معارضتها في إطار قواعد التمثيل النسبي رغم كونه آنذاك كان محل طعن ساسي من مختلف القوى السياسية بالنظر إلى أن نتائج الانتخابات لم يكن مسلما بنزاهتها وصدقيتها وبالنظر إلى أن يد وزارة الداخلية كانت تعبث في الخريطة الانتخابية كما تشاء وتخرجها على المقاس المطلوب . ومن جهة ثانية فإن الرجوع إلى المعطيات الدستورية التي ما فتئت بعض مكونات المعارضة تتكلم عن تنزيله الديمقراطي يبين أن هذا المطلب يتعارض مع توجهات دستورية صريحة ، كما يتنافى مع قرارات واضحة للمجلس الدستوري ، فضلا عما يمكن أن ينتج عنه من تمييز بين نواب الأمة وتجريد نواب الأغلبية من حقوق دستورية وجعلهم مجرد آلة تصويت ميكانيكي لفائدة الحكومة . في هذا الصدد يمكن الإشارة إلى المبادئ والتوجهات الدستورية التالية: أولا : في المرجعية الدستورية للتمثيل النسبي بالرجوع إلى الدستور نجد عددا من المقتضيات والتوجهات التي تشهد للتمثيل النسبي ، وتجعل مطلب المعارضة خارج ما تطالب به من اعتماد التنزيل الديمقراطي للدستور . ومن ذلك يمكن الإشارة إلى ما يلي : 1 مبدأ التمثيلية الديمقراطية حيث تمارس الأمة سيادتها إما بطريقة مباشرة عن طريق الاستفتاء أو بصفة غير مباشرة من خلال ممثليها في المؤسسات المنتخبة كما ينص على ذلك الفصل الثاني من الدستور، وهو ما يترتب عنه التناوب بين الأحزاب السياسية في تدبير الشأن العام وتحمل مسؤوليته باعتباره تعبيرا عن سيادة الأمة ومن خلال ممثليها , وهو ما أكده الفصل الحادي عشر حين ألح على مبدأ التمثيل الديمقراطي واعتبر أن الانتخابات الحرة والنزيهة هي أساس مشروعية ذلك التمثيل . 2 مبدأ التناوب بين الأحزاب السياسية بالوسائل الديمقراطية بناء على المبدأ السابق قد أقر الدستور بمبدأ أساسي في الممارسة الديمقراطية وهو مبدأ التناوب بين الأحزاب السياسية بالوسائل الديمقراطية وفي نطاق المؤسسات الدستورية كما أقر ذلك الفصل 7، وهو ما يعني أن أحزابا تمارس دورها في السلطة وتتولى تدبير الشأن العام وتتحمل مسؤولية ذلك ، وأخرى تمارس دورها في المعارضة، وأنه لا يمكن أن تتغير الأدوار أو أن يسطو طرف من الطرفين على صلاحيات وأدوار الطرف الآخر، وأن عكس ذلك نتيجته الإخلال بقواعد العملية الديمقراطية كما يقر بها الدستور. 3 مبدأ الفصل بين السلط وهو من أول المقتضيات الدستورية المنصوص عليها في الفصل الأول . كما أنه في ثنايا عدد من الفصول الواضحة جاء التمييز واضحا بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية. ومن الواضح أن الدستور لم يميز في هذا المقتضي بين المعارضة أو الأغلبية ، ولم يجعل الأغلبية مجرد ملحقة بالحكومة وجزءا من السطة التنفيذية ، بل إنها جزء من السلطة التشريعية يسري عليه مبدأ الفصل والتمايز ومن ثم فلها شخصيتها المستقلة باعتبارها جزءا من السلطة التشريعية بل الجزء الأكبر منها . 4 التساوي في الحقوق بين المعارضة والأغلبية بناء على ما سبق فإن المشرع الدستوري لم يميز في الحقوق بين المعارضة وبين الأغلبية ، كما أنه حين نص بالتفصيل على حقوق المعارضة فإنه قد فعلها من أجل ضمانها وتحصينها محافظة على مبدأ التوازن وليس لمصادرة حقوق الأغلبية . فنواب الأغلبية شأنهم شأن المعارضة يمارسون دورهم في مجال الرقابة على الحكومة وفي مجال التشريع وكافة المهام الموكولة إلى ممثلي الأمة سواء سواء ، ومن ثم فإن قصر دور الأغلبية في كونها أغلبية عددية تقوم بدور التصويت والتأمين على قرارات الحكومة هو تجريد لهذا المكن الأساسي من نواب الأمة والذي يمثل أغلبيتهم من وظائفه وحقوقه الدستورية ، وذلك من خلال الانتقاص من حصته الزمنية خلال جلسات المساءلة للحكومة رئيسا ووزراء , إن الدستور إذ نص على حقوق المعارضة وفي نفس الوقت نص على مبدأ التمثيل النسبي يؤكد أنه لا تعارض بين الأمرين وأن ضمان حقوق هذه الأخيرة لا يكون على حساب الأغلبية او من خلال الإخلال بمبدأ التمثيل النسبي. ثانيا : الدستور يحصن حقوق المعارضة بالتنصيص المفصل عليها وكما تقوم الديمقراطية على الشرعية الشعبية المستندة على التمثيلية المعبر عنها من خلال انتخابات حرة ونزيهة ، ومن ثم على مبدأ التناوب في السلطة ، وعلى فصل السلط والمساواة في الحقوق الدستورية بين الأغلبية والمعارضة ، فإنها بالمقابل تقوم على ضمان حقوق الأقلية أو المعارضة , ولهذا الغرض فإن المشرع الدستوري لم يترك الأمر للتشريع العادي المحكوم بمنطق الأغلبية ، فقد تمت دسترة وضعية المعارضة والتنصيص المفصل على حقوقها في عدد من فصول الدستور نذكر منها 1 المقتضيات المفصلة الواردة في الفصل العاشر ومنها : - المشاركة في مسطرة التشريع لا سيما عن طريق تسجيل مشاريع مقترحات قوانين بجدول أعمال مجلسي البرلمان للاستفادة من التمويل العمري وفق مقتضيات القانون. - المشاركة الفعلية في مراقبة العمل الحكومي، لاسيما عن طريق ملتمس الرقابة، ومساءلة الحكومة والأسئلة الشفوية واللجن النيابية لتقصي الحقائق. - تمثيلية ملائمة في الأنشطة لمجلسي البرلمان. - رئاسة اللجنة المكلفة بالتشريع لمجلسي البرلمان. - التنصيص في الفصل 82 أيضا من الدستور على تخصيص يوم واحد على الأقل لدراسة مقترحات القوانين ومن بينها تلك المقدمة من قبل المعارضة. - التوفر على وسائل ملائمة للنهوض بمهامها المؤسساتية. - المساهمة الفاعلة في الدبلوماسية البرلمانية للدفاع عن القضايا العادلة للوطن ومصالحه الحيوية. من الواضح أن الفصل 10 حين تطرق إلى حقوق المعارضة لم يكتف بالإشارة إلها على وجه الإجمال والتعميم بل إنه تطرق إلها على وجه التفصيل والتدقيق وهو ما جعل الفصل المذكور يسرد عددا من الحقوق بعينها تحصينا لهذا الحق ومنعا لأي تعسف أو تأويل أو تحجير . وإذا أضفنا إلى ذلك عددا من المقتضيات الجديدة الخاصة بملتمس الرقابة حين تم تقليص نصاب الموقعين على ملتمس الرقابة ومعارضة الحكومة في مواصلة تحمل مسؤوليتها إلى خمس الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب دل ذلك على أن تلك المقتضيات قد حصنت بما يكفي موقع المعارضة وأن تفعيل دور المعارضة لا يتأتي من خلال مطلب غير دستوري وسعي لابتزاز الحكومة وأغلبيتها بناء على تنزيل غير ديمقراطي للمقتضيات الدستورية ذات الصلة بمكانة المعارضة في النظام البرلماني . ثالثا : التمثيل النسبي في الإعلام وفي مؤسسات البرلمان ومهامه وأنشطته وفي ممارسة حقوق المعارضة مبدأ دستوري : وهو ما يتضح في المقتضيات التالية: 1 التمثيل النسبي في الحضور في وسائل الإعلام : فقد نص الدستور بوضوح على مبدأ النسبية للمعارضة في وسائل الإعلام في معرض التنصيص على حقوق المعارضة، حيث أكد الدستور في الفصل 10 أن من بين ما يضمنه للمعارضة من حقوق بالحرف "حيز زمني في وسائل الإعلام الرسمية يتناسب مع تمثيليتها" ومن الواضح أن الدستور وهو ينص على ذلك، لا يعتبر العمل بمبدأ التمثيل النسبي في الإعلام مساسا بحقوق المعارضة بل إنه ورد في سياق تحصين حقها حتى لا يهضم من قبل الأغلبية ولا إقصاؤها فجعل لذلك ميزانا منضبطا هو أن يكون حضورها مناسبا لتمثيلها النسبي ، وهو ما يفهم منه من جهة أن هضم حقوق المعارضة إنما يكون في ضمان حيز أقل من تمثيليتها ويفهم منه من جهة ثانية وانطلاقا من برهان الخلف تحصين حق الأغلبية وحق الحكومة ومنع السطو عليه تحت أي مبرر من ذلك مبرر ضمان حق المعارضة بناء على مبدأ المناصفة أو نحت دعوى التشاركية . وحيث أن المطالبة بالمناصفة في التوقيت بين الحكومة وأغلبيتها من جهة وبين المعارضة من جهة في التدخلات خلال جلسة مساءلة رئيس الحكومة أو خلال جلسات الأسئلة الشفوية، يترتب عنه حتما تضخم في الحيز الزمني المخصص لها في الإعلام يزيد بكثير عن وتمثيليتها يتضح أنه المطلب المذكور هو مطلب مجانب للمقتضيات الدستورية، ومتعارض مع دعوى التنزيل الديمقراطي للدستور. 2 إقرار مبدأ التمثيل النسبي في اختيار أعضاء مكتب مجلس النواب كما جاء في الفصل الثاني والستين من الدستور 3 تنصيص الدستور في الفصلين 10 و69 من الدستور على رئاسة المعارضة للجنتين على الأقل ، ويؤكد هذا التنصيص أصل التمثيل النسبي حيث يفترض الدستور ان التمثيل النسبي قد لا يمكن المعارضة من رئاسة لجنتين فجاء التنصيص الدستوري من أجل تفادي هذه الوضعية دون أن يلقي الأصل أو ان يقر بالمناصفة بين الأغلبية والمعارضة , رابعا : .النظام الداخلي لمجلس النواب يقر مبدأ التمثيل النسبي ومبدأ التمثيل النسبي مبدأ مطرد أيضا في النظام الداخلي لمجلس النواب وقد ورد بوضوح في عدة مواد من النظام الداخلي للمجلس سواء فيما يتعلق بالتمثيلية في أجهزة المجلس وفي المهام الديبلوماسية ، وبالخصوص في قضية التوزيع الزمني للمداخلات . 1 التمثيل النسبي في توزيع الوقت في محطات سياسية وتشريعية مفصلية في الحياة البرلمانية : وقد ورد التنصيص على مبدأ التمثيل النسبي في توزيع الوقت في لحظات سياسية وتشريعية مفصلية في الحياة البرلمانية : اللحظة الأولى هي لحظة تنصيب الحكومة وما يسبق ذلك من مناقشة للتصريح الحكومي ، واللحظة الثانية هي لحظة مناقشة مشروع قانون المالية . وهكذا تنص المادة 149 على مبدأ التوزيع النسبي فيما يتعلق بتنظيم جلسة مناقشة البرنامج الحكومي حيث ورد فيها بالحرف : " تعين ندوة الرؤساء باتفاق مع الحكومة جلسة لمناقشة البرنامج الحكومي وتحد المدة الزمنية الإجمالية في إطار الجلسات المخصصة للمناقشة توزع بالتمثيل النسبي أما فيما يتعلق بمناقشة قانون المالية داخل اللجنة المختصة فقد ورد في المادة 133 من النظام الداخلي بوضوح : " تتولى لجنة المالية والتنمية الاقتصادية مناقشة مشروع قانون المالية ، وتبتدئ المناقشة بالاستماع إلى وزير المالية الذي يقدم بيانات إضافية حول المشروع ، ثم يشرع في مناقشة عامة للميزانية وللسياسة الحكومية . يحدد مكتب اللجة مدتها على أن لا تتجاوز ثلاثة أيان ، يوزع فيها الوقت بالتمثيل النسبي " , ومن باب أولى أن يعتمد نفس المبدأ في الجلسة الخاصة بمناقشة السياسة العامة للحكومة التي يحضرها رئيس الحكومة , 2 حالات لأخرى في اعتماد التمثيل النسبي : - المادة 21 المتعلقة بانتخاب أعضاء مكتب المجلس في مستهل الفترة النيابية تطبيقا لأحكام الفصل الثاني والستين من الدستور حيث ورد فيها : " ينتخب أعضاء مكتب المجلس في مستهل الفترة النيابية ثم في سنتها الثالثة عند دورة أبريل لما تبقى من الدورة المذكورة على أساس التمثيل النسبي لكل فريق تطبيقا لأحكام الفصل الثاني من الدستور" المادة 36 التي تنص على غرار الفصلين 10 و69 من الدستور أنه ينبغي تخصيص رئاسة لجنتين على الأقل للمعارضة من بينها وجوبا اللجنة المكلفة بالتشريع، حيث حصرت الحد المقبول وغير المتعارض مع الدستور في ترؤس المعارضة للجن النيابية في لجنتين ولم تفرض مبدأ المناصفة . المادة 32 التي تنص على حق المجموعات والفرق في التوفر على إمكانيات مادية وموارد بشرية داخل مقر المجلس تتناسب مع عدد أعضاء كل فريق أو مجموعة نيابية . المادة 37 أيضا التي تنص على تشكيل اللجن الدائمة في بداية الفترة التشريعية يكون على أساس التمثيل النسبي ، وسيكون من العبث اعتماد مبدأ المناصفة في التوقيت بين المعارضة والحكومة والأغلبية في التوقيت المخصص للنواب في جلسات اللجان فالتفاوت العددس سترتب عنه بطريقة عكلية حصة أكبر من التدخلات ومن التوقيت الزمني . المادة 50 الخاصة بتشكيل الشعب الوطنية التي تمثيل المجلس لدى المنظمات البرلمانية الدولية والجهوية التي هو عضو فيها على أساس التمثيل النسبي. المادة 51 التي تقرر انتداب من يمثل المجلس في المنظمات والمؤتمرات والوفد المشاركة في اللتقيات على أساس التمثيل النسبي المادة 54 الخاصة بمجموعات الأخوة والصداقة البرلمانية عى اساس التمثيل النسبي مبدأ التمثيل النسبي في جلسة الأسئلة الشفوية سواء الموجهة إلى رئيس الحكومة والخاصة بالسياسة العامة أو الموجهة للوزراء حول السياسات القطاعية حث ورد في المادة 157 بالحرف ما يلي: " تخصص نسبة من الأسئلة الشفوية لا تقل عن نسبة تمثيليتها " وفي المادة 160 أيضا فيما يتعلق بجلسة الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة ما يلي : " يوزع عدد الأسئلة الشفوية على أساس التمثيل النسبي بين الفرق والمجموعات النيابية وأعضاء غير المنتسبين ، ويجب أن لا تقل النسبة المخصصة للمعارضة عن نسبة تمثيليتها " المادة 58 التي تقرر أنه خلال التصويت بندوة الرؤساء يخصص ارؤساء الفرق عدد من الأصوات يعادل عدد أعضاء فرقهم دون احتساب المنتمين منهم لندوة الرؤساء المادة 104 التي تقرر معيار التمثيلية والتناوب في تعيين المقرر الخاص للنص التشريعي , المادة 171 التي تقرر تشكيل لجن تقصي الحقائق على أساس التمثيل النسبي . خامسا حق رئيس الحكومة في تقديم بيانات للبرلمان بمجلسيه: ويشهد لهذا التوجه أيضا ما تمت الإشارة إليه في الفصل 68 من الدستور من إمكانية تنظيم البرلمان بمجلسيه لجلسات مشتركة للاستماع إلى التصريحات أو البيانات التي يقدمها رئيس الحكومة تتعلق بقضايا تكتسي طابعا وطنيا . و هو حق غير مقيد بزمن وليس مشروطا بتعقيب من فرق الأغلبية أو المعارضة سادسا : قرارات المجلس الدستوري تعتبر مبدأ التمثيل النسبي مبدأ غير متعارض مع الدستور من خلال تأكيد دستورية المواد التي تضمنته . وقد أكد قرار المجلس الدستوري رقم 12/838 م د على سبيل المثال دستورية مبدأ التمثيل النسبي حيث ورد فيه بوضوح ما يلي : " في شأن المادة 50 : حيث إن التعديل المدخل على هذه المادة ، فضلا عن إضافة المجموعات النيابية في التمثيل النسبي الذي على أساسه يشكل مجلس النواب شعبا وطنية لتمثيله لدى المنظمات البرلمانية الدولية والجهوية التي هو عضو فيها ، راعى التنصيص على أن حق تمثيل المعارضة في الشعب المذكورة وفي كافة الأنشطة الدسبلوماسية يكون بما لا يقل عن نسبة تمثيليتها في المجلس ، مما تكون معه هذه المادة في صيغتها الجديدة قد تداركت النقص الذي شابها سابقا ، الأمر الذي يجعلها مطابقة للدستور ..." " في شأن المادة 157 و160 : حيث إن التعديل المدخل على هاتين المادتين يتمثل في النص ، من جهة ، على أن الجلسة التي يخصصها مجلس النواب مرة واحدة في الشهر ، للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة الموجهة إلى رئيس الحكومة ، ومن جهة ثانية ، على أن عدد الأسئلة الشفوية يوزع بين الفرق والمجموعات النيابية والأعضاء غير المنتسبين على أساس التمثيل النسبي ، وأن النسبة المخصصة للمعارضة من ذلك لا ينبغي أن تقل عن نسبة تمثيليتها في المجلس ، إعمالا لأحكام الدستور الذي ينيط في الفقرة الأخيرة من فصله العاشر ، بالنظام الداخلي لمجلس النواب تحديد كيفية ضمان المشاركة الفعلية للمعارضة البرلمانية في مراقبة العمل الحكومي بالوسائل المقررة دستوريا ومن ضمنها الأسئلة الشفوية الموجهة للحكومة ، مما تكون معه هاتان المادتان في صيغتهما المعدلة موافقة للدستور . لهذه الأسباب : أولا : يصرح المجلس الدستوري بأن المواد ..... و157 و160 من النظام الداخلي لمجلس النواب في صيغتها المعدلة ، كما أقرها مجلس النواب في جلسته العامة المنعقدة في 13 فبراير2012 مطابقة للدستور " خلاصة بينة : بناء على كل المعطيات السابقة وخاصة بناء على قرار المجلس الدستوري الذي صرح بوضوح بدستورية المواد التي أكدت توزيع زمن المداخلات بناء على التمثيل النسبي ، وبأنه خلال جلسة الأسئلة العامة المخصصة لمساءلة رئيس الحكومة في السياسة العامة يخصص للمعارضة عدد من الأسئلة يتناسب مع تمثيليتها تبعا لذلك نفس الأمر بالنسبة لفرق الأغلبية ، وأن المنطق يقتضي أن يخصص للحكومة حيز زمني للأجوبة يتناسب مع الحيز الزمني المخصصة لأسئلة المعارضة والأغلبية ، فإنه يتأكد ما اشرنا إليه سابقا أن رفع مطلب المناصفة في الوقت بين المعارضة والحكومة وأغلبيتها فيه خرق سافر للدستور وللنظام الداخلي لمجلس النواب الذي أقر المجلس الدستوري دستورية مواده التي نصت على مبدأ التمثيل النسبي في التمثيلية في أجهزة المجلس وفي المهام النيابية وفي حصص الأسئلة والحيز الزمني المخصص لها . والأخطر من ذلك أنه مطلب غير ديمقراطي لأنه يضرب مبدأ شرعية التمثيلية الديمقراطية التي مصدرها الاقتراع الشعبي المباشر غير أن ذلك لا ينفي أنه يمكن العمل في إطار التوافق السياسي بغير ذلك في سياقات وظروف معينة ، لكنه عند الاختلاف فإن المرجع هو النصوص الدستورية التي لا غبار عليها.