عدسة: منير امحيمدات شنَّ أصحاب الشهادات العليا بالمغرب، من الذين ينتمون إلى تنسيقيات الأطر العليا المعطلة وأطر محضر 20 يوليوز 2011، حربا ضروسا على موقع يوتوب والمنتديات الإلكترونية المختلفة ضد حكومة عبد الإله بنكيران، وذلك من خلال بث تصريحات سابقة أدلى بها وزراء يؤكدون فيها الالتزام بما قررته الحكومة السابقة بخصوص التوظيف المباشر لهؤلاء المُعطلين في أسلاك الوظيفة العمومية، ثم بعدها تصريحات أخرى لأعضاء من الحكومة "يتنصلون" فيها من كل التزام بهذا الشأن. التنصل من الالتزام وبثت التنسيقيات الأربعة للأطر العليا المُعطلة مقاطع فيديو عديدة على شبكة الانترنت، أحدها يُذكّر بوعود بنكيران التي وزعها على الحاصلين على الشهادات العليا المُعطلين قبل الانتخابات التشريعية المنصرمة، وآخر ينقل "الحل" الذي صرح به بنكران أخيرا تحت قبة مجلس النواب حين دعا المعطلين إلى الدعاء لحل مشكلة بطالتهم. وسلَّط مقطع فيديو آخر نشره المعطلون على يوتوب قبل أيام قليلة، بعنوان "هكذا نافقت حكومتكم سيادة الرئيس"، الضوء على ما اعتبره أصحاب الفيديو تناقضا في مواقف حكومة العدالة والتنمية، عبر بث تصريحات لوزراء؛ من قبيل مصطفى الخلفي وزير الاتصال، وعبد الواحد سهيل وزير التشغيل، ونجيب بوليف الوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة؛ أكدوا فيها بأن الحكومة الحالية لا يمكن لها بأي حال من الأحوال سوى الالتزام بما قررته الحكومة السابقة في شأن التوظيف المباشر للمعطلين وفق محضر 20 يوليوز 2011. ويأتي الجزء الثاني من الفيديو ذاته ليسرد التصريحات التي تبرز تراجع الحكومة "الملتحية" عن التزامها السابق، وتوجهها نحو إقرار التوظيف عن طريق المباريات بدعوى احترام مقتضيات الدستور، وتلت ذلك مشاهد من التنكيل بالشباب المعطلين في شوارع الرباط، وضربهم والاعتداء عليهم من طرف قوات الأمن، ليعم الغضب جميع المعطلين احتجاجا على ما سموه تنصل الحكومة من التزاماتها اتجاه فئة الأطر المعطلين. اكتشاف الواقع وقال الدكتور حسن قرنفل، أستاذ علم الاجتماع السياسي، في تصريحات لهسبريس إن حزب العدالة والتنمية كان يوجد لسنوات طويلة في صف المعارضة حيث لم يمارس السلطة داخل الأجهزة الحكومية، حتى أنه قبل الانتخابات لم تكن قيادة الحزب تعتقد بوصوله إلى السلطة، فاتسم خطابه حينئذ بالسخاء على مستوى الوعود والبرامج الانتخابية. وأضاف قرنفل بأنه بعد الانتخابات تم تكليف هذا الحزب بقيادة الحكومة، الشيء الذي جعله يستخدم خطابا مغايرا بعد اكتشافه لحقيقة الوضعية المالية للبلاد، وطبيعة الإكراهات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تقف أمام نوايا الحكومة وتطبيق برامجها. واسترسل الأخصائي بأنه تبين للحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية أن هناك إشكالا قانونيا بخصوص الاتفاقات المُبرمة مع المُعطلين، حيث اعتبر رئيس الحكومة الالتزام بالتوظيف المباشر لهم خرقا لمقتضيات الدستور، إلا إذا حكمت المحكمة الإدارية بذلك كما صرح بنكيران قبل أيام قليلة. ومن جهة المُعطلين، يُكمل قرنفل، فقد كانوا يُعولون كثيرا على حزب العدالة والتنمية لكونه أبدى تعاطفا طيلة سنوات معارضته مع فئة المعطلين، ولمح إلى إيجاد حلول لمشاكلهم في التوظيف، مردفا بأن تصريحات بنكيران الأخيرة بخصوص تفعيل القانون وإخضاع التوظيف لمبدأ المباريات أفضت إلى ردة فعل المعطلين الذين لجئوا، بالتالي، إلى الانترنت لبث الفيديوهات ضد حكومة بنكيران. ولفت قرنفل إلى أن أصحاب الشهادات العليا هم خريجو جامعات، ولديهم مهارات كثيرة في التعاطي مع الثقافة الرقمية التي استغلوا إجادتهم لها، من أجل شن حرب بدون هوادة على حكومة بنكيران كوسيلة من الوسائل للضغط عليها، في أفق القبول بتوظيفهم بشكل مباشر كما يطالبون بذلك.