للأمريكان علاقة غريبة بسياراتهم. لا يمكنك التنبأ بمكانة صاحب السيارة لأن عاملا بسيطا قد يمتلك سيارة مرسيدس آخر طراز بفضل القروض والتسهيلات الكثيرة التي تقدمها شركات السيارات هنا في الولاياتالمتحدة لكن يمكنك التنبأ بشخصية صاحب السيارة من خلال الصور أو بعض الملصقات أو حتى من لوحة السيارة الأمامية. فالسلطات الأميركية تسمح لك بوضع كلمة لا تتجاوز تسعة أحرف على لوحة السيارة مقابل أربعة وعشرين دولارا وهكذا قد تصادفك سيارة تحمل لوحة كتب عليها "زير نساء" أو "مُغرم بالأكل" أو حتى الإسم الشخصي لصاحب السيارة أو بلده الأم عوض الأرقام كما هو الشأن عليه في المغرب. في البداية استغربتُ وضع الأميركيين لرايات بلادهم على سياراتهم و الحرص على التعبير عن آرائهم السياسية باستخدام واجهات تلك السيارات. لاحظت قبل سنتين إقبالا كبيرا على تعليق ملصقات مناهضة للحرب على العراق وبعدها شاعت موضة تعليق علامة مكافحة سرطان الثدي بلونها الوردي المميز لكن الملصق الأكثر شيوعا الآن هو" 09-20-01 آخر يوم لبوش في الحكم" ويباع عبر الأنترنت بدولارين ونصف. الكثير من الأميركيين يستعملون هذا الملصق للتعبير عن غضبهم وحنقهم على بوش الإبن بسبب كل القرارات التي طبعت فترتي حكمه بل إن بعضهم يصر على جعل يوم مغادرته البيت الأبيض عيدا يستحق الاحتفال وشرب الأنخاب! "بوش كذاب" أو "أشتاق لبيل" هي أنواع أخرى من الملصقات الأكثر شعبية هذه الأيام بالإضافة طبعا إلى الملصقات الدينية التي تؤكد على أن المسيح هو السيد والمنقذ أو أن "المسيح يقف بجانبك ويساعدك فساعد نفسك" مع عنوان الكنيسة ورقم هاتفها. لكن الملصق الذي فاجأني ورأيته على سيارات كثيرة في مدينة روكفيل ذات الأغلبية اليهودية بولاية ميريلاند فكان "إننا نساند حق إسرائيل في الحرية والأمن". استغربتُ عدم قيام بعض أصدقائي من الفلسطينيين الذين عاشوا هنا لأكثر من عقد من الزمن باستعمال واجهات سياراتهم لمساندة القضية الفلسطينية... علاقة الأمريكان بسياراتهم مميزة لأنهم يقضون ساعات طويلة داخلها يوميا، يشربون بها قهوة الصباح وهم في طريقهم إلى العمل ويتناولون أقراص البيرغر الساخنة خلال الغذاء وهم على المقاعد الوثيرة عند الدرايف ثرو في محلات الماكدونالدز ويستمعون لبرنامجهم الإذاعي المفضل مساء في رحلة العودة إلى البيت لهذا تجد السيارات هنا أكثر راحة ورفاهية ولهذا بالضبط يقول لك الأميركي دون أن ترف عيناه "يمكنك أن تنام مع زوجتي ولكنك لن تستطيع أبدا قيادة سيارتي"!! ""