أضحى سؤال تقنين زراعة الكيف بمنطقة الريف يستأثر باهتمام كبير في الآونة الأخيرة، إذ أثير مؤخراً في قبة البرلمان لأسباب تبدو متعددة. بمحاولة نواب برلمانيين شرعنة زراعة الكيف بالمغرب، بيد أن المسألة تبقى على درجة كبيرة من الحساسية، سيما أن الدين الإسلامي يحرم القنب الهندي، فهو لا يتساهل أبداً مع الاتجار به أو استهلاكه أو توزيعه بل حتى القيام بزراعته. فيما يرى نائب استقلالي عن إقليمالحسيمة أن الوقت قد غدا مناسباً لإعادة النظر في حقيقة الأمور، بشكل قد يتنافى و التقاليد و الدين. إلى جانب ذلك أعرب نائب عن الاتحاد الاشتراكي من منطقة أكادير عن أمله في إقدام وزارة الفلاحة على إدراج زراعة القنب الهندي ضمن المخطط الأخضر. باختصار، كُثُر هم النواب الذين يدعون اليوم حكومة بنكيران "الإسلامية" إلى شرعنة زراعة الكيف . بشكل يرمي إلى هيكلة هذا النشاط و تنظيمه قصد تمكين جميع المشتغلين من الاستفادة، بدءً بالمزارع. رغم كل ما قد يقال، يبدو من غير اليسير تجاهل حقيقة مؤداها أن المغرب أرض للتبغ بامتياز. ومنطقة الريف على وجه الخصوص حيث يتنتشر الحشيش، والدولة في وعيها بهذا المعطى حاولت قبل عدة السنوات تحويل زراعة الكيف إلى زراعة التبغ. وإن كانت العملية ممكنة على المستوى التقني فإن عوائق اجتماعية تبرز في المقابل لتقطع التفكير في التحول إلى زراعة التبغ، بحكم توفر تبغ الشرق. وكون الحشيش بمثابة الأفضل بفعل قدرته على جلب نصيب أكبر من المال. في جميع الأحوال، أفضت المجهودات المبذولة حتى الآن إلى تقديم دعم مالي لأزيد من ثلاثة آلاف مزارع بالمناطق المهمشة من الريف بغية توجيههم نحو زراعة التبغ. إذ تم رصد غلاف مالي يقدر ب 34 مليون درهم لأجل التحول إلى زراعة التبغ. وقد مكن النشاط الجديد من تحقيق دخل إجمالي يصل إلى 43 مليون درهم سنويا. إضافة إلى ذلك يتم تخصيص ما يقارب 20 مليون درهم كمعدل سنوي للمساعدة التقنية الموجهة لمزارعي التبغ. على المستوى السياسي، وفي ظل حكومة إسلامية تتألف من غير المدخنين وممن لا يستهلكون النبيذ، يبدو الوقوف على كِيف "صنع بالمغرب" زيادة على التبغ والكحول حجة دامغة لمن يرددون دائماً أن حزب العدالة والتنمية كغيره من الأحزاب، لن يستطيع فرض مرجعيته في غضون هيمنة معطيات اقتصادية وسوسيولوجية لا يمكن الالتفاف عليها.