في سن ال 18 غادر مدينة تطوان في اتجاه السويد باحثا عن حلم لم يتحقق له في أرض الوطن.. سنوات بعد ذلك، وصل نذير الخياط الذي يشتهر باسمه الفني "ريد وان" أو "رضوان" إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية. هناك عانى من قسوة العيش وخذلان الحياة له.. مرت الشهور وتوالت السنوات قبل أن يجد الشاب التطواني طريقه نحو النجاح والشهرة العالمية، في إنتاج وتلحين وكتابة كلمات أشهر الأغاني التي اشتهر بها فنانون عالميون كما هو الحال مع أغنية "أون ذ فلور" للنجمة الأميركية جينفر لوبيز، وهي الأغنية التي تتردد فيها كلمة المغرب باللغة الإنجليزية أكثر من مرة. "هسبريس" تعيد كشف تفاصيل نجاح "رضوان" على لسانه في هذا الحوار. إليكم التفاصيل. من تطوان إلى السويد ثم أمريكا، مسار طويل وشاق إنسانيا من أجل تحقيق الذات.. ما الذي بقي عالقا في خضم هذه الرحلة الحياتية المتعبة؟ أشياء كثيرة مازلت احتفظ بها في دواخلي. كنت أعيش يوميا ظروف الغربة وقسوة البعد عن العائلة. الشوق إلى عائلتي كان شيئا قاسيا علي، كما كان قاسيا علي أن أعود إلى المغرب دون أن أحقق أحلامي. لم أتقبل أن أعود منهزما إلى العائلة وإلى الوطن رغم ما كنت أعيشه في أمريكا من فشل مخيب وضروف حياتية صعبة. كنت أقضي يومي في مشاكل صغيرة تخص المسكن والمأكل وكيف يمكن أن أتدبر أمرهما. سافرت إلى الخارج بطموح وأحلام كبيرة. اعتقدت أن كل شيء سهل ويمكن تحقيقه بصورة مسبقة عن الواقع، قبل أن اصطدم بحائط صلب من الصعاب، وكان عليّ لكي أنجح أن أقوم بهدم هذا الحائط. هنا قوة الإنسان والإيمان بالله، في أنه يمكننا كبشر أن نصنع الأمل ثم النجاح في ظروف صعبة وقاسية، وأن نجد الحلول من لا شيء. عشت لحظات كثيرة من فقدان الأمل بعد أن رفض العديدون التعامل معي رغم أني كنت أجتهد كثيرا في عملي، وهذا شكل لي أحيانا إحباطا مريعا لسنوات طويلة، وأعرف الكثيرين ممن بدؤوا مشوارهم معي توقفوا عن الحلم بعد الصعاب التي لاقوها، غير أني استمريت أصنع الأمل كل يوم. ما أقسى ما طبع رحلتك الحياتية التي وصفتها بالصعبة وأحيانا بالمؤلمة؟ أشياء كثيرة مازالت عالقة بذهبي، وأخرى مازالت تؤلمني لحد الآن. خيانة أحد أصدقائي في العمل بعد أن ربطت له علاقات كان يمكن أن أوظفها لمصلحتي ولم أفعل كان أمرا صعبا، خصوصا بعد أن اشتهر ولم يعد يلتفت إلى العلاقة التي كانت بيننا، وهذا كان مؤلما إنسانيا ومحبطا عمليا بعدما بدأت من الصفر من جديد. بعد ذلك كنت سنة 2006 سأعلن استسلامي وأغادر أمريكا وأعود وزوجتي إلى المغرب بعدما ضاقت بي الدنيا هناك، ولم أحقق أي خطوة في حياتي العملية، بعدما استنفذت كل جهدي لسنوات متوالية في المحاولة، قبل أن تقنعني زوجتي بالبقاء لمدة ثلاثة أشهر أخرى وبعدها يمكنني أن أقرر المغادرة، وهي المدة التي كانت كافية لتكون منعرجا مهما في حياتي وفي مساري الفني ككل. حركة 20 فبراير.. صعود العدالة والتنمية إلى رئاسة الحكومة وأحداث كثيرة عرفها المغرب خلال السنة الماضية، كيف يمكن لهذه الأحداث أن تلهمك كفنان وما هي رؤيتك لها؟ أعذرني فأنا لا أرغب التحدث في السياسة. لكن يمكنني أن أقول لك أني أومن بشيء اعتقد انه مهم، وهو أنه علينا كمغاربة أن نكون إيجابيّين، وهي الطريقة الوحيدة التي تمكننا من بناء المستقبل بعيدا عن الإحباط والتذمر. شيء آخر أود أن أقوله في هذا السياق، هو أنه علينا أن نعين الملك محمد السادس ونسير بجنبه في بناء هذا البلد العظيم، لأنه ملك يعمل بقوة وحب لهذا الوطن، لذا علينا ان نعينه لأن اليد الواحدة لا تصفق. نلت العديد من الجوائز العالمية في مجالك، كما وشّحك الملك بوسام الاستحقاق الفكري. ماذا يمثل لك هذا التكريم الملكي لشخصك؟ صدقني إن قلت لك أنه يمثل لي الشيء الكثير. هذا الوسام الذي شرفني الملك به يمثل حياتي وقيمة كبيرة في عمقي الوجداني وفخرا لي أمام عائلتي وأصدقائي.. ويمثل أيضا دافعا للشباب المغاربة في الإيمان بأن لهم القدرة على تحقيق أحلامهم ونيل العالمية لو أرادوا ذلك دون ملل، وفي أي بلد في العالم. للأسف الشديد، مازال العديد من المغاربة يعتقدون أن تحقيق الأحلام يتوقف عند فرنسا، أو تعلم اللغة الفرنسية، وان كل شيء مرتبط بفرنسا أو الدراسة فيها أو الاهتمام والانبهار بثقافتها، وهذا أمر مغلوط للأسف يسوق بشكل جيد في المغرب، إذ أن الشخص الذي يتقن الفرنسية يعتبر هو الشخص المهم داخل البلد وهذا تفكير محدود بشكل كبير لأن الفرنسية أو حتى الدولة الفرنسية تمثل بقعة صغيرة جدا في بحر الأحلام التي يمكن أن يعيشها الشباب الطموح في العالم الكبير. في المغرب لدينا كل المواهب في شتى المجالات في الفن في العلوم في الرياضة وفي الذكاء البشري وهذه هي الثروة الحقيقية التي يمكن أن نستثمر فيها بشكل جيد كي نسير بعيدا في بناء هذا الوطن. فقط علينا أن نمنح الفرصة للكل بشكل عادل. ساهمت بشكل كبير في إدخال اسم المغرب في أغنية "أون ذ فلور" للنجمة الأميركية جينفر لوبيز، وهي أغنية تتردد فيها كلمة المغرب باللغة الإنجليزية. كيف جاء ذلك؟ أولا أنا إنسان فخور بمغربيتي، والصورة التي أعطي لبلدي في العالم، وهي الصورة التي أحاول أن أعتني بها جيدا لأنها صورة عن بلدي ومسؤولية ثقيلة تقع على كاهلي في هذا السياق، لذا، أفكر مليا في الطريقة المثلى التي يمكنني بها أن أضع المغرب في صورة العالمية، ويمكنها أيضا أن تدفع الكثير من الشباب لأن يفتخروا ببلدهم، وهذا ما حصل فعلا حينما كنت ألتقي بشباب مغاربة وغير مغاربة في جميع دول العالم، يتحدثون عن المغرب من خلال أغنية جنيفير لوبيز. إنه شعور بالنشوة والفخر وشيء عظيم أن يحس به المرء. وكلمات أغنية "أون ذ فلور" هي عبارة عن جولة عبر دول في مختلف القارات، لذا، قلت أثناء إعداد الأغنية أن بلدي المغرب يجب أن يكون حاضرا فيها، ويذكر اسمه ليسمعه العالم، لهذا، وضعت اسم المغرب في مقطعين من الأغنية، حيث أنه في المقطع الثاني تتوقف الموسيقى كليا وينطق اسم المغرب بشكل صريح من أجل توجيه الانتباه، كل الانتباه، إلى اسم المغرب، وهو ما نجح بالفعل بعد أن كنت اسمع الناس يتغنون بالمغرب في شنغهاي وسيدني وبقاع عديدة من العالم. تعاملت مع فنانين عالميين، وأيضا مع فنانين مغاربة عن قرب، ماذا ينقص الفنان المغربي في نظرك كي يصل الى الاحتراف في مجاله؟ أول شيء، السوق الفني في المغرب سوق صغير ويعاني من اللا نظام، وهو مشتت وفوضوي، لكن المواهب المغربية موجودة ولها القدرة لأن تصل إلى الاحتراف في ميدانها، فقط نحتاج لتقنين المجال وإعطاء الحقوق لمن يملكها، فمثلا، أعرف أن القنوات التلفزيونية والقنوات الإذاعية تشتغل يوميا بأغان العديد من الفنانين المغاربة دون أن يستفيد هؤلاء الفنانون من أي عائد مادي، وهذا أمر غير مقبول، وحتى في المرات القليلة التي ينالون مقابلا على أغانيهم يكون ذلك بشكل هزيل جدا. وهذا ما يجعل الميدان غير مهيكل ويفتقد للاحترافية في العديد من جوانبه. ما هي الرسالة التي ترغب في أن تقولها للشباب المغربي الذي يعيش جزء كبير منهم حالة من الإحباط؟ علينا أن نعمل، وأن لا نكف عن الحلم، وان نمضي لتحقيق طموحنا دون كلل. اعتقد أن هذه وصفة جيدة للنجاح، كما يجب أن نجد الحلول لمشاكلنا دون أن نعمل يوميا على صناعة المشاكل. وهناك أمر مهم عليّ أن ابلغه للشباب المغربي وهو الإيمان بالله سبحانه، لأن الإيمان جزء كبير من القوة التي نعيش بها لنحقق كل أحلامنا في الحياة. فإن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا. [email protected]