السكوري: مشروع قانون الحق في الإضراب الذي أقره مجلس النواب لا يعكس الموقف الحكومي    اتخاذ إجراءات صارمة لكشف ملابسات جنحة قطع غير قانوني ل 36 شجرة صنوبر حلبي بإقليم الجديدة    رغم محاولات الإنقاذ المستمرة.. مصير 3 بحّارة مفقودين قرب الداخلة يظل مجهولًا    رسميا.. مسرح محمد الخامس يحتضن قرعة الكان 2025    توقيع اتفاقية مغربية-يابانية لتطوير قرية الصيادين بالصويرية القديمة    دولة بنما تقدم شكوى للأمم المتحدة بشأن تهديدات ترامب لها    ترامب يعاقب أكبر داعم "للبوليساريو"    المغرب يُحبط أكثر من 78 ألف محاولة هجرة غير نظامية في 2024    القضاء يبرء طلبة كلية الطب من التهم المنسوبة اليهم    الحسيمة: توقيف مشتبه به في شبكة إجرامية متخصصة في الهجرة السرية    منتخب "U17" يواجه غينيا بيساو وديا    تنفيذ مغربي لعملية الطعن في تل أبيب يثير انقسامات واسعة بالمملكة    القضاء الفرنسي يصدر مذكرة توقيف بحق بشار الأسد    هلال يدين تواطؤ الانفصال والإرهاب    الشيخات داخل قبة البرلمان    غموض يكتنف عيد الأضحى وسط تحركات لاستيراد المواشي    المحكمة الدستورية تجرد بودريقة من مقعده البرلماني    اعتقال المؤثرين .. الأزمة بين فرنسا والجزائر تتأجج من جديد    عزيز غالي ينجو من محكمة الرباط بدعوى عدم الاختصاص    بنعلي: المغرب يرفع نسبة الطاقات المتجددة إلى 45.3% من إجمالي إنتاج الكهرباء    طلبة المعهد الوطني للإحصاء يفضحون ضعف إجراءات السلامة بالإقامة الداخلية    الغموض يلف العثور على جثة رضيعة بتاهلة    وهبي يعرض مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    أيوب الحومي يعود بقوة ويغني للصحراء في مهرجان الطفل    120 وفاة و25 ألف إصابة.. مسؤول: الحصبة في المغرب أصبحت وباء    الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يزيد من مخاطر تدهور الوظائف العقلية ب16 في المائة    محكمة الحسيمة تدين متهماً بالتشهير بالسجن والغرامة    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    حضور جماهيري مميز وتكريم عدد من الرياضيين ببطولة الناظور للملاكمة    سناء عكرود تشوّق جمهورها بطرح فيديو ترويجي لفيلمها السينمائي الجديد "الوَصايا"    الدوري السعودي لكرة القدم يقفز إلى المرتبة 21 عالميا والمغربي ثانيا في إفريقيا    إقليم جراد : تدابير استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد    "أزياء عنصرية" تحرج شركة رحلات بحرية في أستراليا    مجموع مشتركي نتفليكس يتخطى 300 مليون والمنصة ترفع أسعارها    الكويت تعلن عن اكتشاف نفطي كبير    دراسة: أمراض اللثة تزيد مخاطر الإصابة بالزهايمر    تداولات الإفتتاح ببورصة الدار البيضاء    أبطال أوروبا.. فوز درامي لبرشلونة وأتلتيكو يقلب الطاولة على ليفركوزن في مباراة عنيفة    الجفاف وسط البرازيل يهدد برفع أسعار القهوة عبر العالم    شح الأمطار في منطقة الغرب يثير قلق الفلاحين ويهدد النشاط الزراعي    Candlelight تُقدم حفلاتها الموسيقية الفريدة في طنجة لأول مرة    جماهير جمعية سلا تطالب بتدخل عاجل لإنقاذ النادي    رئيس جهة سوس يقود حملة انتخابية لمرشح لانتخابات "الباطرونا" خلال نشاط رسمي    عادل هالا    الصين تطلق خمسة أقمار صناعية جديدة    المدافع البرازيلي فيتور رايش ينتقل لمانشستر سيتي    الشاي.. كيف تجاوز كونه مشروبًا ليصبح رمزًا ثقافيًا عميقًا يعكس قيم الضيافة، والتواصل، والوحدة في المغرب    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" رفقة سكينة كلامور    افتتاح ملحقة للمعهد الوطني للفنون الجميلة بمدينة أكادير    وفاة الرايس الحسن بلمودن مايسترو "الرباب" الأمازيغي    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخلفي: موقفنا من "روس" لا علاقة له بتطور العلاقات مع الجزائر
نشر في هسبريس يوم 28 - 05 - 2012

*أجندة الحكومة في مجال الإعلام تستهدف توفير شروط إنتاج إعلام وطني ديموقراطي وحر ومسؤول ومبدع
*هناك قرارات صعبة اتخذتها الحكومة وتحملت فيها المسؤولية كإيقاف التوظيف المباشر
*نؤسس لمنطق إيجابي وجديد في التعامل بين السلطة والشعب
*دولة قطر قدّرت عالياً خصوصية وتميز التجربة المغربية في التغيير في زمن الربيع الديمقراطي
*الحوار مع شبكة الجزيرة لا يزال مستمرا، ونأمل أن يصل إلى نتائج إيجابية
اعتبر مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن سحب المغرب لثقته من المبعوث الأممي كريستوفر روس لا علاقة له بالتطور الإيجابي الحاصل في العلاقات بالجزائر، لكون هذا مسلسل انطلق منذ أشهر ولا زال مستمرا، ولاعتبار أن حصول القناعة بسقوط روس في مسلكيات منحازة وغير متوازنة تضر بقدرته على إدارة مسلسل تفاوضي ناجح.
وأكد الخلفي، في حواره مع صحيفة "العرب" القطرية، على هامش منتدى الدوحة الأخير، أن المغاربة بفضل انخراطهم في قوى سياسية وشبابية صاعدة ومعتدلة وفعالية مجتمع مدني نشيط، أبدعوا ما عرف بخيار "الطريق الثالث" أي طريق الإصلاح في إطار الاستقرار بما يحفظ المكتسبات والوحدة دون الوقوع في منطق الثورة أو البقاء ضمن المنطق القديم لتدبير الشأن العام.
وأضاف الوزير أن حصيلة الحكومة المغربية خلال هذه الشهور القليلة إيجابية، كما أن عملها يركز على ثلاثة ملفات كبرى تتعلق بالحكامة الجيدة ومحاربة الفساد، والتنمية الاقتصادية ومحاربة البطالة، وملف العدالة الاجتماعية والاستجابة للانتظارات الملحة في قطاعات الصحة والسكن والتعليم ...
وفيما يلي نص الحوار الكامل:
شاركتم بمنتدى الدوحة ومؤتمر إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط، كيف تنظرون لهذه التظاهرة في ظل ما يعرفه العالم العربي من حراك سياسي وتغيير جذري لعدد من الأنظمة السياسية العربية، وما المنتظر من مثل هذه الفعاليات لتنسجم مع مطالب الشارع العربي الثائر؟
هذا المنتدى يعد محطة سابقة على أجواء الربيع الديمقراطي الذي عرفته دول من عالمنا العربي، لكن دورة المنتدى الأخيرة تميزت بتركيزها على استحقاقات هذا الربيع التي عرفتها عددا من بلداننا العربية على المستويات الديمقراطية والاقتصادية و الاجتماعية والثقافية.
ومن هنا فقد ركز المنتدى في مجمل فقراته على الأبعاد الاقتصادية والسياسية المرتبطة بالربيع الديمقراطي العربي، و كذا على الأبعاد الحقوقية والحريات والإصلاحات السياسية المرتبطة بهذا المسار.
دولة قطر كان لها ثقل كبير في كافة هذه الملفات الكبرى المرتبطة بالتغيير في العالم العربي، وهي تحتضن اليوم هذه الدورة، كيف تقيمون دورها قطر في دعمها التغيير والإصلاح العربي؟
لقد كان لدولة قطر موقف خاص من انطلاقة الربيع العربي الديمقراطي، حيث سعت إلى التفاعل بشكل إيجابي مع مختلف محطات التحول على خلاف عدد من الدول العربية الأخرى.
كما أن دولة قطر قدرت عاليا خصوصية وتميز التجربة المغربية في الإصلاح والتغيير في زمن الربيع الديمقراطي. و قد تفاعلت مع النموذج المغربي بشكل ايجابي، وهذه مواقف تحسب لصالحها.
كانت تجربتكم المغربية من النماذج الحاضرة ضمن فعاليات المنتدى، كيف كانت أصداء ذلك؟
لقد عبر المغرب عن تفاعله مع مستجدات الساحة العربية بمستوى متقدم وكبير من الوعي والنضج وتبلورت خريطة طريق هذا التفاعل بوضوح مع الخطاب التاريخي لجلالة الملك محمد السادس في 9 مارس من السنة الماضية والذي جسد الدور الحيوي للمؤسسة الملكية في قيادة الإصلاحات والتعاطي الاستباقي والإرادي للمغرب مع تحديات الاصلاح الديموقراطي، والاستناد في ذلك على رصيد الإصلاحات التي تبلورت طيلة العشرية الماضية ومعها. وجود قوى سياسية وشبابية صاعدة ومعتدلة و ومجتمع مدني نشيط ، وهو ما أثمر ما عرف بخيار "الطريق الثالث" أي طريق الإصلاح في إطار الاستقرار بما يحفظ المكتسبات والوحدة، أي دون الوقوع في منطق الثورة، أو البقاء ضمن المنطق القديم لتدبير الشأن العام. وهو طريق نهج من خلاله المغرب أسلوب الإصلاح في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلاقة السلطة والمجتمع وغيرها مع الاحتفاظ بمبدأ الاستقرار.
لذلك كان لا بد من مشاركتنا في هذا المنتدى، وذلك من أجل تسليط الضوء على تجربة لها خصوصية وتميز في مسار الربيع الديمقراطي الذي عرفته المنطقة العربية.
توليتم في الحكومة الجديدة برئاسة السيد عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي تدبير عدة ملفات شائكة في ظرفية حساسة جدا على الصعيد الداخلي والخارجي، هل تعتقدون أنكم تمكنتم خلال هذه المدة التي مرت من خلخلة وتحريك الأمور بخصوص هذه الملفات؟
كون أن المغرب اختار الطريق الثالث في عملية التحول الديمقراطي، أي على أساس السيناريو الذي يقوم على الإصلاح في إطار الاستقرار. يعكس وعيا بوجود إكراهات، لكن بالمقابل هناك فرص. ومن أبرز تلك الفرص أن المغرب يخوض تجربة التحول وقد حسم الإطار الدستوري الذي يؤطر هذه المرحلة. في الوقت الذي ما زالت فيه دول عربية أخرى شهدت ثورات الربيع الديمقراطي تشتغل على إنتاج هذا الإطار الدستوري الذي سيؤطر عملية الإصلاح السياسي في تلك البلدان.
بمعنى أن التجربة في المغرب انتقلت إلى تجسيد استحقاقات تنزيل الدستور الجديد الذي صوت عليه المغاربة في فاتح يوليوز 2011. وهي عملية انخرطت فيها الحكومة الجديدة التي يقودها الأستاذ عبد الإله بنكيران. وبموازاة الاشتغال على التنزيل الأمثل للدستور ، باعتباره الحاضن الكبير لعملية الإصلاح العميق لعلاقة الدولة بالمجتمع، وجعل الدولة في خدمته وتعزيز الثقة بينهما وبين المؤسسات المنتخبة والمجتمع، هناك عمل دؤوب على مواجهة التحديات المرتبطة بثلاث ملفات كبرى.
تتعلق أولاها بالحكامة الجيدة ومحاربة الفساد، ثانيا هناك ملف التنمية الاقتصادية ومحاربة البطالة، خاصة لدى الشباب حاملي الشواهد العليا. ثالثا هناك ملف العدالة الاجتماعية والاستجابة للانتظارات الملحة في قطاعات الصحة والسكن والتعليم ...
هذه هي الانشغالات الرئيسية الراهنة للحكومة. وهناك تحديات أخرى مرتبطة بالسياسة الخارجية، من قبيل استثمار الحالة المغربية من أجل دعم الإشعاع المغربي على المستوى العالمي، حيث تم الانخراط في هذا المسار، ثم هناك ما يهم قضية الصحراء المغربية.
وهنا لابد من الإشارة إلى الموقف الأخير للحكومة المغربية بسحب الثقة من السيد كريستوفر روس، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، بسبب مواقفه المنحازة وغير المتوازنة من تطورات النزاع، وبسبب عجزه التام عن دفع الأطراف المعنية إلى الانخراط في مفاوضات حقيقية للتوصل لحل لهذا النزاع المفتعل.
وهل من أمثلة حول بعض الملفات التي اتخذت فيها الحكومة بعض الإجراءات وحصلت فيها إنجازات؟
فعلا هناك إنجازات ملموسة وأولية، فمثلا عملت الحكومة على تنزيل صندوق التكافل العائلي بتكلفة تقدر ب 160 مليون درهم (دولار يساوي حوالي 9 دراهم مغربية)، ويهم الصندوق التكافل بوضعية حوالي 40 ألف امرأة كمرحلة أولى من خلال الدعم المالي. ثم عملت الحكومة كذلك على إطلاق صندوق دعم التماسك الاجتماعي بكلفة 2.5 مليار درهم لضمان التغطية الصحية، ودعم الفئات الأقل حظا اجتماعيا لمواجهة تحديات تمدرس أطفالها، ودعم الأسر التي تتكفل بأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة. ومن أبرز الأوراش أيضا هناك التنزيل العملي لمشروع التغطية الصحية للمعوزين، والذي يستهدف تعميم التغطية الصحية للطبقات الفقيرة من المجتمع والتي لا تتمتع بصناديق للتغطية الصحية، وهو مشروع طموح في بداياته.
أشير أيضا إلى أن القانون المالي لسنة 2012، و الذي وصفه الجميع بالطابع الاجتماعي، كرس مجهوده لصالح تكريس العدالة الاجتماعية. ومن خلال هذا المبدأ تم إقرار إجراءات ضريبية تهم التقليص من الضغط الجبائي لعدد من المواد الطبية والأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة كالسرطان والقلب والربو. كذلك تم تشجيع فرص اقتناء السكن للطبقات الضعيفة والمتوسطة عبر عدد من الإعفاءات الضريبية. دون أن ننسى أن القانون المالي خصص أزيد من 26 ألف منصب شغل جديد كمساهمة من الحكومة في مجهود التشغيل، وهو رقم لم يسجل منذ سنوات. كما تم اتخاذ إجراءات، من خلال التوقيع على اتفاقية مشتركة في مارس الماضي مع الكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب لتعزيز فرص الاستثمار والتشغيل وتنقية أجواء مناخ الاستثمار في بلادنا لتسهيل استقطاب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية.
في المجال الاقتصادي أيضا تم من خلال القانون المالي الجديد، الذي صادق عليه البرلمان نهاية الأسبوع الماضي، اتخاذ سلسلة من الإجراءات تهم أساسا تعبئة الاستثمار العمومي، حيث تمت تعبئة ما يقدر ب 180 مليار درهم لهذا المجهود الاستثماري العام. وبالمناسبة فهذا مشروع مالي انتقالي وستعمد الحكومة على إبراز بصماتها من خلال مشروع القانون المالي للسنة المقبلة.
قيل الكثير عن محاربة الفساد والكشف عن لوائح المستفيدين من الامتيازات؟
عملنا على تفعيل مؤسسات الرقابة كالمجالس الإدارية للمؤسسات العمومية وشبه العمومية من أجل اتخاذ قرارات تهم ترشيد الإنفاق العام. وتهم أساسا إطلاق عمليات افتحاص وتدقيق فعالة للحسابات لمراقبة أوجه صرف المال العام في إطار تكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، و هناك توجه جديد لتكريس منهج التفاعل الأمثل مع تقارير المجلس الأعلى للحسابات التي تشخص أوجه الاختلالات في بعض المؤسسات والجماعات المحلية والمرافق العمومية.
هنالك أيضا قرارات صعبة اتخذتها الحكومة وتحملت فيها المسؤولية، كقرار إيقاف التوظيف المباشر وبدون مباريات استنادا على قانون صدر قبل مجيء الحكومة الحالية، لكن الحكومة الراهنة تحملت مسؤوليتها في التفعيل التام لنظام المباريات، في إطار تفعيل للدستور و تكريسا لمبدأ المساواة بين المواطنين، يشمل الجماعات الترابية المحلية والمؤسسات العمومية ومختلف إدارات الدولة، لكن كل هذا إلى جانب الحرص التام على إقرار احترام القانون في العلاقة مع الاحتجاجات الاجتماعية، كما تم إطلاق سلسلة من الحوارات الاجتماعية مع النقابات ومختلف الفئات المحتجة من أجل إيجاد حلول للمشاكل المطروحة التي يموج بها المجتمع. هكذا تم تفعيل مقتضيات اتفاق 26 أبريل 2011 بين الحكومة والمركزيات النقابية في القطاعين العام والخاص "على الرغم من الظرفية الصعبة"، وهو ما سيكلف ميزانية الدولة 13.5 مليار درهم. وحضيت القطاعات الاجتماعية بالأولوية في القانون المالي لسنة 2012 بتكلفة مالية تصل إلى 72 مليار درهم تهم بالأساس دعم قطاعات التعليم والصحة والسكن.
كما أن الحكومة عملت على تكريس وإقرار عهد جديد من التدبير الشفاف للشأن العام، وتحمل المسؤولية في ظرفية اقتصادية صعبة، حيث تزامن تولي الحكومة الحالية تدبير الشأن العام مع موسم فلاحي جاف في المرحلة الأولى. كما أن الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالمنطقة الأوروبية تلقي بظلالها على الأوضاع بالمغرب (باعتبار الاتحاد الأوروبي أكبر شريك اقتصادي للمغرب)، لكن رغم كل ذلك تحملت الحكومة مسؤوليتها في إدارة هذه المرحلة رغم كل الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية.
من جهة أخرى، أقرت الحكومة في نفس الوقت سلوكا جديدا في التعامل مع ملفات استغلال عدد من المرافق و نظام الامتيازات، ابتدأ بالكشف عن المستفيدين من مأذونيات ورخص النقل، بالموازاة مع العمل على الإعداد لإصلاح عميق وشمولي لهذا النظام من رخص النقل. إصلاح من المنتظر أن يشمل أيضا نظام استغلال مقالع الرمال وغيرها من الرخص. كل هذا المجهود يستهدف إقرار نظام عادل يقوم على الشفافية، تكافؤ الفرص، المساواة بين المواطنين، وإتاحة المجال للمجتمع حتى يستثمر قدراته وطاقاته بشكل ايجابي وناجع، هذا بشكل عام التطور الايجابي. إذن يمكن القول بأن هناك نفسا جديدا ومناخ مغاير يتأسس وسط المجتمع.
يؤاخذ عليكم المنتقدون لتجربتكم أنها وسيلة لتخفيف الاحتقان والتنفيس عن المجتمع لمصلحة بقاء النظام واستمرار الأوضاع على ما هي عليه، مع بعض المسكنات من قبيل الإعلان عن قائمة المستفيدين من مأذونيات ورخص النقل في إطار الريع الذي كان سائدا سابقا، ومعركة دفاتر التحملات، هل ستذهبون في هذه الملفات إلى آخر المطاف أم أن لوبيات الفساد لا زالت هذه صاحبة القرار؟
القضية لا تكمن في مسألة تنفيس ولا تخفيف الاحتقان، نحن الآن في الشهر الخامس على تنصيب الحكومة الحالية والشهر السادس على مرور الانتخابات التشريعية التي بوأت حزب العدالة والتنمية المرتبة الأولى بمجلس النواب، ليتولى الحزب بعدها قيادة الفريق الحكومي الحالي في تحالف يشمل ثلاثة أحزاب سياسية أخرى هي أحزاب الاستقلال، الحركة الشعبية، و التقدم والاشتراكية.
إن عمليات التنفيس في الفعل السياسي غالبا ما تكون مؤقتة وسرعان ما تطوى صفحاتها. ما نحن بصدده في المغرب هو على خلاف ذلك. نحن الآن بصدد بناء علاقة جديدة متجددة بين القائمين على تدبير الشأن العام والمجتمع. علاقة تقوم على أن من يتحمل المسؤولية العامة يجب أن يكون في خدمة المجتمع، وأن يكون رهن إشارته، ويقدم الأجوبة حسب الإمكانات المتاحة لمختلف الأسئلة و الانتظارات. علاقة ينبغي أن تقوم أساسا على الثقة، الوضوح، الصراحة، ثم المكاشفة بالإمكانات وما هو متاح.
المعطى الثاني أن هناك أيضا حرص على ربط المسؤولية بالمحاسبة. وهذا منطق جديد تشكل ولم يكن متداولا بقوة في أدبيات التدبير في السابق، تشكل بشكل قوي عن طريقة المراجعة الدستورية، لقد كان للمفهوم نوع من الأجرأة العملية بدرجات محدودة، لكنه الآن له قواعد دستورية تنص على الحكامة الجيدة. كما أن ربط المسؤولية بالمحاسبة يقتضي أن نؤسس لمنطق ايجابي في التعامل بين السلطة والشعب، وهو ما بدأ يفرز العلاقة الجديدة التي تنشأ الآن بين المواطن والدولة.
وماذا عن الضجة التي أثيرت حول دفاتر التحملات الخاصة بالقنوات التلفزية؟
لقد تحملت الحكومة مسؤوليتها عقب النقاش الذي أثير حول دفاتر التحملات، حيث تم تشكيل لجنة وزارية تشتغل على الموضوع.
اتخذتم مؤخرا جملة من القرارات التي أثارت حفيظة شرائح واسعة من المجتمع، كالشباب العاطل عن العمل والنقابات وغيرهم، أنتم مقبلون على استحقاقات انتخابية قريبا، ألا تخافون أن يعاقبكم الشعب الذي صوت عليكم في التشريعيات في الانتخابات المحلية؟
ليس هناك أي تخوف، لأن العلاقة بين الحكومات والشعوب عليها أن تتأسس على الوضوح والمسؤولية والوفاء للمبادئ، وإلا فإنها ستكون قائمة على المزايدات والهروب من تحمل المسؤولية.
نحن في الحكومة الحالية تحملنا مسؤوليتنا في مختلف القضايا المطروحة، وقمنا بما نظنه هو الصحيح و الصائب، كل ذلك في احترام تام لما جاء به الدستور الجديد، بحيث لا يمكننا أن نضعه على الرف وأن يصبح حبرا على ورق.
خبرتم المجال الإعلامي حيث مارستم مهنة الصحافة لمدة طويلة، وأنتم على دراية واطلاع بمعاناة هذه الشريحة سواء داخل الوطن أو خارجه، ما هي أبرز تصوراتكم للاستجابة لمطالب الصحافيين والإعلاميين المغاربة؟
أجندتنا التي انطلق فيها العمل منذ اليوم الأول لتنصيب الحكومة تستهدف توفير شروط إنتاج إعلام وطني ديموقراطي، حر، مسؤول، ومبدع. وهذا يقتضي من بين ما يقتضيه العمل على أربع مستويات:
1- إصلاح عميق لقوانين الصحافة والنشر في بلادنا حتى تنسجم مع ما جاء به الدستور الجديد ، خاصة ما يتعلق بضمان الحق في الولوج إلى المعلومة، وفي تجسيد المقتضيات الفعلية لضمان حرية الصحافة والتعبير. إضافة إلى كل ما يهم مواكبة مستجدات التكنولوجيا والتطورات التقنية والصحافة الإلكترونية والإعلانات وغير ذلك.
2- النهوض بالعاملين في قطاع الصحافة والإعلام من الناحية الاجتماعية، سواء كانوا في الإعلام العمومي أو الصحافة المكتوبة أو غيرها، وذلك من خلال توفير شروط الدعم الاجتماعي والتكوين والتكوين المستمر. ولهذا هناك عمل منهجي على مستوى تطوير منظومة التكوين انطلقت في السنوات الماضية ولا زالت مستمرة.
3- دعم المقاولة الصحفية، فهناك عقد برنامج للدعم انتهى العمل به، وتم تمديده إلى غاية اعتماد والمصادقة على عقد برنامج جديد. في هذا الإطار هناك حوار متواصل مع الناشرين لاعتماد برنامج حقيقي هادف قائم على فلسفة الدعم من أجل الاستثمار، و هادف كذلك إلى صيانة التعددية السياسية و المدنية والمجالية، والعمل على النهوض بالمقروئية (نسبة قراءة الجرائد والمجلات).
4- توفير كل شروط كسب استحقاقات تحرير المجال السمعي البصري بالمغرب، هذا المشروع الذي انطلق منذ 2002، عبر رفع احتكار الدولة للإعلام السمعي البصري وتأسيس الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري. وحصل تقدم على المستوى الإذاعي الخاص من خلال الترخيص ل 17 محطة إذاعية خاصة، ولا زالت تنتظرنا استحقاقات على مستوى تحرير القطاع البصري. وهنا أشير إلى أن هناك ضغط كبير من الفضائيات الخارجية على المتلقي المغربي (أزيد من 900 قناة على القمر الصناعي العربي "نايل سات" مثلا) وهو ما يطرح أولوية الارتقاء بالفضاء السمعي البصري الوطني. إذن هناك تحديات كبيرة مطروحة على المغرب على مستوى التحرير والتنافسية. وهذا يفترض وضع استراتيجيات تهم هذا المجال، خاصة في ظل ما تتيحه الثورة التكنولوجية من فرص وإمكانات.
إذن هناك إستراتيجية مطروحة على صعيد الوزارة وترتكز على العمل على هذه المستويات الأربع.
من القضايا التي ورتثموها عن الحكومة السابقة قضية مكتب الجزيرة بالعاصمة الرباط، أنتم الآن بصدد حوار مع شبكة الجزيرة لإعادة فتح المكتب، أين وصل هذا الأمر، وما هي آفاقه المستقبلية؟
الحوار لا يزال مستمرا، ونأمل أن يصل إلى نتائج إيجابية.
على الصعيد الخارجي، يبدو ان قضية الصحراء عادت مؤخرا إلى المربع الصفر بسحب الحكومة المغربية لثقتها من المبعوث الأممي كريستوفر روس، ما هي تصوراتكم لتدبير هذا الملف خاصة في ظل العلاقات المغربية الجزائرية التي لا زالت تراوح مكانها ما بين توتر وتهدئة؟
أولا الموقف من المبعوث الأممي لا علاقة له بالتطور الإيجابي الحاصل في علاقاتنا بالجزائر، فذلك مسلسل انطلق منذ أشهر ولا زال مستمرا.
أما سحب الثقة من المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس فقائمة على حصول القناعة بسقوطه في مسلكيات منحازة وغير متوازنة تضر بقدرته على إدارة مسلسل تفاوضي ناجح. مسلسل كان يجب ان يفضي لحل سياسي متوافق عليه لهذا النزاع المزمن المرتبط بقضية الصحراء المغربية، وهي قضية وطنية مصيرية بالنسبة لبلادنا.
في نفس الوقت عندما تحمل المبعوث الأممي المسؤولية قبل حوالي ثلاث سنوات ونصف كان من المقرر أن يرعى جولتين من المفاوضات أو ثلاث على أكثر تقدير. لكن الآن وصلنا الجولة التاسعة من المفاوضات الأولية، وليس هناك أي أفق واضح يمكن عبره تصور نهاية زمنية واضحة لهذا المسلسل، بل هناك غموض كبير يجعل القضية في حالة مراوحة وعجز عن التقدم بالمفاوضات إلى الأمام.
من هنا فإن سحب الثقة من المبعوث الأممي هي دعوة للأمم المتحدة لتقف وقفة تأمل حتى يتم إنجاح وضمان تنزيل قرارات مجلس الأمن الداعية إلى مفاوضات حقيقية من أجل إيجاد حل سياسي دائم متوافق عليه بين الطرفين.
أذكر أن المغرب سبق له أن قدم سنة 2007 مقترحه القاضي بمنح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا موسعا كحل وسط، لا غالب فيه ولا مغلوب لهذا النزاع. لقد تم التفاعل مع هذا الحل المغربي بإيجابية على الصعيد الدولي، واعتبر من طرف المراقبين الدوليين مقترحا جادا وذي مصداقية ويشكل أرضية للتفاوض. وللأسف فإن إدارة كريستوفر روس لهذا الملف أدى إلى تهميش هذا المقترح، والعودة بالملف في لحظات معينة إلى نقطة الصفر، من هنا كانت دعوة المغرب للأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون لأن يصحح الوضع ويتخذ الإجراءات اللازمة من أجل العودة بملف التفاوض للمسار الصحيح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.