تم أمس الأربعاء بالرباط، تكريم الأستاذ عبد الحق المريني، في حفل فني ضمن فعاليات اللقاء الدولي السابع للموسيقى الأندلسية الذي نظمته جمعية هواة الموسيقى الأندلسية بالمغرب تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. وأبرز السيد عبد الله شريف وزاني، نائب رئيس جمعية هواة الموسيقى الأندلسية بالمغرب، في هذا الحفل الذي حضره عدد من رجالات الفن والأدب والسياسة، من بينهم على الخصوص، وزير الثقافة السيد بنسالم حميش، ووزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي السيد أحمد اخشيشن، أن المحتفى به هو رجل ثقافة وفكر وصاحب قلم ورجل دولة، مبرزا دوره ومساهمته في إغناء الحقل الثقافي بالمغرب، من خلال عدة مؤلفات أدبية وتاريخية وإسلامية، بالنظر الى تنوع ثقافته واهتماماته المعرفية، خاصة كتاباته في مجال التاريخ. وأضاف السيد شريف وزاني أن الأستاذ المريني رجل كتوم وخدو، يتميز بالتواضع والخصال الحميدة وهو ما أكسبه احترام كافة معارفه وجعله محط تقدير لسلوكه المهني المثالي وعمقه الثقافي وخصاله الإنسانية المجسدة لقيم النزاهة والمروءة. من جهته، أبرز السيد عبد الحق المريني أن الاحتفال بإبداعات المفكرين والشعراء ليعد بادرة طيبة سنتها عدد من الجمعيات الثقافية والفنية بالمغرب مما يشجع كافة المبدعين على مزيد من العطاء، مبرزا أن "تكريم مبدعينا هو تشريف وتكليف للمكرم للمثابرة والاستمرار في عمله على أحسن صورة". وأكد السيد المريني أن الموسيقى هي تراث فني وحضاري عريق شاهد على ذوق المغاربة ورفاهية حسهم الفني والذين تجاوبوا معه منذ القرن الثامن الهجري. وأوضح أن هذا التجاوب كان له الأثر البليغ في صمود هذا التراث في ربوع المغرب شامخا، داعيا إلى الحفاظ عليه وتقريبه إلى أذواق أجيالنا الصاعدة. وأهدى السيد المريني بالمناسبة مخطوط (الحايك) الذي يعد تجميعا لنوبات الموسيقى الأندلسية ويعود لجد المحتفى به كان قد اقتناه من أحد الأسر العريقة بمدينة سلا. وسيتم وضع هذا المخطوط في متحف الجمعية بالدارالبيضاء. وأحيت الفنانتان المغربية سميرة القادري والإسبانية روسيو ماركيز حفلا موسيقيا راقيا مزجتا فيه بين موسيقى الفلامينكو وموسيقى العصور الوسطى لتنبشا معا، عبر رحلة فنية روحية وبشكل إيجابي، في تاريخ الأندلس والذاكرة الموريسكية. واستطاعت هاتان الفنانتان أن تأسرا عشاق إيقاعات هذا النوع من الموسيقى الذين توافدوا على المسرح الوطني محمد الخامس، ورحلتا بهم إلى عوالم متشبعة بالإيقاعات الإسبانية والمغربية التي تنهل من موسيقى الفلامينكو والغناء "القروسطوي" أو غناء ما بعد عصر النهضة. ولم تخلفا الفنانتان القادري وماركيز موعدا ترقبه طويلا معجبوهما الكثر فأتحفتاهم بمقاطع غنائية متنوعة من عملهما الموسيقي المشترك الذي يحمل عنوان "رقصة موريسكية .. إيقاعات من الذاكرة"، والذي هو عبارة عن موشحات وأزجال تحكي عن الديار والآثار الجميلة التي تركها الموريسكيون في بلاد الأندلس. إنه عمل فني ساحر ومتقن مزجت فيه الفنانتان بين أشكال الموسيقى الموريسكية والغجرية، بين "العيطة" المغربية و"السايطة" الإسبانية، وبين "الموال" الأندلسي و"الاستخبار" الغرناطي، إنه حوار بين سيديتين يمزج بين ثقافتين مختلفتين منبعهما الثقافة الأندلسية في دعوة للمحبة والوئام والسلام. وعلى أنغام موسيقى "الليريكي" و"الكانسينيرو" و"الغانتيكا" النابعة من عمق الجزيرة الإيبيرية، وفي تفاعل كبير مع الجمهور، نجحت سميرة القادري وروسيو ماركيز في أداء باقة من أروع المقاطع الموسيقية، أدتاها بأسلوب يجمع بين العذوبة والبساطة في الكلمة والإيقاعات. كما استمتع الجمهور بتقديم مختارات من الموسيقى الأندلسية حيث شنف أذواقه جوق المعهد التطواني بمنتخبات من نوبة الحجاز المشرقي، وهي إحدى النوبات التي تحفل أشعارها بجميل الصور في الغزل والوصف. وتم خلال هذا الحفل تسليم تذكار "أندلسيات" للفنانتين سميرة القادري وروسيو ماركيز. وتتواصل فعاليات هذا المهرجان ويسمى أيضا مهرجان "أندلسيات"، المنظم تحت شعار "التعددية والتداخل الثقافي" والذي يتميز بمشاركة نخبة من الفنانين من إسبانيا وتونس والجزائر والمغرب، إلى غاية رابع دجنبر الجاري بتقديم مختارات من الموسيقى الأندلسية بمدينة الدارالبيضاء، فيما تم تأجيل الأنشطة الفنية التي كان من المقرر أن تنعقد أول أمس الثلاثاء بمدينة المحمدية إلى وقت لاحق.