من مبعوث الوكالة حسن سعودي- رفع الستار مساء أمس الخميس بمدينة شفشاون على فعاليات الدورة السابعة لمهرجان آليغريا (الفرحة) على إيقاعات صوفية أندسية قدمتها فرقة "جمعية أخوات الفن الأصيل للحضرة الشفشاونية"، ثم السوبرانو المغربية سمير القادري والفنانة الإسبانية وروثيو ماركيث. واستهل حفل الافتتاح، الذي أقيم بمنصة ساحة وطا الحمام التاريخية، بعروض من فن الحضرة الشفشاونية، أضفت على أطلال هذه الساحة العريقة أجواء صوفية، قدمتها فرقة "جمعية أخوات الفن الأصيل" التي أسستها رحوم البقالي (أستاذة بالمعهد الموسيقي بشفشاون) سنة 2004. وتجري طقوس فن الحضرة الشفشاونية، الذي يرتبط كما يؤدى حاليا باسم هذه الفرقة المكونة من 17 صوتا نسائيا، بتوزيع أفراد المجموعة إلى فريقين، يتوسط الأول، الرئيسة التي تعزف على العود وتضبط إيقاع المجموعة، فيما يقف الفريق الثاني وراء الفريق الأول الجالس. وتعتبر فرقة "الفن الأصيل" أول فرقة نسوية في تاريخ المغرب تعني بهذا الفن الصوفي المضبوط إيقاعا وصوتا، والذي كان يغنى من طرف الرجال فقط، وقد ساهمت في بعث هذا الفن منذ سنوات وأعادت له حيويته وعملت على نشره على نطاق واسع داخل المغرب وخارجه. وتواصل هذا الحفل الساحر على إيقاعات مغربية أندلسية مزجت بين قدود طرب الآلة وإيقاعات الفلامينكو، مشكلة سفرا فنيا فريدا حلقت من خلاله سميرة القادري وروثيو ماركيث في رحلة فنية جميلة عنوانها "إيقاعات الذاكرة" بغنائهما لمقاطع من التراث المغربي والإسباني. كما شكلت هذه الأمسية الفنية، التي جاءت في إطار معرض زامبرا الذي انتج برعاية مشتركة بين مهرجان أليغريا ومهرجان سور بمدريد، احتفالا بمبدعي ضفتي مضيق جبل طارق، وبالتراث الموسيقي المتوسطي، وذلك من خلال لوحات غجرية ومواويل موريسكية. لقد برهنت سميرة القادري وروثيو ماركيث بلغة الموسيقى وبنظرتيهما المغربية المورسيكية والإسبانية الغجرية وصوتيهما البلوري والطبيعي، وبأنغامهما الدافئة، على أن عملهما ليس مجرد مزج بسيط، وإنما هو حوار حضاري عنوانه بحث دائم عن السلام والمحبة. واستمر هذا الحوار الموسيقي المغربي الأندلسي من خلال مجموعة عثمان الخلوفي من المغرب، التي تشارك لأول مرة في مثل هذه التظاهرة، والتي شدت إليها الجمهور الشفشاوني وزوار مدينة الجبلين، بتوليفاتها الموسيقية التي مزجت بين الجاز والشعبي والفولك والريغي. تتلون أغاني الخلوفي، المهووس بالمزج، من أغنية إلى أخرى، وتتعدد قوالبه الموسيقية في بحث دائم عن الكلام الموزن الإيقاع الممزوج، وتوظيفه للدارجة، لغته الأم، في أعماله أكانت فردية أو مع فنانين آخرين يقاسمونه نفس اللغة الموسيقية، فتصعب خندقة هذا الفنان في نسق فني معين. ومن الضفة الشمالية لمضيق جبل طارق حلت بأليغريا مجموعة تروبا كونغ فو كون (إسبانيا) بقيادة خوان كاريكا، التي تنهل أعمالها من التراث الموسيقي الكتالاني، والتي بعزفها حلقت بجمهورها في أجواء احتفالية مقربة أياه بتلقائية وعفوية من طقوسها الشعبية. لقد كان عزف تروبا كون فو احتفالا امتزجت فيه طقوس الرقص بالغناء بجمالية كبيرة شدت إليها الحضور وجعلته يرقص على إبقاعات آلة الأكورديون وصوت كاريكا الجوهري القوي وألحانه وكلماته التي مزجت بين الفلكلور الكتالاني وإيقاعات أمريكا اللاتينية كالرومبا. يشار إلى أنه إلى جانب الجمهور الذي حج إلى المنصتين، فإن حفل افتتاح الدورة السابعة من مهرجان أليغريا، التي تتواصل إلى غاية العاشر من الشهر الجاري، تميز بحضور السيدة لطيفة أخرباش كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، وعامل إقليم شفشاون وشخصيات أخرى من عوالم الفن والثقافة والفكر..