لا تزال عمليات ختان البنات شائعة في عدة مناطق بكينيا٬ على الرغم من الحملات التي تطلقها٬ من حين لآخر٬ جمعيات حقوقية من أجل القطع مع هذه الممارسة التقليدية. ففي قبيلة ماسايي٬ يقول دافيد مشوكو أحد زعمائها لوكالة المغرب العربي للأنباء٬ تمارس هذه العادة بكامل السرية وبعيدا عن أعين السلطات٬ لأن منعها جاء بسبب المخاطر التي تمثلها بالنسبة للفتيات البريئات. وقال مشوكو إن الاعتقاد السائد في المجتمع بأن ختان الفتيات هو طقس لحفاظهن على الأنوثة اعتقاد خاطئ٬ مبرزا أن هذه الممارسة "الهمجية" تتسبب في صدمات للفتيات اللواتي لا تجدن بدا من الانصياع لهذا التقليد. وأبدى أسفه لكون هؤلاء الفتيات اللواتي لا تزيد أعمارهن عن 15 سنة ٬ يجدن أنفسهن مجبرات على الاستسلام لشفرة السكين٬ بسبب عدم قدرتهن على الدفاع عن حقوقهن٬ مما يشجع على انتشار داء فقدان المناعة المكتسبة (السيدا) وحدوث تعفنات بل ونزيف قد يؤدي بهن إلى الهلاك. وأكد إيمانويل ميطاي زعيم مجلس شيوخ ماسايي٬ بدوره٬ أن ثلاثة أرباع فتيات هذه القبيلة يخضعن لهذه العادة٬ خاصة في مناطق تراسمارا ودوائر لواتا ناروك. وقال إنه من المؤسف رؤية فتيات خضعن للتو لعمليات ختان٬ يتم تزويجهن بشبان أو كهول٬ حسب اختيار آبائهن الذين اعتادوا على مثل هذا الزواج غير الشرعي بهدف الحصول على مهر ليس إلا. وأبرزت جان نتوب وهي فتاة نجت من السكين٬ أن والدها سحبها من المدرسة في عام 2008 وهي لم تتجاوز بعد سن السابعة. وقالت "بينما كنا في طريق عودتنا من المدرسة٬ توقفنا عند مركز تجاري حيث اشترى والدي معدات لاستعمالها في عملية الختان". وتابعت أنها أبدت شجاعة قوية في رفضها للخضوع للختان وفي شرحها لأبيها لمخاطر هذه الممارسة٬ مضيفة أنها عشية عملية الختان المقررة٬ بعثت بها والدتها إلى الحلاق لقص شعرها جريا على العادة. ولم تتمالك الفتاة الناجية نفسها وذرفت دموعا وهي تقول "استسلمت للقدر الذي ينتظرني وعدت إلى المنزل لأحضر الحفل الذي أقيم على شرفي٬ والذي أحيته فرقة من المغنين والراقصين٬ مضيفة أنه في ساعة مبكرة من الصباح حيث كان الجميع نائمين٬ فرت إلى الأدغال في وجهة مجهولة٬ غير آبهة بالمخاطر المحدقة بهذه المغامرة بالنظر لوجود حيوانات مفترسة هناك. وقالت بنبرة ملؤها الفخر "أفضل أن ألقى حتفي جراء افتراس حيوانات على أن أكون تحت رحمة سكين الختان (...) لقد أنقذت نفسي من تشوه في الأعضاء التناسلية٬ وأنا أعيش حاليا في مركز تاسارو لحماية الفتيات". ووفق دراسة نشرتها منظمة الصحة العالمية٬ فإن الفتيات اللواتي خضعن لعملية الختان هن الأكثر عرضة لصعوبات أثناء الولادة٬ كما أن أطفالهن مهددون٬ أكثر من غيرهم٬ بالموت. ومن بين التعقيدات الخطيرة للولادة٬ العمليات القيصرية٬ والنزيف الحاد بعد الولادة٬ والمكوث في المستشفيات لفترات طويلة. وأشارت الدراسة إلى أن الفتيات اللواتي خضعن للختان الحاد (من الدرجة الثالثة)٬ يكون خطر الولادة القيصرية لديهن بمعدل 30 في المائة أكثر٬ مقارنة مع اللواتي سلمن من الخضوع لأية عملية ختان.