أمام جمهور عاشق مشدود بالحنين لأصوات فن الفلامينكو الأصيل٬ أحيت الفنانة الإسبانية لولي مونتويا٬ حفلا مميزا مساء أمس الأربعاء بفضاء شالة بالرباط٬ في إطار الدورة 11 لمهرجان "موازين..إيقاعات العالم". وقفت لولي مونتويا٬ سليلة عائلة ضاربة في مجد الفلامينكو باشبيلية٬ على منصة شالة٬ محققة أمل حشد كبير من عشاق هذا الفن ٬ المغاربة والأجانب٬ الذي توافدوا للاستمتاع بأجواء مشبعة بالحنين والشجن٬ على إيقاعات متوثبة تحكي قصة جرح غجري قديم. لولي٬ واسمها الحقيقي دولوريس مونتويا رودريغيث٬ بدت وفية لنمط الفلامينكو الذي بنت مسارها الفني اللامع في إطاره٬ صحبة رفيق عمرها ودربها٬ مانويل خيمينيث٬ حيث برعت في إنشاد مجموعة من الأغاني التي جعلتها من رواد التجديد في هذا الفن الشعبي العريق. ليست جديدة قصة تلك القرابة التاريخية والنغمية٬ للفلامينكو٬ الذي تطور في التربة الأندلسية٬ مع إيقاعات التراث الغنائي العربي٬ لكن لولي مونتويا٬ مضت أبعد من ذلك٬ لتؤدي أغنية عربية٬ لحنا وكلمة٬ لسيدة الطرب العربي أم كلثوم٬ "ألف ليلة وليلة". وهي في اختيارها٬ تصل الحاضر بماضيها الذي طبعه احتكاك مباشر بالفن العربي منذ طفولتها التي قضت حيزا منها بوهران وطنجة. ولم تخف الفنانة الإسبانية خصوصية الإحساس الذي اجتاحها٬ حين ذكرها الفضاء الطبيعي والتاريخي لموقع شالة بمدينة إشبيلية التي خلدتها بأغنية "رجل شاعر"٬ التي تنشد حياة شاعر إشبيلي قديم. لولي التي ولدت عام 1954 ٬ لم تختر الفلامينكو٬ بل وجدت نفسها تتنفسه في البيت٬ فهي وليدة راقص كبير ومغنية فلامينكو كبيرة٬ لانيغرا٬ ولدت بوهران (الجزائر)٬ قبل أن تنتقل الأسرة لفترة الى مدينة طنجة. وقد مكنها المنشأ الغجري الأندلسي من الاحتكاك بأبرز رموز الفلامينكو منذ الصغر. وشكل اللقاء مع مانويل خيمينيث منعطفا هاما في مسارها الفني٬ على درب تجديد هذا النمط الغنائي والموسيقي٬ من خلال ألبومات ذائعة الصيت على غرار "باساخي دي أغوا"٬ "روميرو فيردي" و "كاستا". وهو ثنائي أثمر فضلا عن الأغاني الشهيرة٬ فنانة الجيل الثالث للعائلة٬ ألبا مولينا٬ التي وقفت في إحدى السهرات رفقة والدتها وجدتها٬ لتحكي قصة تقليد فني عريق تتوارثه الذاكرة ويسكن جينات مجموعة بشرية قدر لها أن تعبر عن وجودها "الهامشي" بالغناء والموسيقى.