في الصورة كمال ومحمد الشطبي مدبرا عملية الفرار على غرار السلسلة الأمريكية الشهيرة "بريوزن بريك" على بعد 40 كلم شمال العاصمة الإدارية الرباط، تقع القنيطرة التي تعد سادس أكبر مدينة مغربية، بتعداد سكاني يصل إلى أزيد من 800 ألف نسمة. ومرت القنيطرة بتجربة استعمارية تفردت بها عن باقي المدن، لسبب بسيط، هو أن مدينة الولي الصالح " سيدي العربي بوجمعة "، تعايش سكانها مع الفرنسيين والأميركيين، إذ ما زالت الآثار الباريسية بادية على جدران عدد من المرافق في حين تلاشت بصمات أحفاد بلاد العام السام، إلا من بقايا يمكن تعقبها من الحكايات وبعض الصور القديمة. وكانت هذه المدينة تعيش وسط هدوء وسكون لا يكسره سوى بعض الأحداث المحلية البسيطة أو المناسبات الفلكلورية أو الفنية، لدرجة أنها تجعلك تحس بأنها تعيش ما يشبه العزلة الإعلامية. غير أنها في الشهور الأخيرة، خطفت الأضواء من المدن الكبرى ووجهت نحوها بوصلات وسائل الإعلام الوطنية والدولية، بعد أن شغلت الأحداث التي وقعت فيها رأي العام، وأوقفت شعر كبار المسؤولين الأمنيين والحكومية والشخصيات السامية. "" فعندما حل بول غرين غراس ومات ديمون بعاصمة الغرب، فوجئ العديد من سكان القنيطرة، بدوي تفجيرات قنابل وطلقات رصاص من مسدسات وبنادق رشاشة، في واحدة من مشاهد فيلم أميركي عن العراق بعنوان "المنطقة الخضراء". إلا أن المفاجأة الكبرى جاءت بعد أن عاشوا على أرض الواقع سيناريو المسلسل الأميركي الشهير "بريزون بريك"، إثر فرار تسعة معتقلين من السلفية الجهادية، أدينوا في ملفات تتعلق باعتداءات 16 ماي الإرهابية في 2003 التي هزت 5 مواقع في العاصمة الاقتصادية الدارالبيضاء، من السجن المركزي في المدينة. وتمكن الهاربون من التسلل إلى خارج السجن بعد أن حفروا نفقا بطول 30 مترا يؤدي مباشرة إلى حديقة منزل مدير السجن، ليقفزا بعد ذلك السور ويصبحوا "أحرارا"، ليخلفوا ورائهم رسالة ختمت ب "المعذرة عن الإزعاج" وأزيد من 50 كيسا مملوءا بالأتربة التي خلفتها عملية الحفر. وعززت الأجهزة وجودها عل الحدود ونصبت حواجز أمنية في مداخل مختلف المدن، فيما تتواتر أخبار عن إمكانية تسللهم إلى خارج المغرب. وليس هذا هو الحادث الوحيد الذي شد أنظار المغاربة إلى هذه المدينة، إذ سبق أن عرف السجن المركزي عملية مماثلة خلفت هروب بارون المخدرات محمد الطيب الوزاني، المعروف باسم "النيني"، لكن عن طريق الحفر أو غيره، بل خرج "على عينك يا تاجر"، في سيارة، قبل أن يجري توصيله على من كانوا ينتظروه على بعد أمتار من السجن. وبعد أيام من فراره، اكتشف غيابه بالصدفة لتبدأ التحقيقات، فيما كان "النيني" وصل إلى الأراضي الإسبانية. وشهدت هذه القضية متابعة ثمانية من موظفي السجن، ستة منهم في حالة اعتقال واثنان في حالة سراح مؤقت، وتتراوح مهامهم داخل هذه المؤسسة ما بين حارس بوابة ورئيس الحي ورئيس مركز للحراسة، وغيرها. وتراوحت العقوبة الصادرة في حق هؤلاء بين شهرين وسنتين حبسا نافذا بعد أن توبعوا بتهم "التزوير والارتشاء ومساعدة سجين على الفرار"، كما تقرر حرمانهم من ولوج أسلاك الوظيفة العمومية لمدة ثلاث سنوات. ولم يكن السجن وحده من سلط الأضواء على القنيطرة، فما إن يجف حبر الأقلام الصحافية حول حدث وقع هناك حتى يتفجر آخر، كان هذه المرة إنسانيا، إذ خلفت كارثة انهيار عمارة من طابقين، تقع بمركب سكني وتجاري يمتد على مساحة تناهز الأربعة هكتارات، مصرع 18 شخصا وإصابة 25 آخرين بجراح. وتوبع في هذا الملف إلى ثلاثة عشر متهما، بعد أن مختبر عمومي للتجارب و الدراسات ثلاثة أخطاء جيوتقنية و 18 خطأ كانت وراء انهيار العمارة. وتتشكل الأخطاء الجيوتقنية في عدم ملاءمة الدراسة الجيوتقنية مع المشروع وغياب أي بحث وتدقيق يتعلق بأساس الأرض، إضافة إلى غياب تصور حول مقاومة المشروع للزلازل. وقبل أيام اختطف ثلاثة أشخاص يلبسون أقمصة رياضية للنادي القنيطرة مشجع من نادي الجيش الملكي، قبل أن يقتادوه إلى غابة، حيث تلوا بيانا، وبدأوا ينهالون عليه بالضرب والتهديد والوعيد، في وقت كان صديق لهم يصور مشاهد هذا الحادث الذي عرض شريطه في "يوتوب"، حيث شاهده أزيد من 17 ألف شخص.