الخلفي تجنب الحديث عن مصير دفاتر التحملات "العرب" الدوحة - محمد لشيب أشاد مصفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية بمواقف دولة قطر الداعمة للثورات التي عرفها عدد من الدول العربية والتي أثمرت ربيعا ديمقراطيا أسقط عددا من الديكتاتوريات، ودفع نحو الإصلاح والتغيير المنشود، ونوه الخلفي خلال حواره مع «العرب» على هامش منتدى الدوحة الأخير بالتقدير العالي لدولة قطر لخصوصية التجربة المغربية في الإصلاح والتغيير في زمن الربيع الديمقراطي، معتبرا أن المغاربة بفضل انخراطهم في قوى سياسية وشبابية صاعدة ومعتدلة، وفعالية مجتمع مدني نشيط، أبدعوا ما عرف بخيار «الطريق الثالث» أي طريق الإصلاح في إطار الاستقرار بما يحفظ المكتسبات والوحدة دون الوقوع في منطق الثورة أو البقاء ضمن المنطق القديم لتدبير الشأن العام. واعتبر الناطق الرسمي باسم الحكومة الجديدة بالمملكة المغربية أن الحصيلة خلال هذه الشهور القليلة إيجابية، مؤكداً أن عملها يركز على ثلاثة ملفات كبرى تتعلق بالحكامة الجيدة ومحاربة الفساد، والتنمية الاقتصادية ومحاربة البطالة، وملف العدالة الاجتماعية والاستجابة للانتظارات الملحة في قطاعات الصحة والسكن والتعليم... * دولة قطر كان لها ثقل كبير في كافة هذه الملفات الكبرى المرتبطة بالتغيير في العالم العربي، كيف تقيمون دور قطر في دعمها التغيير والإصلاح العربي؟ - لقد كان لدولة قطر موقف خاص من انطلاقة الربيع العربي الديمقراطي، حيث سعت إلى التفاعل بشكل إيجابي مع مختلف محطات التحول على خلاف عدد من الدول العربية الأخرى. كما أن دولة قطر قدرت عاليا خصوصية وتميز التجربة المغربية في الإصلاح والتغيير في زمن الربيع الديمقراطي. وقد تفاعلت مع النموذج المغربي بشكل إيجابي، وهذه مواقف تحسب لصالحها. * توليتم في الحكومة الجديدة برئاسة عبدالإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي تدبير عدة ملفات شائكة في ظرفية حساسة جدا على الصعيد الداخلي والخارجي، هل تعتقدون أنكم تمكنتم خلال هذه المدة التي مرت من خلخلة وتحريك الأمور بخصوص هذه الملفات؟ - اختيار المغرب الطريق الثالث في عملية التحول الديمقراطي، أي على أساس السيناريو الذي يقوم على الإصلاح في إطار الاستقرار, يعكس وعيا بوجود إكراهات، لكن بالمقابل هناك فرص. ومن أبرز تلك الفرص أن المغرب يخوض تجربة التحول وقد حسم الإطار الدستوري الذي يؤطر هذه المرحلة. في الوقت الذي ما زالت فيه دول عربية أخرى شهدت ثورات الربيع الديمقراطي تشتغل على إنتاج هذا الإطار الدستوري الذي سيؤطر عملية الإصلاح السياسي في تلك البلدان. بمعنى أن التجربة في المغرب انتقلت إلى تجسيد استحقاقات تنزيل الدستور الجديد الذي صوت عليه المغاربة في فاتح يوليو 2011. وهي عملية انخرطت فيها الحكومة الجديدة التي يقودها الأستاذ عبدالإله بنكيران. وبموازاة الاشتغال على التنزيل الأمثل للدستور، باعتباره الحاضن الكبير لعملية الإصلاح العميق لعلاقة الدولة بالمجتمع، وجعل الدولة في خدمته وتعزيز الثقة بينهما وبين المؤسسات المنتخبة والمجتمع، هناك عمل دؤوب على مواجهة التحديات المرتبطة بثلاثة ملفات كبرى, تتعلق أولاها بالحكامة الجيدة ومحاربة الفساد، ثانيا هناك ملف التنمية الاقتصادية ومحاربة البطالة، خاصة لدى الشباب حاملي الشهادات العليا. ثالثا هناك ملف العدالة الاجتماعية والاستجابة للانتظارات الملحة في قطاعات الصحة والسكن والتعليم. هذه هي الانشغالات الرئيسية الراهنة للحكومة, وهناك تحديات أخرى مرتبطة بالسياسة الخارجية، من قبيل استثمار الحالة المغربية من أجل دعم الإشعاع المغربي على المستوى العالمي، حيث تم الانخراط في هذا المسار، ثم هناك ما يهم قضية الصحراء المغربية. وهنا لا بد من الإشارة إلى الموقف الأخير للحكومة المغربية بسحب الثقة من كريستوفر روس، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، بسبب مواقفه المنحازة وغير المتوازنة من تطورات النزاع، وبسبب عجزه التام عن دفع الأطراف المعنية إلى الانخراط في مفاوضات حقيقية للتوصل لحل لهذا النزاع المفتعل. * وهل من أمثلة حول بعض الملفات التي اتخذت فيها الحكومة بعض الإجراءات وحصلت فيها إنجازات؟ - فعلا هناك إنجازات ملموسة وأولية، فمثلا عملت الحكومة على تنزيل صندوق التكافل العائلي بتكلفة تقدر ب160 مليون درهم (الدولار يساوي حوالي 9 دراهم مغربية)، ويهتم صندوق التكافل بوضعية حوالي 40 ألف امرأة كمرحلة أولى من خلال الدعم المالي. ثم عملت الحكومة كذلك على إطلاق صندوق دعم التماسك الاجتماعي بكلفة 2.5 مليار درهم لضمان التغطية الصحية، ودعم الفئات الأقل حظا اجتماعيا لمواجهة تحديات تمدرس أطفالها، ودعم الأسر التي تتكفل بأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة. ومن أبرز الأوراش أيضا هناك التنزيل العملي لمشروع التغطية الصحية للمعوزين، والذي يستهدف تعميم التغطية الصحية للطبقات الفقيرة من المجتمع والتي لا تتمتع بصناديق للتغطية الصحية، وهو مشروع طموح في بداياته. أشير أيضا إلى أن القانون المالي لسنة 2012، والذي وصفه الجميع بالطابع الاجتماعي، كرس مجهوده لصالح تكريس العدالة الاجتماعية. ومن خلال هذا المبدأ تم إقرار إجراءات ضريبية تهم التقليص من الضغط الجبائي لعدد من المواد الطبية والأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة كالسرطان والقلب والربو. كذلك تم تشجيع فرص اقتناء السكن للطبقات الضعيفة والمتوسطة عبر عدد من الإعفاءات الضريبية. دون أن ننسى أن القانون المالي خصص أكثر من 26 ألف منصب شغل جديد كمساهمة من الحكومة في مجهود التشغيل، وهو رقم لم يسجل منذ سنوات. كما تم اتخاذ إجراءات من خلال التوقيع على اتفاقية مشتركة في مارس الماضي مع الكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب لتعزيز فرص الاستثمار والتشغيل وتنقية أجواء مناخ الاستثمار في بلادنا لتسهيل استقطاب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية. في المجال الاقتصادي أيضا تم من خلال القانون المالي الجديد، الذي صادق عليه البرلمان نهاية الأسبوع الماضي، اتخاذ سلسلة من الإجراءات تهم أساسا تعبئة الاستثمار العمومي، حيث تمت تعبئة ما يقدر ب180 مليار درهم لهذا المجهود الاستثماري العام. وبالمناسبة فهذا مشروع مالي انتقالي وستعمد الحكومة على إبراز بصماتها من خلال مشروع القانون المالي للسنة المقبلة. * قيل الكثير عن محاربة الفساد والكشف عن لوائح المستفيدين من الامتيازات؟ عملنا على تفعيل مؤسسات الرقابة كالمجالس الإدارية للمؤسسات العمومية وشبه العمومية من أجل اتخاذ قرارات تهم ترشيد الإنفاق العام. وتهم أساسا إطلاق عمليات فحص وتدقيق فعالة للحسابات لمراقبة أوجه صرف المال العام في إطار تكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وهناك توجه جديد لتكريس منهج التفاعل الأمثل مع تقارير المجلس الأعلى للحسابات التي تشخص أوجه الاختلالات في بعض المؤسسات والجماعات المحلية والمرافق العمومية. هناك أيضا قرارات صعبة اتخذتها الحكومة وتحملت فيها المسؤولية، كقرار إيقاف التوظيف المباشر وبدون مباريات، استنادا على قانون صدر قبل مجيء الحكومة الحالية، لكن الحكومة الراهنة تحملت مسؤوليتها في التفعيل التام لنظام المباريات، في إطار تفعيل للدستور, وتكريس لمبدأ المساواة بين المواطنين، يشمل الجماعات الترابية المحلية والمؤسسات العمومية ومختلف إدارات الدولة، لكن كل هذا إلى جانب الحرص التام على إقرار احترام القانون في العلاقة مع الاحتجاجات الاجتماعية، كما تم إطلاق سلسلة من الحوارات الاجتماعية مع النقابات ومختلف الفئات المحتجة من أجل إيجاد حلول للمشاكل المطروحة التي يموج بها المجتمع. هكذا تم تفعيل مقتضيات اتفاق 26 أبريل 2011 بين الحكومة والمركزيات النقابية في القطاعين العام والخاص «رغم الظرفية الصعبة»، وهو ما سيكلف ميزانية الدولة 13.5 مليار درهم. وحظيت القطاعات الاجتماعية بالأولوية في القانون المالي لسنة 2012 بتكلفة مالية تصل إلى 72 مليار درهم تهم بالأساس دعم قطاعات التعليم والصحة والسكن. كما أن الحكومة عملت على تكريس وإقرار عهد جديد من التدبير الشفاف للشأن العام، وتحمل المسؤولية في ظرف اقتصادي صعب، حيث تزامن تولي الحكومة الحالية تدبير الشأن العام مع موسم فلاحي جاف في المرحلة الأولى. كما أن الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالمنطقة الأوروبية تلقي بظلالها على الأوضاع بالمغرب (باعتبار الاتحاد الأوروبي أكبر شريك اقتصادي للمغرب)، لكن رغم كل ذلك تحملت الحكومة مسؤوليتها في إدارة هذه المرحلة رغم كل الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية. من جهة أخرى، أقرت الحكومة في الوقت نفسه سلوكا جديدا في التعامل مع ملفات استغلال عدد من المرافق ونظام الامتيازات، ابتدأ بالكشف عن المستفيدين من مأذونيات ورخص النقل، بالموازاة مع العمل على الإعداد لإصلاح عميق وشمولي لهذا النظام من رخص النقل. إصلاح من المنتظر أن يشمل أيضا نظام استغلال مقالع الرمال وغيرها من الرخص. كل هذا المجهود يستهدف إقرار نظام عادل يقوم على الشفافية، وتكافؤ الفرص، والمساواة بين المواطنين، وإتاحة المجال للمجتمع حتى يستثمر قدراته وطاقاته بشكل إيجابي وناجع، هذا بشكل عام التطور الإيجابي. إذن يمكن القول إن هناك نفسا جديدا ومناخا مغايرا يتأسس وسط المجتمع. * يأخذ عليكم المنتقدون لتجربتكم أنها وسيلة لتخفيف الاحتقان والتنفيس عن المجتمع لمصلحة بقاء النظام واستمرار الأوضاع على ما هي عليه، مع بعض المسكنات من قبيل الإعلان عن قائمة المستفيدين من مأذونيات ورخص النقل في إطار الريع الذي كان سائدا سابقا، ومعركة دفاتر التحملات، هل ستذهبون في هذه الملفات إلى آخر المطاف أم أن لوبيات الفساد ما زالت صاحبة القرار؟ - القضية لا تكمن في مسألة تنفيس ولا تخفيف الاحتقان، نحن الآن في الشهر الخامس على تنصيب الحكومة الحالية, والشهر السادس على مرور الانتخابات التشريعية التي بوأت حزب العدالة والتنمية المرتبة الأولى بمجلس النواب، ليتولى الحزب بعدها قيادة الفريق الحكومي الحالي في تحالف يشمل ثلاثة أحزاب سياسية أخرى هي أحزاب الاستقلال، الحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية. إن عمليات التنفيس في الفعل السياسي غالبا ما تكون مؤقتة وسرعان ما تطوى صفحاتها. ما نحن بصدده في المغرب هو على خلاف ذلك, نحن الآن بصدد بناء علاقة جديدة متجددة بين القائمين على تدبير الشأن العام والمجتمع. علاقة تقوم على أن من يتحمل المسؤولية العامة يجب أن يكون في خدمة المجتمع، وأن يكون رهن إشارته، ويقدم الأجوبة حسب الإمكانات المتاحة لمختلف الأسئلة والانتظارات, علاقة ينبغي أن تقوم أساسا على الثقة، والوضوح، والصراحة، ثم المكاشفة بالإمكانات وما هو متاح. المعطى الثاني أن هناك أيضا حرصا على ربط المسؤولية بالمحاسبة. وهذا منطق جديد تشكل ولم يكن متداولا بقوة في أدبيات التدبير في السابق، تشكل بشكل قوي عن طريقة المراجعة الدستورية، لقد كان للمفهوم نوع من الأجرأة العملية بدرجات محدودة، لكنه الآن له قواعد دستورية تنص على الحكامة الجيدة. كما أن ربط المسؤولية بالمحاسبة يقتضي أن نؤسس لمنطق إيجابي في التعامل بين السلطة والشعب، وهو ما بدأ يفرز العلاقة الجديدة التي تنشأ الآن بين المواطن والدولة. * وماذا عن الضجة التي أثيرت حول دفاتر التحملات الخاصة بالقنوات التلفزية؟ - لقد تحملت الحكومة مسؤوليتها عقب النقاش الذي أثير حول دفاتر التحملات، حيث تم تشكيل لجنة وزارية تشتغل على الموضوع. * اتخذتم مؤخرا جملة من القرارات التي أثارت حفيظة شرائح واسعة من المجتمع، كالشباب العاطل عن العمل والنقابات وغيرهم، أنتم مقبلون على استحقاقات انتخابية قريبا، ألا تخافون أن يعاقبكم الشعب الذي صوت لكم في التشريعيات في الانتخابات المحلية؟ - ليس هناك أي تخوف، لأن العلاقة بين الحكومات والشعوب عليها أن تتأسس على الوضوح والمسؤولية والوفاء للمبادئ، وإلا فإنها ستكون قائمة على المزايدات والهروب من تحمل المسؤولية. نحن في الحكومة الحالية تحملنا مسؤوليتنا في مختلف القضايا المطروحة، وقمنا بما نظنه هو الصحيح والصائب، كل ذلك في احترام تام لما جاء به الدستور الجديد، بحيث لا يمكننا أن نضعه على الرف وأن يصبح حبرا على ورق. * خبرتم المجال الإعلامي حيث مارستم مهنة الصحافة لمدة طويلة، وأنتم على دراية واطلاع بمعاناة هذه الشريحة سواء داخل الوطن أو خارجه، ما أبرز تصوراتكم للاستجابة لمطالب الصحافيين والإعلاميين المغاربة؟ - أجندتنا التي انطلق فيها العمل منذ اليوم الأول لتنصيب الحكومة تستهدف توفير شروط إنتاج إعلام وطني ديمقراطي، حر، مسؤول، ومبدع. وهذا يقتضي من بين ما يقتضيه العمل أربعة مستويات: 1- إصلاح عميق لقوانين الصحافة والنشر في بلادنا حتى تنسجم مع ما جاء به الدستور الجديد، خاصة ما يتعلق بضمان الحق في الولوج إلى المعلومة، وفي تجسيد المقتضيات الفعلية لضمان حرية الصحافة والتعبير. إضافة إلى كل ما يهم مواكبة مستجدات التكنولوجيا والتطورات التقنية والصحافة الإلكترونية والإعلانات وغير ذلك. 2- النهوض بالعاملين في قطاع الصحافة والإعلام من الناحية الاجتماعية، سواء كانوا في الإعلام العمومي أو الصحافة المكتوبة أو غيرها، وذلك من خلال توفير شروط الدعم الاجتماعي والتكوين والتكوين المستمر. ولهذا هناك عمل منهجي على مستوى تطوير منظومة التكوين انطلقت في السنوات الماضية وما زالت مستمرة. 3- دعم المقاولة الصحافية، فهناك عقد برنامج للدعم انتهى العمل به، وتم تمديده إلى غاية اعتماده والمصادقة على عقد برنامج جديد. في هذا الإطار هناك حوار متواصل مع الناشرين لاعتماد برنامج حقيقي هادف قائم على فلسفة الدعم من أجل الاستثمار، وهادف كذلك إلى صيانة التعددية السياسية والمدنية والمجالية، والعمل على النهوض بالمقروئية (نسبة قراءة الجرائد والمجلات). 4- توفير كل شروط كسب استحقاقات تحرير المجال السمعي البصري بالمغرب، هذا المشروع الذي انطلق منذ 2002، عبر رفع احتكار الدولة للإعلام السمعي البصري وتأسيس الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري. وحصل تقدم على المستوى الإذاعي الخاص من خلال الترخيص ل17 محطة إذاعية خاصة، وما زالت تنتظرنا استحقاقات على مستوى تحرير القطاع البصري. وهنا أشير إلى أن هناك ضغطا كبيرا من الفضائيات الخارجية على المتلقي المغربي (أكثر من 900 قناة على القمر الصناعي العربي «نايل سات» مثلا) وهو ما يطرح أولوية الارتقاء بالفضاء السمعي البصري الوطني. إذن هناك تحديات كبيرة مطروحة على المغرب على مستوى التحرير والتنافسية. وهذا يفترض وضع استراتيجيات تهم هذا المجال، خاصة في ظل ما تتيحه الثورة التكنولوجية من فرص وإمكانات. إذن هناك استراتيجية مطروحة على صعيد الوزارة وترتكز على العمل على هذه المستويات الأربعة. * من القضايا التي ورتثموها عن الحكومة السابقة قضية مكتب الجزيرة بالعاصمة الرباط، أنتم الآن بصدد حوار مع شبكة الجزيرة لإعادة فتح المكتب، أين وصل هذا الأمر، وما آفاقه المستقبلية؟ - الحوار لا يزال مستمرا، ونأمل أن يصل إلى نتائج إيجابية. * على الصعيد الخارجي، يبدو أن قضية الصحراء عادت مؤخرا إلى المربع صفر بسحب الحكومة المغربية لثقتها من المبعوث الأممي كريستوفر روس، ما تصوراتكم لتدبير هذا الملف خاصة في ظل العلاقات المغربية الجزائرية التي ما زالت تراوح مكانها ما بين توتر وتهدئة؟ - أولا الموقف من المبعوث الأممي لا علاقة له بالتطور الإيجابي الحاصل في علاقاتنا بالجزائر، فذلك مسلسل انطلق منذ أشهر وما زال مستمرا. أما سحب الثقة من المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس فقائمة على حصول القناعة بسقوطه في مسلكيات منحازة وغير متوازنة تضر بقدرته على إدارة مسلسل تفاوضي ناجح. مسلسل كان يجب أن يفضي لحل سياسي متوافق عليه لهذا النزاع المزمن المرتبط بقضية الصحراء المغربية، وهي قضية وطنية مصيرية بالنسبة لبلادنا. في الوقت نفسه عندما تحمل المبعوث الأممي المسؤولية قبل حوالي ثلاث سنوات ونصف كان من المقرر أن يرعى جولتين من المفاوضات أو ثلاث على أكثر تقدير. لكن الآن وصلنا الجولة التاسعة من المفاوضات الأولية، وليس هناك أي أفق واضح يمكن عبره تصور نهاية زمنية واضحة لهذا المسلسل، بل هناك غموض كبير يجعل القضية في حالة مراوحة وعجز عن التقدم بالمفاوضات إلى الأمام. من هنا فإن سحب الثقة من المبعوث الأممي هي دعوة للأمم المتحدة لتقف وقفة تأمل حتى يتم إنجاح وضمان تنزيل قرارات مجلس الأمن الداعية إلى مفاوضات حقيقية من أجل إيجاد حل سياسي دائم متوافق عليه بين الطرفين. أذكر أن المغرب سبق له أن قدم سنة 2007 مقترحه القاضي بمنح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا موسعا كحل وسط، لا غالب فيه ولا مغلوب لهذا النزاع. لقد تم التفاعل مع هذا الحل المغربي بإيجابية على الصعيد الدولي، واعتبر من قِبَل المراقبين الدوليين مقترحا جادا وذا مصداقية ويشكل أرضية للتفاوض. وللأسف فإن إدارة كريستوفر روس لهذا الملف أدى إلى تهميش هذا المقترح، والعودة بالملف في لحظات معينة إلى نقطة الصفر، من هنا كانت دعوة المغرب للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لأن يصحح الوضع ويتخذ الإجراءات اللازمة من أجل العودة بملف التفاوض للمسار الصحيح. *تعليق الصورة: مصطفى الخلفي