عاشت مدينة فاس في الأيام القليلة الماضية محافل تربوية وثقافية تزامنت مع الاحتفال بمرور اثني عشرة قرنا على تأسيسها كعاصمة العلم والثقافة ظلت حضن الدفء للمعرفة ، لا ينضب فيها معين الإبداع ولا يسكن إيقاع الروح سيما إذا فاح بعطر الربيع وعبق الحياة . والحياة في فاس لا تدب بلا معان ، ولا تنبض بلا كلمات وعلامات ، فهي عاصمة الإشراق ، يتسع وعاؤها لكل أشكال الإبداع التي ترقى بالطبع الإنساني ، تنشد الفضيلة . ولعل المعالم التاريخية في فاس تشهد على معاني السمو المعرفي و السعادة الروحية ، تنبعث من ألواح العلم ، بقيت معانيها في سماء المدينة إلى اليوم ، تبعث على استمرار رحلة العلم ، يمتد فيها مسار الإبداع غنيا، بمعالم التراث الثقافي الأمازيغي والعربي ، ليعانق مستقبلا ينساب على إيقاع الألوان في لوحة زيتية . "" وعلى هذا الإيقاع عاشت المدينة من يوم الخميس 10 أبريل 2008 إلى يوم الأحد . و هي تحيي المهرجان الوطني السابع للفيلم التربوي القصير ، الذي حطم رقما قياسيا من حيث حجم المشاركة إذ بلغ خمس عشرة جهة من جميع أصعدة الوطن . وتتمثل كل جهة بفيلم قصير واحد و ذلك للتباري على جوائز المهرجان . وتخللت المهرجان أنشطة تكوينية لفائدة المشاركين و عرض لأفلام وثائقية حول تاريخ المدينة ، و حضور عدد من رجال التربية و الفنانين و وممثلي الإعلام و الصحافة . وكان حضور جهة سوس ماسة درعة متميزا ، حيث شاركت بفيلم " نكين د مي " بمعنى" مع من أنا ؟ " للأستاذ يوسف الكتبي الذي ينحدر من الخميس دادس بورزازات،و هو حاصل على دبلوم الإخراج السينمائي و التلفزيوني ، عمل مساعدا للمخرج في برامج تلفزيونية ، آخرها برنامج عالم السينما الذي كان يقدمه الأستاذ عبد الإله الجوهري . وكان المخرج يوسف الكتبي قد حصل عن فيلمه القصير الأول" نكين د مي "على عدة جوائز وطنية و هي : جائزة أحسن فيلم متكامل في الملتقى الوطني الثاني للفيلم التربوي بالدار البيضاء من 30 ماي إلى 2 يونيو 2007 . ثم جائزة أحسن تشخيص ذكور في الملتقى نفسه . كما حصل على جائزة أحسن مخرج في مهرجان الفيلم العلمي الثالث الذي نظمته جامعة القاضي عياض بمراكش من 1 إلى 5 أبريل 2008 . وأخيرا ، في المهرجان الوطني للفيلم التربوي حظى الفيلم القصير " نكين د مي " بإعجاب الجمهور ،و حصل على الجائزة الكبرى ، وهي جائزة احسن فيلم متكامل ، كما حصل على جائزة أحسن دور ذكور . ولمعلوم أن بطل الفيلم هو طفل صغير لا يتجاوز السنة الرابعة من عمره ، و هو ماجد الكتبي الذي استطاع رغم صغر سنه أن يمتع جمهور فاس في المركب الثقافي الحرية لمدة ثلاث عشرة دقيقة . وعن أجواء المهرجان و نتائجه يقول المخرج : " رغم أن الجوائز الخمس التي حصل عليها الفيلم لحد الآن لم تعوض ما تحملناه من تكاليف مادية في إخراجه و المشاركة به في الملتقيات ، إلا أن الجوائز لها وقع معنوي مهم على الفنانين ، يمدهم بشحنة الاستمرار في المبادرة و التضحية من أجل المعاني النبيلة و القيم الإنسانية التي يعبر عنها الفن . و أعتقد أن هدفي تحقق عندما ناديت المشاهد و خاطبته بمعان تبعث على حب المعرفة و إرادة الخير و ذلك بلغة فيها النور و الكلام يتعانقان ليجسدا رحلة الوعي عند الإنسان .. "