استبشر السادة المستشارين المحترمين خيرا وخبرا سارا بعما أكد لهم رئيس الحكومة احتمال إجراء الانتخابات الجماعية في صيف السنة المقبلة إن لم يتعدى ذلك إلى تاريخ لا يمكن التكهن به والاعلان عنه نظرا لصعوبات موضوعية أساسها ورش الجهوية، و الترسانة القانونية التي يتطلبها المسلسل الانتخابي. ومناسبة هذا التأكيد جاءت خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، التي أبانت فيها المعارضة، على الخصوص، على شرود واضح وتهكم خطير على أعراف وأدبيات المعارضة القوية والبناءة، وفقدت كل اللياقة واللباقة السياسيتين. لقد حسم الخطاب الملكي الشهير في أجندة المسلسل الانتخابي وجعل نهاية سنة 2012 كأقصى سقف لتجديد كافة المؤسسات الدستورية بما يتلاءم و المقتضيات الجديدة للدستور الذي أسس لمرحلة سياسية ودستورية وقانونية جديدة، فالعيب إذن أن تسير مؤسساتنا وفق مقتضيات قديمة- جديدة، وبمنطق استفزازي للذين ساندوا وناصروا دستور الفاتح من شهر يوليوز، من أجل التأسيس لمرحلة جديدة قوامها مؤسسات فاعلة وقوية بقوة القانون. وبدون الدخول في التأويلات الفقهية والدستورية لشرعية استمرارية مجلس المستشارين، فالمنطق الأخلاقي والسياسي يقتضي – في حال عدم القدرة على تنظيم الانتخابات ولو أن الأمر فيه نقاش- حل مجلس المستشارين. إن هذا التمديد، وبغض النظر عن التأويل الفقهي كما سبقت الاشارة إلى ذلك، سيطرح عددا من الإشكالات حول مصداقية العمل البرلماني داخل الغرفة الثانية، وهو ما يتناقض بين عمل الغرفة الأولى وفق المقتضيات الدستورية الجديدة، وبين عمل الغرفة الثانية وفق مقتضيات دستور 1996، والتي أصبحت عبئا على التنزيل السليم والتأويل الديمقراطي للمقتضيات الدستورية المتقدمة، وتشويشا صريحا على التجربة الحكومية التي أفرزتها صناديق الاقتراع، مهما كان الاختلاف في أدائها وكيفية تدبيرها للشأن العام. إن حل مجلس المستشارين والاعلان عن أجندة محددة لإجراء الانتخابات في أقرب الآجال، يشكل جوابا حقيقيا وجريئا بالنسبة لتفعيل دستور فاتح يوليوز، وحتى يكون معنى للممارسة الديمقراطية، وحتى لا تفتقد المؤسسات الدستورية للمسؤولية، وعلى رأسها مجلس النواب الذي ينتخب أعضاءه بطريقة مباشرة من قبل المواطنات والمواطنين، كتعبير حقيقي عن إرادة الأمة.