وجد مصطفى الخلفي بعد 12 ساعة من النقاش لأعضاء لجنة التعليم والثقافة والاتصال طيلة يوم الاثنين الماضي بمجلس النواب نفسه مضطرا للإجابة عن الملاحظات المخصصة للقناة الجهوية للعيون- الداخلة كما سمتها دفاتر التحملات والتي أثارت جدلا كبيرا حول هذا الاسم،مما جعل الخلفي يعد بإعادة النظر في هذا الأمر، كاشفا ان هذه القناة توصلت بثاني دعم مالي بعد الشركة الوطنية للاذاعة والتلفزة، كما كشف أن الانتاج الخارجي بلغ 30 مليون درهم رغم أنها تبث 3 ساعات في اليوم مطالبا بأن تكون هذه القناة رافعة في اطار التنافسية. وبخصوص أجرأة دفاتر التحملات رغم أن النقاش مازال دائرا ورغم أن هذه الدفاتر لم تصدر في الجريدة الرسمية، وأنها أيضا مازالت مثار نقاش داخل الحكومة حيث أكد الخلفي أن القانون في هذا المجال واضح، فمبجرد التأشير عليها من طرف الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، تصبح مصادق عليها وتعرف طريقها للتنفيذ. وزاد قائلا: حتى إن الحكومة عملت على مراجعة دفاتر التحملات وان لم تقبل الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري هذه التعديلات، فلن تتضمن في دفاتر التحملات وبالتالي سيتم إعمال هذه الدفاتر كماهي. كلمة وزير الاتصال، كانت أمام 16 برلمانيا نصفهم نساء بعد أن فرغت القاعة تماما إلا من مرافقي الوزير وبعض الصحافيين . ففي الوقت الذي مازالت فيه لجنة الاتصال والاعلام والثقافة، تناقش تداعيات دفاتر التحملات في الاعلام السمعي البصري، بقبة البرلمان، سارعت وزارة الاتصال تحت سلطة وزير الاتصال إلى تطبيق هذه الدفاتر منذ فاتح ماي الحالي رغم أن النقاش مازال محددا في نقط هامة تتعلق بموضوع استراتيجي وهام في السياسة العمومية والذي كان ومازال محط تساؤل كبير في بوابة محاربة الفساد والريع السياسي والاعلامي. وقد نبه إلى هذا الأمر الفريق الاشتراكي مما يشكله من خطورة في عدم الاعمال بالدستور الذي توج التجربة المغربية في المسار الديمقراطي بكثير من التفاؤل في الانفتاح على المستقبل، حيث إن المنهجية التي اتبعتها الوزارة في مسألة تمرير دفاتر التحملات تشكل سابقة غير مستحبة من الحكومة عبر وزارة الاتصال في بسط سيطرتها على الاعلام السمعي البصري والتي كانت مصحوبة بتصريحات موازية من طرف وزراء في الحكومة محسوبين على العدالة والتنمية، تذهب في اتجاه ارهاب العاملين في القطاع. وان كان الفريق الاشتراكي متفقا على مفهوم محاربة الفساد والريع السياسي والاعلامي، فإنه رفض رفضنا باتا المنهجية التي جاء بها وزير الاتصال والذي يريد أن يضع الشركاء السياسيين، من بوابة البرلمان والحكومة والمهنيين أمام الأمر الواقع المفروض بالفعل والقوة، في الاسلوب المتتبع الذي أربك طرق التسيير الادارية والتقنية التي تكشف أن العامل السياسي والاديولوجي الذي لا يعي طرق اشتغال المؤسسات الاعلامية قد تم الاعمال بهوقد تبين بالفعل أن وزراء العدالة والتنمية ملزمون بتطبيق »الرؤية« التي تفرضها منظمة الاصلاح والتوحيد، الشيء الذي لم تخفه فرق برلمانية معارضة أخرى والتي ذهبت إلى أبعد من ذلك للتشكيك في نوايا الوزير، الذي أشار إلى أنه يتابع تنزيل دفاتر التحملات بنفسه، الشيء الذي لم يدخل في اختصاصاته بل في اختصاصات الهيئة العليا السمعية البصرية ، متسائلين عن الاستقلالية في وسائل الاعلام العمومية التي يدافع عنها المغرب الديمقراطي. وكانت فرق من الأغلبية انخرطت في هذا الانتقاد، موجهة أصبع الاتهام إلى انفرادية الوزير بقراراته، معتبرة القفز على مبدأ التشارك خطأ لايمكن تمريره ضد الدستور، مطالبة بعدم خلط الاوراق بين الاديولوجية والدين من جهة وبين الدين والسياسية من جهة أخرى معتبرة الضجة التي صاحبت سرعة تنزيل دفاتر التحملات افتعال لقضية لاتهم المغاربة في شأنهم المجتمعي، علما أن المغاربة كلهم مسلمون. وقد شهدت الجلسة حضوراً مكثفا ووازنا لاعضاء للفريق الاشتراكي، ومشاركتهم في النقاش، إذ أثارت البرلمانية رشيدة بنمسعود المنهجية المتبعة في تنزيل دفاتر التحملات و أكدت أنه كان من الضروري اعتماد آلية الإنصات والحوار والتشارك، والابتعاد عن كل نزعة إقصائية والاحتماء بمنطق الأغلبية العددية. ورأت أن مثل هذا النقاش يندرج في إطار مسار تراكمي انطلق منذ عهد الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي في إطار حكومة التناوب الأولى. وذكرت بنمسعود بمداخلة أحمد الزيدي وموقف الحزب من قضية الفساد وضرورة مكافحته ومعالجته وقدمت النائبة البرلمانية ملاحظات خصت المنهجية التي تم اعتمادها عند الإعداد والإعلان عن دفاتر التحملات، وكذلك بمضامين بعض مواد هذه الدفاتر، والأهداف والمقاصد المتوخاة من ذلك، ورأت أن الفصل 92 من الدستور حدد صلاحية مجلس الحكومة باعتباره مؤسسة في التداول بخصوص إحدى عشرة قضية من ضمنها، السياسات العمومية والسياسات القطاعية، فضلا عن كون الفصل 93، يمنح للوزير المكلف بالقطاع صلاحية تنفيذ السياسة الحكومة في إطار التضامن الحكومي. وتساءلت في مداخلتها عن التضامن الحكومي تجاه دفتر التحملات، وما علاقة خرجات ومواقف وآراء بعض مكونات الحكومة التي تحتج عن طريقة إخراج هذه الدفاتر، خاصة وأن أحد المكونات، صرح أن الحكومة ستناقش موضوع الدفاتر في غضون أسبوعين أو ثلاثة أسابيع. وتساءلت في مصير مداخلات أعضاء لجنة التعليم والثقافة والاتصال، كما تساءلت: هل حدث فعلا خلل وتجاوز عند الإعداد والإعلان عن مقتضيات دفاتر التحملات دون مناقشتها في إطار مجلس حكومي. وبخصوص مسألة الاستقلالية، أكدت رشيدة بنمسعود أنه فضلا عن الدستور، ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار مضمون الميثاق الجماعي الجديد الذي أنجزه المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وأن مسألة استقلالية المجال السمعي البصري (شكلت لنا في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية هاجساً في الماضي والحاضر، ونعتبر ضمانها أحد مقومات النهوض بالمجال السمعي البصري، مطالبة بالاستقلالية عن كل نزعة تحكمية. ورأت أن هناك أشياء طموحة في دفاتر التحملات، لكن الإمكانيات البشرية والمادية تسائلنا، إذ أن المادة 2 الخاصة بالأهداف العامة للخدمة العمومية وقع التأكيد فيها على ضرورة توفير عناصر الفهم والتحليل. إذ هذه القضايا تندرج في إطار تخصصات علمية، وعدم توفر مثل هذه الأطر، يطرح سؤالا من يحاسب من، وبصيغة أخرى، تقول رشيدة بنمسعود، من المسؤول عن عدم الوفاء بهذا الالتزام؟ على اعتبار أن هذه التخصصات واسعة، لغوية، سوسيولوجية، التأويل والتحليل السياسي، وفيما يتعلق باللغة العربية، نعتقد أنها تعاني في إعلامنا المغربي بصفة عامة، ويتطلب النهوض بها، وليس قضية التأكيد على الحصة المخصص لها في القناة الثانية مثلا، ونفس المادة تشير إلى التنسيق مع معهد التعريب، لكن الصواب تقول هو إخراج مؤسسة محمد السادس للغة العربية، التي هي المؤهلة بالقيام بمثل هذه المهام. وبخصوص الانفتاح اللغوي، رأت أن الأمر محسوم، مستشهدة بقولة لعلي بن أبي طالب: »»كل لسان بإنسان»،« والدستور المغربي يحدد أفق السياسة اللغوية ويحث على تعلم وإتقان اللغات الأجنبية التي هي آلية تواصلية تؤمن الانفتاح والتفاعل مع الحضارات والثقافات الإنسانية الكونية. ورأت أن اللغات أساسية في مغرب اليوم وعالم اليوم، مما يتطلب الانفتاح ليس فقط على اللغة الفرنسية بل حتى اللغة الانجليزية. فهناك من بين دول أمريكا اللاتينية من تعلم اللغة الانجليزية في مدارسها الابتدائية. رغم أن لغتها الأصلية هي اللغة الإسبانية. وفي إطار المقاربة المقارنة عند الحديث عن تجارب أجنبية، أكد الوزير بدفاتر عملات فرنسية ولقناة BBC الإنجليزية. وهذا يؤكد لنا و كما قال المفكر عبد الله العروي أننا نرى أنفسنا في مرآة الغرب وهذا يؤكد كذلك الحاجة الضرورية لتعلم اللغات. ولاحظت غياب برامج ثقافية، خاصة مالها من أهمية. في الولوج إلى مجتمع المعرفة، كما شددت في إطار مناقشتها للبرامج المخصصة للمرأة والأسرة في القناة الثانية، على أن تتمحور هذه البرامج من قضايا النساء باعتبارها قضايا مجتمعية، على اعتبار أن قضية المرأة قضية متعددة الأصوات سياسية ثقافية. قانونية واجتماعية، وتطرقت أيضا إلى المادة 40 من دفاتر التحملات المتعلقة ببرامج القضايا المجتمعية، إذ تم التأكيد على ضرورة مشاركة فاعلين جمعويين ومختصين في جميع المجالات وعلماء الدين ،مشيرة في هذا السياق إلى أنه ينبغي أن نتعامل مع التخصصات بنوع من الندية والمساواة، واستحست ذكر إلى جانب العلماء، علماء السياسة، علماء اللغة، علماء السوسيولوجية، الخ، وفي ما يهم الافتاء في القنوات التلفزية العمومية تساءلت عن كيفية تدبير هذا الأمر، وهل المجلس العلمي ا لأعلى هو الذي سيتكلف بذلك . وبخصوص الافتاء واللغة العربية، ساءلت بنمسعود وزير الاتصال. هل هناك تنسيق بين وزارة الاتصال ووزارة التربية الوطنية والتعليم العالي ووزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية، كما طالبت بضرورة الحفاظ على الشخصية الخاصة بكل قناة وعدم السقوط في النمطية بهدف تحقيق المصالحة بين المشاهدين ومجال السمعي البصري، ورأت أن نجاح البرامج الإعلامية لا يتعلق بالبصمة الدينية أو العقلانية الحداثية، بل بمقدار الاستقلالية والاحترافية، وأن المنتوج المغربي ينبغي أن يحاكم وفق منطق الجودة الجمالية والمتعة المرتبطة بالتكوين والترفيه والحرية المسؤولة. خديجة اليملاحي قاريت موضوع دفاتر تحملات الخلفي من جوانب عدة إذ أبدت البرلمانية ملاحظات عامة، حول الحوار المفتوح الذي ينبغي أن يلتزم المسؤولية وينتج القيم الديمقراطية. والسؤال الجوهري تقول اليملاحي ليس هو من مع ومن ضد، بل هو أي مشروع مجتمعي نطمح الى تحقيقه وبأية سياسة إعلامية نؤسس له، فالحاجة ترى ملحة إلى الإصلاح، إصلاح عميق، متسائلة عن مستلزماته وتجيب أن هذه المستلزمات عديدة، قانونية وتنظيمية، وموارد بشرية مؤهلة ومبدعة وموارد مالية، نريد إعلاما مواكبا مواطنا حرا ومسؤولا يقوم بأدوار تنويرية تضيف خديجة اليملاحي تربوية تثقيفية خاصة وأن جزءا كبيرا من مجتمعنا يعاني من آفة الأمية الوظيفية والسياسية والقانونية، مما يتطلب إدماج السياسة الإعلامية في الاستراتيجية الثقافية. فالإعلام كما رصدت ذلك اليملاحي يعاني من عدة إشكالات إذ نجد أن الاستقلالية غير كاملة، التعددية خاصة على مستوى المجتمع المدني تقتصر على بعض المكونات فقط، المهنية والجودة وهما يتطلبان التكوين والتكوين المستمر والانفتاح على الطاقات والمثقفين والمبدعين، كما على الإعلام أن يفتح النقاش حول الموضوع، ورأت أن دفاتر التحملات تضمنت عدة إيجابيات غير أن بعض عناصره في حاجة إلى مراجعة كما فصل ذلك رئيس الفريق الاشتراكي أحمد الزيدي. واكتفت بالوقوف عند البرمجة، حيث تم التدقيق فيها، وهذا يحد من المبادرة والاستقلالية. كما شددت اليملاحي على ضرورة التنسيق مع وزارة التربية الوطنية ووزارة الثقافة فيما يخص برامج الدراسة الدينية. اما الافتاء تقول خديجة اليملاحي فإنه يتطلب المعرفة المعمقة بالعلوم الدينية والعربية، مع الانفتاح ايضا على العلوم الحديثة. بالاضافة الى اشكال الجهوية وشددت على ضرورة الاصلاح الذي هو مستعجل لكنه يتطلب اعتماد مبدأ التدرج وتهييء الشروط الضرورية كما طالبت بدمقرطة التدبير الاداري وعقلنة وترشيد التدبير المالي وتدعيم القنوات والاذاعات الجهوية. احمد رضا الشامي، ركز على ضرورة احترام الاختلاف، مؤكدا ان الفريق الاشتراكي مع الاصلاح وضد جيوب المقاومة، وابدى تخوفه من الاسلوب الذي اتبعه بعض رافضي الاختلاف الذين نادوا بالخروج الى الشارع،منبها الوزير الى تحريف بعض الارقام، كما هو الشأن بالنسبة للقناة الثانية، معتبرا ان 30 مليون درهم التي تقدم كدعم للقناة ليست بالكثير من اجل اعلام عمومي في المستوى ، مطالبا الخلفي بالتوجه الى الاشكالات الكبرى، لكي لا يضيع وقتا في التفاصيل الصغرى من اجل بناء الوطن بالمأسسة. في ظل دستور مصاحب للقوانين والتشريعات، واكد الشامي لو انه تم تنزيل الدفاتر بالطرق السليمة باشراك الاطراف السياسية والمهنية لما وقعنا في هذا النقاش. وذكر الشامي بالقرارات المتخذة في المادة 5 في غياب القوانين، منبها الى هذا الرهان الذي يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار، وفي قضية اللغات، أكد الشامي على أهميتها.لكن ركز على تعدد الثقافات وتفعيلها باسلوب واضح لا يرتكز على اشخاص بل على مشروع مجتمعي واضح، ولهذا ابدى النائب البرلماني تخوفه من ان تتحول دفاتر التحملات الى حامية للايديولوجية والحزب الوحيد. حسناء ابوز يد، سلطت الضوء على التعسف الواضح على مستوى دفتر التحملات فيما يخص القناة الجهوية للاقاليم الصحراوية وسجلت اسفها البالغ على عدم تنزيل الدستور الذي انصف الهوية الصحراوية الحسانية واعتبرها رافدا من روافد الهوية المغربية كما سجلت الوصاية المبالغ فيها والتدخل في تفاصيل المواضيع الحواريةبشكل لا يمكن معه اعتبار ان هذه القناة وجهة تأطيرية. عدم اظهار الهوية الصحراوية الحسانية كما اطرها الدستور، كما رأت ان هناك حجرا ضاغطا على تاريخ المنطقة وحصر نضالات المقاومة فيها في نضالات ضد المستعمر الاسباني والحال ان مجاهدي الصحراء ناضلوا طويلا ضد المستعمر الفرنسي. من جانبها، شددت رقية الدرهم البرلمانية على هذه النقطة واثارت بدورها مشكلة القناة الجهوية للعيون، التي حملت اسم قناة العيونالداخلة، واشارت الى أن هذا الاسم اصبح يطلق عليه الخط الجهوي العيون، الداخلة، مطالبة الوزير باعادة الاعتبار للهوية الصحراوية الحسانية التي نص عليها الدستور. مواقف وطرائف أبو نواس يناقش دفاتر تحملات الخلفي! لم تخل هذه الجلسة المطولة من ملاسنات ونقاشات أيضا من خلال الاحتكاك الذي وقع بين عبد الله الكيحل عن حزب الاستقلال الذي طالب بإعمال القانون الداخلي وبالتالي عدم إعطاء الكلمة لفتيحة العيادي عن الاصالة والمعاصرة لأنها ليست عضوا في اللجنة. وردت عليه:» أنا لدي دراية أحسن منك السي الكيحل ولا علاقة لي بأي جهة ولاهم يحزنون، ومن النقاشات التي أضحكت الجميع تدخل نادية العلوي التي لامست الموضوع ... من زوايا متعددة لم تسعفها اللغة العربية ونطقت الضجيج بالضجاج حينما أرادت أن تستشهد بأحد الأمثلة وخانتها لغتها مرة أخرى لتختم المثل ب»الثمرة». وعوض ذلك قالت الفاكهة ليرد عليها أحد البرلمانيين مازحا: لا.راها ، ليمونة . البرلمانية ثريا إقبال، هي الاخرى أثارت المسألة الدينية التي يجب أن يكون الدين يشبه المغاربة فيه جمال. وذكرت هنا قصيدة شعرية جميلة. وبعد اختتامها علق الحاضرون بالقول: أبو نواس هو الآخر يدلي بدلوه في دفاتر تحملات مصطفى الخلفي