روكبان: لا نرفض دفاتر التحملات ونطالب بالفصل بين السياسي والمهني في النقاش حولها عاد النقاش حول دفاتر تحملات القنوات العمومية إلى الاحتدام مجددا بمجلس النواب بعد «هدنة» عدة أيام أملتها الاستجابة لأعضاء لجنة التعليم والثقافة والاتصال بتأجيل المناقشة إلى أمس الأربعاء، وهي الفترة التي سمحت لكل طرف من المؤيدين والمعارضين بشحذ سيوف الانتقادات أو مباركة جهود الإصلاح. وبدا منذ انطلاق أشغال اللجنة أن المعركة ستكون حامية بين الطرفين، انطلاقا من الحماس والرغبة في المشاركة في النقاش اللذين أبداهما أعضاء اللجنة، بالمقابل عبرت رئيسة اللجنة، كجمولة أبي، عن رغبة أكيدة في إنجاح الاجتماع من خلال الاستماع إلى كل وجهات النظر حول سير أشغال اللجنة، والأخذ بها، لإفساح المجال أمام الجميع في المشاركة في النقاش. ونالت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، خلال مناقشة دفاتر التحملات باللجنة، النصيب الأوفر من الانتقادات لعدم قيامها بالمهام الموكولة إليها، من جهة، واستعجالها بالمصادقة على الدفاتر في وقت وجيز بعد إحالتها عليها، وتأسف العديد من المتدخلين من عدم التمكن من حضور رئيس الهيئة لمساءلته حول الموضوع، فيما طالب البعض الآخر بضرورة تعديل القانون الداخلي للمجلس حتى يتسنى للجن البرلمانية استدعاء مسؤولي المؤسسات الوطنية للحضور أمامها. وأوضح رئيس فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب، رشيد روكبان، أن موقف فريقه من دفاتر التحملات ليس موقفا رافضا لها، عكس ما يعتقده البعض، مشيرا إلى أن الدفاتر تضمنت كثيرا من الإيجابيات وكثيرا من نقط القوة، وتدل على أن الحكومة تضطلع باختصاصاتها في تدبير الإعلام العمومي وفق ما يسمح به القانون، ورغبتها في التنزيل الديمقراطي للدستور وتنفيذ مضامين برنامجها الذي حازت به ثقة مجلس النواب، وسعيها إلى تنقية القطاع من الشوائب التي تشوبه. موقف فريق التقدم الديمقراطي ينبع من ضرورة الفصل بين النقاش السياسي والمهني، وأن يضطلع كل طرف بمهمته، وترك ما هو سياسي للسياسيين وما هو مهني للمهنيين. وبالرغم من تثمين فريق التقدم الديمقراطي لما جاء في دفاتر التحملات ومنهجية وزارة الاتصال في إعدادها، سجل مع ذلك بعض ما أسماه «التحفظات» على منهجية التشاور في إعداد الدفاتر، وعدم إشراك الجميع في العملية، متسائلا في هذا السياق عن المانع من عدم اطلاع بعض المعنيين من المهنيين بالخصوص على مذكرات بعضهم البعض، وعدم الاطلاع على الصيغة النهائية للدفاتر قبل اعتمادها ودخولها حيز التطبيق. وقال رشيد روكبان إن إنجاح مبادرة الإصلاح التي تسعى الحكومة إلى تفعيلها يتطلب مسلسلا تشاوريا وتشاركيا تلعب فيه كل المكونات، أغلبية ومعارضة، دورا مركزيا في الإعداد والتنفيذ. مسجلا أن النقاش حول دفاتر التحملات كان يمكن أن يكون فعالا لو التزمت الوزارة الوصية بمنهجية تشاركية واسعة. وشدد على وجود ما أسماه «جيوب الفساد» داعيا إلى ضرورة الانفتاح على آراء المعارضين لتنفيذ الدفاتر من أجل إغناء النقاش. وانتقد رئيس فريق التقدم الديمقراطي تصريحات موظفين إداريين بشأن دفاتر التحملات، وما أثارته من نقاش لدى الرأي العام. وطالب بضرورة إدخال ملحق تعديلي في الدفاتر بشكل تحضر فيه البرامج الحوارية المباشرة في برامج القنوات العمومية، مما سيساهم في التنزيل الصحيح للدستور. وفي الوقت الذي أكد فيه رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب مساندته للحكومة في كل مساعيها لمحاربة الفساد، بما في ذلك في المجال الإعلامي، أعاب على الأخيرة عدم أخذها بعين الاعتبار بالمقاربة التشاركية في إعداد دفاتر التحملات، مشيرا في نفس الوقت إلى أن الدفاتر مع ما تضمنته من أشياء إيجابية ورؤية متقدمة، إلا أنها أحلت الحكومة محل السلطة الإدارية في السيطرة على المجال السمعي البصري. وفي سياق ذي صلة، قال الزايدي، رئيس الفريق الاشتراكي إن مجال الإعلام السمعي البصري يحتاج إلى الإصلاح للخروج من قوقعته، مثلما يحتاج إلى منح المزيد من الحرية للعاملين به وفق خط تحريري مستقل. وانتقد الزايدي ما وصفه «تضخم إدخال الحكومة إلى المجال السمعي البصري» وإقحام بعض فصول الدستور بشكل فج في مضمون الدفاتر بذريعة الالتزام باحترام الدستور. وخلص الزايدي إلى أنه إذا سمح للحكومة الحالية بالقيام بكل ما تريده سنكون بعيدين عن تحقيق الغاية التي نسعى إليها. وشدد الزايدي على صعوبة تطبيق كثير من مقتضيات دفاتر التحملات من الناحية التقنية، الشيء الذي يستدعي إعادة النظر فيها، منتقدا بشدة عدم قيام الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بالمهام المنوطة بها «وإلا كانت ستجنب إثارة مثل هذا النقاش».