جنون حب الشياطين الخضر جعل كثيرا من الشباب المغاربة الذين ينتمون إلى الأحياء الهامشية سواء بالعاصمة الاقتصادية أو بمحيطها أو حتى بكثير من المدن المغربية يضحون بالغالي والنفيس من أجل مؤازرة فريقهم في السراء والضراء، حتى تحولت الرجاء على مر السنين إلى فريق "الطبقة الكادحة بالمغرب" بامتياز بعد أن استطاع هذا الأخير أن يكسب ثقة وود وحب الطبقة المعوزة بالمغرب. لقد تمكنت الرجاء من أن تحصل على أفضل جمهور في تاريخ المنافسات الكروية سواء خلال مشاركتها في المنافسات الوطنية أو القارية. "" وقد تميز الجمهور الرجاوي بمرافقته الدائمة للشياطين الخضر أينما رحلوا وارتحلوا، غير مبالين بعناء السفر وصوائر التنقل بل أن كثير منهم يخرج من منزله وشعار الرجاء في يده ولا يملك فلسا في جيبه اللهم حب منقوش في القلب ينبض باسم "الرجاء".
تبدأ المغامرة من المحطة الطرقية بالبيضاء تجدهم متناثرين بين جنبتها بعضهم تجند لجمع "الدريهمات" من بعض المواطنين الذين ولوجوا إلى المحطة الطرقية للسفر في حين توجه بعضهم لدى بعض معارفه من "الكريسونات" للحصول على تذكرة رمزية للتنقل إلى مدينة أكادير حيث سترحل الرجاء لمواجهة الحسنية المحلية بملعب الانبعاث.
بعض سائقي الحافلة امتنعوا عن الكشف عن وجهتهم مخافة التعرض لمجموعة من المتاعب ، حيث أكدت التجربة على أن كثير من الأحداث والحوادث المأسوية قد وقعت بسبب نقل الجماهير الرياضية دخل وسائل النقل العمومي حيث يغلب الحماس ويختلط الحابل بالنابل وتتحول الرحلة إلى كابوس مخيف، الله وحده يعلم تداعياته.
منذ مساء الجمعة بدأت الجماهير الرجاوية تتقاطر على مدينة الانبعاث الكل هنا حذر للغاية، فكثير ما وقعت أحداث مأساوية بسبب اللقاءات التي جمعت الحسنية المحلية بالرجاء والتي تحولت على إثرها شوارع المدينة إلى ساحة حرب حقيقية بين طرفين جمعهما حب الكرة وفرقتهم ألوان فرقهم المحلية.
الساعة تشير إلى التاسعة ليلا، المكان الشريط السياحي وأول ما يمكنك ملاحظته التجمعات التي يغلب عليها اللون الأخضر والتي تتعاقب على المكان إنه الشاطئ المكان الذي تعودت الجماهير الرجاوية المبيت فيه. هنا لن يؤدي أحد منهم تذكرة ولا رسوما للمبيت، اللهم إن اقتضى الحال الإجابة على بعض الأسئلة الروتينية والإدلاء بأوراق الهوية عند مصادفة دورية أمنية من الدوريات التي تتجول بشكل متعاقب على طول الشريط السياحي.
كل مجموعة من المجموعات السالفة الذكر اختارت أن تردد كلامات وأناشيد تبرز الثقة في النصر والعودة إلى البيضاء بنصر بين ينتزعه الشياطين الخضر من قلب مدينة الانبعاث. وإذا كان الجمهور المحلي قد نزل بثقله أيضا على طول الشريط السياحي للتأكيد على حضور الحسنية ونصرها الأكيد.
وبين رد وأخذ تبدأ المناوشات اللفظية التي تتحول في بعض الأحيان إلى مواجهات بين المجموعتين كما كان الحال ليلة السبت حوالي الساعة الواحدة بتاربورجت بعد أن تحول احتكاك بسيط بين محبي الفريقين إلى مواجهات كانت ستكون لها نتائج وخيمة لولا تدخل بعض السكان الذين تمكنوا في نهاية المطاف من احتواء الموقف وجبر الخواطر.
انه يوم السبت بقي يوم واحد على موعد إجراء المقابلة الحاسمة، المكان السوق الممتاز "مرجان" هنا حاول مشجعين قدما من البيضاء سرقة بعض الأكياس البلاستيكية التي كانت تحتوي على بعض الأغراض التي اقتنها بعض الزبناء، غير أن يقظة رجال الأمن أدى إلى اعتقال واحد منهما في الحين فيما تمت مطاردة عنصر ثاني أطلق ساقيه للريح وتوجه مباشرة نحو مدخل القصر الملكي ببنسركاو المجاور لمرجان وتخطى السياج محاولا اختراق الأشجار إلا أنه فوجئ بالحرس الملكي ليكتشف أنه تخطى الخطوط الحمراء وكان قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى البوابة الداخلية للقصر – دون علمه بذلك - وقد تم اعتقاله بعد محاصرته من كل الجوانب وقد تم إعلان حالة الطوارئ بمحيط القصر وداخله إلى أن أكتشف حقيقة أمر "المشجع الرجاوي" الذي أراد الحصول على بعض الدريهمات لمساعدته هو وصديقه على مجارات الساعة الفاصلة عن موعد لقاء الرجاء إلى أن الأقدار قد شاءت أن تحجز الشرطة له ولصديقه مكانهما ضمن "الزنزانة" عوض مقعدين ضمن مدرجات ملعب الانبعاث والأكيد أنهما لن يحضرا المقابلة بجسديهما ولكن جوارحهما ستكون حاضرة بقوة مع الشياطين الخضر طيلة تسعين دقيقة من عمر المقابلة، حقا ومن الحب ما سجن!!