تنشغل النساء وخاصة الفتيات في مقتبل العمر بإيجاد الأجوبة للعديد من المشاكل الصحية التي تواجههن في حياتهن اليومية. البروفيسور خالد فتحي المختص في أمراض النساء والتوليد يجيب عن هذه الأسئلة المحيرة. - عمري 34 سنة سبق لي أن وضعت طفلتي الأولى عبر عملية قيصرية خضعت لها منذ 3 سنوات، أنا الآن حامل في الشهر الثامن. هل من الضروري أن أخضع لعملية قيصرية للمرة الثانية, أم أن الولادة الطبيعية ممكنة ؟ وهل هناك مخاطر لهذه الولادة؟ وكم من عملية قيصرية يمكن أن تحتملها المرأة؟ هذا السؤال يهم شريحة كبيرة من الحوامل اللائي خضعن لعملية قيصرية أولى لسبب من الأسباب ولا يرغبن في تكرار التجربة مرة أخرى نظرا لمضاعفات العملية القيصرية التي تفوق مضاعفات الولادة العادية بكثير. فلك ولهن جميعا أقول بأن ذلك ممكن أحيانا رغم أن المألوف هو أن تخضع هؤلاء النساء للعملية القيصرية في كل حمل لاحق. ويتخذ هذا القرار طبعا من طرف الطبيب المختص بعد تمحيص الملف الطبي للمرأة وتحليل كل الوثائق الخاصة بالحمل والتأكد من انعدام موانع الولادة الطبيعية ومن تضاؤل نسبة الأخطار المحدقة بالمرأة, وتتم هذه الولادة داخل المستشفى وتصنف ضمن الولادات الحرجة التي ينبغي مراقبتها عن كثب من طرف فريق طبي قادر وجاهز لإنجاز القيصرية عند الضرورة. تنجح هذه المحاولة بنسبة 60 إلى 80% ولكن في حالة تعثرها أو إخفاقها يتم إنجاحها بالقيصرية في الوقت المناسب. وقبل أن أسترسل في شرح الحالات المؤهلة لاجتياز اختبار الولادة الطبيعية لابد أن أذكر بأن هذه الأخيرة تنطوي على عدة فوائد أهمها قلة النزيف المرافق للولادة، وقلة الإصابة بالتعفنات الجرثومية ناهيك عن قصر الإقامة بالمستشفى التي تناهز يوما أو يومين على أكثر تقدير بالإضافة إلى استرجاع سريع للحيوية والنشاط الاعتيادي من قبل المرأة. وفي مقابل هذه المحاسن هناك مخاطر محتملة لهذه الولادة, أولها الإخفاق في خروج المولود الجديد عبر السبيل المهبلي مما يؤدي إلى شعور الحامل بالإعياء نتيجة هذا المخاض غير المنتج, وثانيها وأخطرها على الإطلاق هو تمزق ندبة العملية القيصرية Cicatrice utérine السابقة التي قد لا تطيق مجهود المخاض مما يتسبب في تمزق رحمي يمكن أن يهدد حياة الحامل وحياة الطفل وقد تؤدي أحيانا إلى مضاعفات ثقيلة من قبيل استئصال الرحم لذلك إذا قدر الطبيب أن هناك احتمالا كبيرا لتمزق ندبة الرحم فإنه لا يجازف ولا يراهن عليها لأجل اجتياز امتحان المخاض الطبيعي ويرشح الحامل مباشرة لعملية قيصرية أخرى. ولكن كيف تنتقي من بين كل هؤلاء النساء اللائي خضعن للقيصرية سابقا من تستطيع منهن احتمال المخاض الطبيعي؟ إذ ذلك يعتمد على باقة من العناصر والمعطيات أهمها طبيعة الشق الذي تحمله المرأة على رحمها. فإذا كان هذا الشق قد أجري أفقيا عبر الجزء السفلي segment inferieur للرحم. فإن الندبة المترتبة عنه تكون متينة في الغالب كما أن خطر تمزقها يكون ضعيفا. ولحسن الحظ فإن هذا الشق أضحى أكثر شيوعا. وهو يسمح بمحاولة المخاض الطبيعي في غياب عناصر أخرى للخطورة. أما الشق الجراحي الذي يتم فوق الجزء العلوي للرحم, وهو الشق الكلاسيكي الذي كان يستعمل سابقا للنفاذ الجنين لإنجاز العمليات القيصرية, فقد أصبح نادرا في الآونة الأخيرة, فإنه يتميز بمتانة أقل وميل أكثر إلى التمزق, وبالتالي فهو مدعاة لإعادة القيصرية من جديد بدون أدنى تردد. لكن تاريخ المرأة الولادي يظل دائما ممسكا بتلابيبها، وقد يملي أحيانا تكرار القيصرية فأسباب الولادة القيصرية تؤثر أحيانا على أي مخاض لاحق. فإذا كانت الولادة القيصرية قد أجريت في المرة الأولى لسبب عارض, فإنه قد لا يتكرر بالضرورة, كأن تكون الحامل قد عانت من ارتفاع ضغط الدم أو من مشاكل المشيمة والضائقة الجنينية Soufrance foetale كذلك إذا ثبت من سوابق المرأة أنها ولدت بشكل طبيعي قبل ولادتها القيصرية أو بعدها فإن ذلك يعد برهانا على قدرتها على تحمل مشاق المخاض الطبيعي وإنجازه بنجاح مرة أخرى, كذلك إذا كانت المرأة تعاني من مشكل صحي مزمن يتطلب القيصرية فإن هذه الأخيرة تتكرر بالبداهة عند كل حمل. لكن أحيانا تكون المرأة غير مؤهلة للولادة الطبيعية منذ البداية, حيث إنه حسب الكلية الأمريكية لاختصاصي التوليد وأمراض النساء Americain college of obstervians and gynécologistes فإنه ينبغي تجنب المخاض أو تفاديه بتاتا في المواقف التالية : - إذا كان منفذ الحوض ضيقا لا يسمح بخروج رأس الطفل - إذا سبق للمرأة الخضوع لولادتين قيصريتين - إذا كان بالرحم ندبة أو شق غير معروف السبب. - إذا تعطلت الولادة أو المخاض عن الموعد الطبيعي - في حالة الحمل التوأمي أو الحمل بأكثر من جنينين. - في حالة ما إذا كان وضع الجنين مقلوبا أي كان رأسه في مدة الحمل يوجد في قعر الرحم. - إذا كانت المرأة تحمل فوق رحمها شقا كلاسيكيا. - إذا كان حجم الطفل كبيرا جدا لا يسمح بخروجه دونما ضغط كبير على ندبة الرحم. لقد حاولت أن أضعك في الصورة وأبين لكن أن انحياز الطبيب للقيصرية للمرة الثانية ليس ضروريا أو حتميا دائما. وأن قراره بإجرائها لا يكون اعتباطيا بل يتخذ على ضوء معطيات دقيقة ومقننة, لذلك عليك مناقشة سياق ولادتك المقبلة مع طبيبك للوصول للقرار المناسب. أما بالنسبة لسؤالك حول عدد المرات التي يمكن أن تخضع فيها المرأة الحامل للعملية القيصرية، فيفضل الأطباء في الغالب ألا يجروا أكثر من 3 عمليات قيصرية للمرأة الواحدة. ولكن إذا اضطررنا يمكن أن نصل إلى أربع مرات في حالات استثنائية جدا نصل إلى 5 عمليات قيصرية. على أي حال الطبيب الذي يجري العملية يستطيع إن يقدر خلالها إن كان الرحم بإمكانه أن ينجز حملا آخر أم لا ويمكنه أن يقدم نصيحته للمرأة بخصوص هذه النقطة ليوفق بين الرغبة في الإنجاب لديها وسلامة صحتها وحملها من المخاطر المحتملة. - أنا مقبلة على الزواج من ابن عمي لكني أسمع من هنا وهناك أن زواج الأقارب خطير لأن له مسؤولية في بروز أمراض وراثية داخل الأسرة؟ هذا موضوع جد حساس ببلادنا خصوصا في بعض المناطق التي لا يزال فيها زواج الأقارب منتشرا, إلا أنني سأحاول أن أتحرى معك الوضوح ما أمكن, فبداية كان الرجل يميل للزواج من قريبته لاعتبارات قبلية وعشائرية. فأول جريمة في التاريخ كانت بسبب صراع قابيل وهابيل ابنا آدم عليه السلام حول من له أحقية الزواج بأخت لهما. كما أن الفراعنة كانوا يتزوجون من أخواتهم, بل إن هذه العادة كانت متفشية لدى شعوب أخرى كالرومان مثلا. إن زواج الأقارب يقوي من احتمالات تشابه الجين الموروث عن الأب وذاك الموروث عن الأم, مما يؤدي لإمكانية حدوث بعض الأمراض الوراثية لكن ذلك ليس حتميا, وعلى أية حال فإن الزيجات الأكثر خطورة محظورة من قبل الأديان وكل القوانين المدنية. إن نسبة الإصابة بمرض وراثي ما يكون منتشرا داخل الأسرة مرتبطة أساسا بمدى القرابة بين الأم والأب. فإذا كان لديكم مرض وراثي معين داخل العائلة يكون من المستحسن استشارة طبيب وإلا فلا داعي للقلق.