سقوط 31 قتيلا على الأقل في هجوم أميركي على الحوثيين وترامب يتوعدهم ب"جحيم" لم يعهدوه    الأمن يداهم مستودعا سريا بالناظور ويحجز 15 ألف قنينة خمر    سائق دراجة نارية يحتج على سلوك غير أخلاقي في كورنيش طنجة    ملكة الأندلس تتربع على عرش الجماهيرية دون منازع    وزير الداخلية الفرنسي يهدد بالاستقالة إذا تراجعت باريس في الملف الجزائري    نهضة بركان يدخل تاريخ الكرة المغربية بأول لقب للبطولة الوطنية    الشعباني: "لقب نهضة بركان مستحق"    نهضة بركان يتوج بالدوري الاحترافي    السلطات المغربية تمنع محامين إسبان من دخول التراب الوطني    فيضانات وانهيارات أرضية تجتاح شمال إيطاليا (فيديو)    أمواج عاتية بعلو يتجاوز 6 أمتار ستضرب السواحل المغربية ابتداء من الإثنين    اتحاد طنجة يفرض التعادل على الوداد    تتويج "عصابات" بجائزة "فرانكوفيلم"    الوداد يعود بتعادل ثمين من طنجة ويثبت أقدامه في المركز الثالث بالبطولة    مشاريع إيلون ماسك في الصحراء تثير قلق جزر الكناري    نهضة بركان يتوج بلقب البطولة بعد تعادل مثير مع اتحاد تواركة    الولايات المتحدة تشن ضربات على الحوثيين    الدرك الملكي بالقصر الكبير يطيح بأخطر مروج مخدرات في دوار الكشاشرة    أمواج عاتية بعلو يتراوح بين 4 و6,5 متر ستهم المضيق والسواحل الأطلسية بين رأس سبارتيل وطرفاية ابتداء من الاثنين    عودة الأمطار تنعش آمال فلاحي الغرب بعد فترة جفاف قاسية    منظمة تستنكر تصريحات وهبي بشأن تقييد المجتمع المدني في التبليغ عن جرائم الفساد من مشروع قانون المسطرة الجنائية    تأثير مرض السكري على العين و عوارض اعتلال الشبكية من جراء الداء    القدس.. تأسيس معهد إمارة المؤمنين للسلام    ارتباك في حركة القطارات بالدار البيضاء بسبب أشغال التأهيل    الثلوج تغطي مرتفعات غرب إقليم الحسيمة (صور)    الحسيمة .. انطلاق النسخة الثانية من الأمسيات الرمضانية في فن المديح والسماع    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    السكتيوي يستدعي 32 لاعبا استعدادا "للشان"    وزير الداخلية الفرنسي يلوّح بالاستقالة إذا ليّنت باريس موقفها في ملف الجزائر    التعاون العسكري المغربي الدولي و أهمية المناورات المشتركة وأبعادها    انطلاق لقاءات ميدانية ل"جيل 2030"    المصارع العالمي "جون سينا" يصور فيلمه الجديد في البيضاء    قصف يقتل 9 أشخاص شمال غزة    المجلس ‬الأعلى ‬للتربية ‬والتكوين ‬يصدر ‬وثيقة ‬‮»‬المدرسة ‬الجديدة‮:‬ ‬تعاقد ‬مجتمعي ‬من ‬أجل ‬التربية ‬والتكوين‮»‬    المغرب يوسع استثماراته في الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر    "العدالة والتنمية": عمليات هدم وترحيل ساكنة أحياء الرباط غير قانونية وشابتها خروقات كثيرة    الدرهم يرتفع أمام الدولار ويتراجع أمام الأورو.. واستقرار في الأصول الاحتياطية الرسمية    العراق يحتل المركز الأول عالميا في عدد أشجار النخيل    رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للاتحاد الإفريقي: رئاسة المغرب تميزت بإنجازات "غير مسبوقة"    مْسِيحْ المْوس: حين يصبح الضحك على الذقون سياسة رسمية !    مؤسسة لالة زهرة اليملاحي للتنمية العادلة وإحياء الثرات بالعرائش تنظم رمضانيات ليكسوس لإحياء الثرات    أبرز المعارك الإسلامية.. غزوة "بني قينقاع" حين انتصر النبي لشرف سيدة مسلمة    البولندي مارشينياك حكم ديربي مدريد يكسر صمته بشأن لقطة ألفاريز    الولايات المتحدة تطرد سفير جنوب إفريقيا لأنه "يكره" ترامب    "عبق التراث" يميز وثائقيات "الأولى"    هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة: صافي الأصول يتجاوز 723 مليار درهم    الاتحاد الأوروبي يفرض رسوما على صادرات المغرب من إطارات السيارات    "كلية وجدة" تحتفي بذاكرة أساتذة    الغذاء المتوازن و صحة القلب في رمضان !!    عرقلة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي بسبب ارتفاع الأسعار وترويج المواد الغذائية الفاسدة    بالصدى .. الثقة والزئبق    فرنسا تعلن استيراد الحصبة من المغرب    أهمية الفحوصات الطبية خلال شهر رمضان    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    جديد دراسات تاريخ الأقاصي المغربية: التراث النوازلي بالقصر الكبير    فضل الصدقة وقيام الليل في رمضان    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    دراسة: الوجبات السريعة تؤدي إلى تسريع الشيخوخة البيولوجية    









الجامعة بين نص الطايع وعنف الأستاذ/الطالب
نشر في هسبريس يوم 31 - 05 - 2012

لما ينتفض بعض الأساتذة وبعض تلامذتهم ، ولما تتحول ساحة الجامعة إلى صراخ وعويل، ولما يُنهج أسلوب النسف والتشويش ضد الأنشطة الثقافية، بغض النظر عن مضمونها، نقول لما يحصل مثل كل هذا وغيره، يجب أن نقف وقفة مراجعة وتدبر وتحديد للمسار، وقفة نحاول من خلالها فهم الحيثية السياسية والاجتماعية والثقافية التي يحيى فيها الإنسان المغربي بصفة خاصة والإنسان المسلم بصفة عامة. لماذا نقول ذلك ؟
نقول ذلك بعدما شاهدنا ، وشاهد العالم، مقطع الفيديو على اليوتيوب، المنسوب لمنظمة التجديد الطلابي المقربة من حزب العدالة والتنمية، حيث انتفخت أوداج مجموعة من الشباب بتأطير من أستاذين أو أكثر، ضدا على ندوة ثقافية كانت إدارة الكلية قد باشرتها بحضور الكاتب المغربي عبد الله الطايع، المعروف بميولاته الجنسية المثلية. لنتساءل حول ما الدافع وراء نسف هذا النشاط الثقافي من هؤلاء الفتية وأساتذتهم، هل بسبب كون المحاضر شخص سبق أن أعلن عن ميولاته الجنسية المثلية؟.
لكي نفهم ماذا حصل علينا العودة إلى موضوع اليوم الدراسي المخصص، كما علمنا، لموضوع النص الأدبي، على اعتبار أن المحاضر هو من كُتاب الرواية . فهل كان هذا الأمر مدعاة للانتفاض من أجل نسف هذا النشاط، مع صيحات التكبير والتهليل والتصفيق والفرح بتحقيق نصر كبير؟ ألم يكن الأجدر بهؤلاء الفتية أن يميزوا بين ميولات الشخص ومضمون اليوم الدراسي؟
نعلم أن المنظمة التي ينتمي لها هؤلاء الطلبة المنتفضون ضد الطايع، قد استضافت مجموعة من الاسماء داخل الحرم الجامعي، ومنهم من لديه تصورات بيدوفيلية، كما هو شان عبد الرحمان المغراوي، الذي أجاز الزواج من بنت الست سنوات. ومنهم من لديه مواقف ضد حرية الاعتقاد والاختلاف الفكري، كما هو الشأن بالنسبة للفيزازي، الذي صرح داخل الحرم الجماعي خلال ندوة ، من تنظيم منظمة التجديد الطلابي، بأن من قال أنا مسلم علماني كمن قال أنا مسيحي علماني، كما صرح في ندوة أخرى بأن حد قتل المرتد واجب التطبيق، ضاربا عرض الحائط كل الاجتهادات والمؤاخذات التي لا تتماشى مع تصوره. فماذا لو انتفض الشباب العلماني والمجتمع المدني المناهض للدولة الدينية ولتزويج القاصرات، ضد ندوات منظمة التجديد الطلابي وقام بنسفها وإفشالها، ماذا كان سيكون رد علماء حركة التوحيد والإصلاح وقياديو العدالة والتنمية؟. حتما كان موقفهم هو التنديد بالعنف والإقصاء وقمع حرية التعبير مع التذكير بقوله تعالى: قل هاتوا برهانكم .
إذا لم يتدارك عقلاء هذا الوطن الامر ويصوبوا توجهات أتباعهم ومحازبيهم نحو فكرة تقبل الأخر وسلوك مسلك الحوار والاقناع والتأسيس للأفعال بدل ردود الافعال، إذا لم يحصل ذلك فإننا سنعود القهقري ونتشبه بدول بائدة واخرى في طريقها إلى الزوال، سنضحي مثل بلدان قريبة منا تسخر لجان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وتتبع عورات الناس وتلاحقهم في الاسواق ودور السينما، سنتحول إلى دول تفرض على المرأة تغطية كامل وجهها مع الضرب من حديد على يد كل امرأة حاولت أن تظهر زينة عينها ولو من وراء نقاب.
قد نختلف أو نتفق مع أمثال عبد الله الطايع بخصوص ما يؤمن به من مثلية، لكن أن يحرم حقه في التعبير عن اهتماماته العلمية والفكرية ويتم نسف محاضراته وندواته، التي لا يدعو فيها إلى للشذوذ، وإنما يحاضر من خلالها في مواضيع من قبيل النص والرواية وغيرها. فهذا مدعاة للاستغراب والدهشة، خاصة أن هذا الاسلوب في التعامل قادم من شباب ينتمون إلى حركات دعوية وسياسية تقول عن نفسها أنها وسطية تؤمن بالحرية وتدعو إلى التسامح. فإذا كان هذا ديدن هؤلاء فما بالنا بالحركات المتطرفة التي تعلن جهارا نهارا أنها ضد الحرية وضد الأخر المغاير.
يجب أن نتعلم من تجارب الأخر حتى لا نقع في أخطائه، علينا أن ندرس تجارب الامم السابقة والمعاصرة لنا، فالميولات الجنسية للشعراء العرب لم تكن لتمنعهم من إلقاء أشعارهم في الساحات والأسواق الإسلامية، ولم نجد في كتب التاريخ أن حاكما إسلاميا قتل شخصا شاذا أو منعه من إلقاء شعره أو منعه من مشاركة الناس محافلهم ومناسباتهم.
وغير بعيد عنا ، زمنيا أو جغرافيا، نتساءل من منا يعرف أن ميشيل فوكو، مثلا، كانت لديه ميولات مثلية، وأن نيتشه كان غاو لزنا المحارم. بلعكس كل سلبيات هؤلاء انمحت ولم تصلنا منهم إلى كتاباتهم الفلسفية ومساهماتهم العلمية، وأما حرياتهم الشخصية فلم تكن لكي تستهوي أتباعهم أو يعيروا لها أي اهتمام. ولم نشهد مسيرات لحركات مسيحية تناهض المثلية الجنسية، رغم وجودها، تحتل مدرجات الجامعة من اجل قمع فوكو ونسف محاضراته، بل كل ما لدينا من وقائع تبين لنا أن الناس كانوا يتكدسون في المدرجات، وقبل أيام من موعد المحاضرات التي كان يلقيها فوكو في الجامعة ومنهم من كان يحضر معه أكله وغطائه في انتظار المحاضرة خشية امتلاء المكان.
وحتى لا نتهم بأننا نريد أن نقلد فرنسا العلمانية، فإننا نحيل القارئ إلى بلد قريب منا وهو دولة إيران التي ورغم تشدد فقهائها، إلى درجة إقامتهم حدود الردة ورجم الزاني، إلا أنهم أباحوا لدوي الميولات الجنسية حرية تغيير جنسهم، ومن تم اعتبرت إيران اكبر بلد للمتحولين جنسيا في العالم، بينما نحن في المغرب لدينا شخص لا نعرف هل هو(هي) رجل أم أنثى رغم مطالباته(ا) المتكررة بالسماح له(ا) بتغيير اسمه(ا) وجنسه(ا) لأنها(ه) أنثى وليس ذكر .
وعلى سبيل الختم، وإجابة على أي استدراك من قبيل: الطايع حر في تصوراته والطلبة أحرار في التعبير عن موقفهم منه، نقول نعم ذلك صحيح ومقبول من حيث أن للمخالف الحق في التظاهر ضد من يختلف معهم، لكن غير المقبول هو أن يتحول التظاهر إلى عنف وتشويش ومن تم نسف، وهو ما شاهدناه في مقطع الفيديو، إذ حج الطلبة إلى مكان انعقاد الندوة وشرعوا في الصراخ ، ولم ينسحبوا حتى أعلنت الإدارة إلغاء النشاط، ولا نعلم ماذا كان سيحدث لو لم تستجب الإدارة لمطلبهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.