تقديم: لا يسع المرء ،وقد تدحرجت كرة الثلج ،من عل، لتعبر كل منحدرات الوطن ،وسهوله؛حتى يراها الأعمى قبل الأعشى ؛ثم يممت شمالا وشرقا لتشعر العالم بميلاد جنة جديدة للفساد " المشروع"-على غرار جنان الضرائب التي تعشقها الأموال السوداء و السمراء- لا يسعه إلا أن يجهش بضحك كالعويل: " آوِِِييييييييلي واللهْ الحَدْ" ماذا فعل المغاربة بأنفسهم في "غزوة الصناديق"؟ وماذا فعل العداليون ؛وهم يؤمرون عليهم من لا يرعى فيهم إلا ولا ملة؟ ضربتان لا زبتان: تطبيع بسخاء ،وتسريح بإحسان. رحم الله جدتي ؛فقد كانت تقول حينما لا يُتقن العمل ،وتضيع الأداة: " بورْكابي هَرْس البالة وْجَا". دمار شامل لعدالة الدولة: بقدرما تتزاحم النصوص الشرعية – قرآنا ،حديثا وأثرا-الموجبة للعدل والعدالة ؛ في كل ما يعتري حقوق العباد ،خصوصا حينما تكون موضوع تنازع ؛بقد رما تشح كثيرا ،حينما يتجه القصد إلى البحث عن سند للتساهل في الحق ، عاما كان أو خاصا ؛ولو من باب تقوية اللحمة بين الناس ،والتفريط في المصلحة الصغرى جلبا للكبرى. فمن أين لرئيس الحكومة أن يُسَرح- بإحسان متذلل- من ثبت في حقه الفساد؟ دون أن يطلب صفحَه أحد ؛ ودون أن يتنازل جَملٌ عن شحم سِنامه. " ايوا بَاراكا" ؛ وكاد يتممها ب"اللي غْلب يْعَفْ" :أي كُفوا عنا أياديكم .كلام انهزامي يقوله المغلوبُ للغالب . فرق كبير بين موقف العاجز عن إحقاق الحق ؛المستدر لعطف الغالب ؛وقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأسرى يوم الفتح ؛من طغاة قريش: "اذهبوا فأنتم الطلقاء"؛بعد أن سمع منهم إشادة بمنه وكرمه ؛وهم مصفدون في أغلالهم. و قد أثمرت هذه الحكمة النبوية تلاحق أفواج الراغبين في دين الله ؛بعد عناد وتجبر. ولن يقف بباب بنكيران أيٌ من التوابين ؛ حتى يَغلبنا بحجته. وعليه فما صدر عن رئيس الحكومة – وهو في ضيافة علبة الكبريت،المحبة للمغرب والمغاربة حب النار لما جاورت-كلام شاذ لا حكم له ،وسلاح دمار شامل للعدالة ؛ من أي جهة تعاورتها الأفهام. ورغم ارتقاء الزلة الى مستوى الهم الوطني ،الحزبي والجمعوي ؛مما جعل الكثيرين يتوجسون خيفة من الآتي ،من كل الزلات التي يحبل بها المستقبل ؛فان السيد رئيس الحكومة لم يتذكر فضيلة الاعتذار مثلما تذكرها ،وفاخر بها سلوكا عداليا،حينما تم توريط الحزب الحاكم في شُبهة تطبيع مفاجئة، لم يحلم بها الصهاينة . عدم الاعتذار للمواطنين ينقلنا من زلة اللحظة ،كنتيجة للسيولة اللفظية، الى نهج جديد – مفكر فيه- في التعاطي مع الشأن العام :" قِيلوني نْقيلكم" نهج يستدر عطف الفساد؛ يستقوي به على انتظارات المواطنين ،المؤسسة على خطاب دعوي تجييشي؛ ألقى صاحبه بكل ألحانه ومزهرياته في أبي رقراق؛ ذاك العظيم... نهج يقول لكل من أفنى حياته طاهرا ،مطهرا لماله: لم تكن سوى ساذجا لأنك لم تستثمر مدلول العفو و التوبة والمغفرة . ها قد صيرتهم ،بكل قذارتهم، طاهرين مثلك ؛بجمالهم وما حملت. نهج يقول لكل شرفاء القضاء ،والطلبة القضاة، وكل طالب حقوق: لا تنسوا فقه النوازل والمآلات ،ومفاهيم الموافقة والمخالفة ،والمشترك اللفظي؛وكل منعرجات استنباط الأحكام الغريبة . لا تنسوا كل هذا الفيض الذي يعفيكم من التشبع بروح القوانين ؛وبأصول الحكم التي كانت وبالا على علي عبد الرازق. نهج يعلم كل شرطي أن يقول للمخالف : أنت طالق بإحسان. إن كنت فعلتها فقد قال بها كبيرنا: " لا احترام للضوء الأحمر ؛وعيثوا فسادا في مدونة غلاب". نهج يقول للأحزاب : تمسكنوا حتى تتمكنوا ؛ ولا يزال في أبي رقراق متسع لمداد برامجكم. نهج يقول لكل رجال التربية والتعليم : ها قد أرحتكم من كل دروس الأخلاق والشأن المحلي:ألا يشبه هذا الزيادة في الأجور. من قال بأن الزيادة لا تكون بالنقصان من التعب؟ دمار شامل لعدالة الحزب: إذ فيه شرفاء نقدرهم ،ونعرف أنهم يتخذون العدالة،ليس شعارا فقط،بل نهجا في حياتهم الخاصة ،وفي نشاطهم الحزبي،الدعوي و السياسي. و لا احد يجادل في الدرجة المتقدمة التي حققها الحزب ؛ليس في الانتخابات ،لأنها لم تستو ،بعد، معيارا صارما؛بل في نوعية التأطير ؛ والمهارة في تجاوز الخلافات. ومباح أن نمزح ونقول: و في اختراق العمق الإسرائيلي. إن النهج الحالي لرئيس الحكومة ، وأمين الحزب – وكل حامديه وشاكريه- لا يبشر باستمرار تماسك المعمار الحزبي ؛ خصوصا وقد تم تصفيد صقور الحزب الذين يذكرون بنكيران( أو بن نكران) بأن شيئا ما ضاع منه على شاطئي أبي رقراق. "لن أتمرد"، التي يلقيها أحد هؤلاء ؛في وجه الأمين العام، لا تعني شيئا آخر غير:أنا مشروع متمرد. وستلد كل زلة يقظة ؛إلى أن تشرق الشمس فينهض الجميع؛ مودعا ،بأسى ، حلما جميلا في الوصول الى الحكم ،لتحقيق العدالة وليس تثبيت الفساد. لاح الصباح ولم يحمد القوم السرى لأن حادي العيس أراد للقافلة أن تتيه لتصبح ،في الفيافي، غنيمة للصوص. دمار التنمية: "رأس المال جبان" و سِميع؛هذا حتى في الدول ذات المؤسسات الراسخة ،والقضاء التوقعي الذي لا يزيغ. أما حينما يسمع بأن رئيس الحكومة داس بقدميه على حقوق بعض المستثمرين ؛في صراعهم مع لوبيات الفساد ؛ وداس على طمأنينة أغلبهم ؛ وهم يتحصنون بدولة المؤسسات الراعية لأنشطتهم ؛فانه سيقود عربته- فارا- بقبر مفتوح ؛كما يقول الفرنسيون. لا ادري ما حدث ببورصة البيضاء ؛عقب تصريح رئيس الحكومة للجزيرة.ورغم أني غير ضليع في الاقتصاد فاني أعرف أن " سيسموغراف" البورصات –أينما كانت- حساس جدا ؛وساكنتها بأعناق زرافات ، وراداراتها تسجل النوايا قبل الأفعال. لو قيل لي :اطمئن لا شيء حدث ؛لعددت هذا اعترافا من خبيرين بألا أحد يأبه لكلام بنكيران. وهذا في حد ذاته دمار شامل للتنمية . كيف؟ رئيس حكومة يطمئن المفسدين و لا سهم نزل ،أو صعد، بالبورصة؟ حتى أسهم شركات الأمن والتأمين؟ إذن هما أمران أحلاهما مر: إما أن الرجل لا يعتد به في تدبير الدولة؛ أو أن البورصة المغربية لا قلب ولا أعصاب لها. لقد توفرت جميع الشروط لإلزام رئيس الحكومة بالاعتذار : للدولة،للمواطنين وجمعياتهم ،لحزب العدالة والتنمية ؛و لكل المؤسسات و الهيئات الدولية التي لاتقر فاسدا على فساد. [email protected] Ramdane3.ahlablog.com