بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد الشيخ الكريم عبد الباري الزمزمي هداك الله وغفر لك السلام عليك ورحمة الله وبركاته شيخنا الكريم ، تلقينا خبر فتواكم الأخيرة بنفس صعود لا يقر لها شهيق ولا ينزوي لها زفير لما تحمله من أمور تفسد ولا تصلح ، هذا إن صح الخبر عنكم وورود الفتوى منكم وإلا فالعذر منا آكد والسمح منكم عفو من كريم لكريم . وموضوع فتواكم المخبر عنها أنه يجوز للبنت التي لم تتزوج أن تقتني العضو الذكري البلاستيكي الذي يباع في محلات الفسق ونشر الرذيلة لكي تشبع نهمها وتطفئ نار الشهوة المشتعلة فيها ، وأنه يجوز لها استعمال الجزرة وغيرها من الخضروات الشبيهة بالذكر إن لم تستطع للذكر البشري الحلال سبيلا . وهذا والله ما سمعنا به قبلا ولا بعدا إلا من فيكم ، فكيف يجوز لعالم دين يحرص على الفضيلة ويرغب الشباب فيها أن يسمح بهذه الممارسات التي ما أنزل الله بها من سلطان لا في كتابه ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، بعذر أن استعمال هذه الآلات والدمى يدفع عن شاباتنا هتك عرضهم وخسران بكارتهم ويدفع عن شبابنا مزاولة الزنا والوقوع فيه ، فهذا عذر أقبح من فاعله كما يقال ، إذ كيف نتجنب مصيبة لنسقط في مصيبة أخرى ؟ كيف نجنب شبابنا الزنا ونوقعهم فيما هو أخطر منه ؟ إن استعمال هذه الآلات والدمى أخطر من الوقوع في الزنا ، فاستعمال هذه الآلات يميت الحس الإنساني الراقي ويحي الشذوذ الجنسي ويدعوا إلى العضل النفسي الخطير فينتج لنا شباب معقد نفسيا لا يستطيع أن يندمج في المجتمع أو يواكب تطوره ، أما الوقوع في الزنا فإنه وقوع في ذنب يتوب منه المذنب ويستغفر منه ، والزنا هو إتيان رجل لأمرة من أجل ممارسة الجنس خارج مؤسسة الزواج فيكون أمرا مقبولا وإن كان حراما ، أنا لا أخفف من جريمة الزنا هنا فالزنا حرام في الشرع وعقوبتها مبينة مبسوطة ولكن فعلها أخف ضررا مما أفتيت به وهذه الزنا واللواط كلهما حرام لكن اللواط أشد منه لأنه مخالفة للفطرة التي خلق الله عليه الإنسان ، فالزنا وإن كانت تورث ذنبا فإنها لا تورث شذوذا ورذيلة . فالأولى من المؤمن العالم أن لا يدفع ذنبا بذنب أفظع منه ، إن استعمال العضو الذكري البلاستيكي بالنسبة للفتاة غير المتزوجة خطير جدا لأنه سيفقدها عرضها وبكرتها كالعضو الذكري البشري بلا فرق ، ثم يميت غريزتها في الزواج فتكون أبعد عن طلب الحلال لأكتفائها بما أفتيت به من جواز استعمالها لتلك المصيبة فتقول البنت في نفسها استعمال آلة تطفئ نار شهوتي أولى من زوج يعاشرني وما ينتج عنه من مشاكل . ثم يدعوها استعمال هذه الآلة إلى الاختلاء بنفسها أكثر من اللازم فتصبح انطوائية انعزالية الأمر الذي يوصلها إلى الاكتئاب الحاد وعدم استساغة ذلك الفعل الشنيع فتنتحر وتنهي حياتها . وكذلك نفس الأمر بالنسبة للشباب ، والمصيبة إدمان هذه العادات فيصير التخلي عنها أمرا مستحيلا ولو بعد الزواج ، فتجد المرأة متزوجة ولها في حقيبتها عضو ذكري بلاستيكي تستعمله في وقت فراغها أثناء غياب زوجها لأنه يشبعها أكثر من زوجها المنهك بالعمل . فهل تفتي الآباء بأن يشتروا لبناتهم أعضاءا ذكورية بلاستيكية لأنهم لم يستطيعوا أن يزوجوهن ، ويشتروا لأبنائهم دمى يمارسون معها الجنس أو يكثروا من شراء الجزر والموز ، والله با شيخ لقد خوفتنا من شراء الجزر والموز ... شيخنا الكريم : لا شك أنتم أعلم بأن ما أوصل قوم لوط لمزاولة اللواط هو نفس ما أفتيتم به فقد جوزوا لأنفسهم وطء البهائم حتى وصولوا لما وصلوا إليه من تلك الفاحشة . ثم ، هذا كتاب ربنا يقول فيه سبحانه ( وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله ) [ النور 33 ] لقد أمر الله من لم يستطع الزواج أن يستعفف حتى يغنيه ولم يأمره بوطء يده أو بهيمة أو دمية . ثم نبينا صلى الله عليه وسلم قد عرض له شاب يشتعل بنار الشهوة فقال له "أئذن لي في الزنا" طلب الإذن لمزاولة الحرام ؟ فكيف كان رده صلى الله عليه وسلم ؟ لم يأمره بوطء بهيمة أو وطء يده أو غير ذلك دفعا لعدم وقوعه في الزنا وإنما أمره بالعفاف وعالجه بالدعاء ولا شك أنت تحفظ قول النبي صلى الله عليه وسلم [ يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ] أيها الشيخ الكريم : أدعوا الشباب إلى الزواج فإن لم يقدروا فادعهم إلى التعفف فإن لم يقدروا فادعهم إلى الصبر فإن لم يقدروا فادعهم إلى الصوم ولا تدعهم إلى الشذوذ واستعمال ما يخفى علينا ضرره قال تعالى (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ] [ النساء 25 ] فانظر هداك الله كيف أنهى الله الآية الكريمة ( وأن تصبروا خير لكم ) . فقد استدل الجمهور من الآية على جواز الزواج من الإماء لعدم طول نكح الحرائر خوفا من الوقوع في العنت لما في نكاحهن من مفسدة رق الأولاد ولما فيهن من الدناءة في العدول عن الحرائر إليهن ، فانظر ما أمر الله به في هذه الأية وما أفتيت به أنت في نفس المسألة . وأسألك شيخنا الكريم سؤالا وأنتظر إجابتك عليه : لماذا أجيز زواج المتعة لمدة معلومة وتم تحريمه ؟ لماذا لم يجيزوا لهم وطء بهائمهم أو أيديهم ؟ شيخنا الكريم : الأولى بكم البحث عن حل لظاهرة العزوف عن الزواج والتحذير من مخاطر الإعلام الذي يحرص على جسد المرأة ويشيع الفاحشة ويدعوا إلى الفساد . الأولى بكم مخاطبة الآباء بتسهيل الزواج وتخفيض المهور وطلبات تأسيس الأسرة والبدء بالشيء الموجود لإن الغنى مع الزواج أم لم تقرأ قوله تعالى ( وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإيمائكم إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله ) قال أبو بكر رضي الله عنه [ أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى ] يا ليتك قلت بما قال به أبو بكر رضي الله عنه. الأولى بكم مخاطبة البنات ودعوتهم للزواج بالرجل الصالح وعدم تصعيب الأمور عليه الأولى بكم مخاطبة الدولة بتسهيل الزواج ودفع مساعدات مالية لمن يريدون الزواج . الأولى بكم مخاطبة الحكومة الجديدة بإنشاء صندوق الزواج الاجتماعي تتكفل من خلاله الدولة بتزوج الفقراء وغير القادرين على تحمل تكاليف الزواج الباهضة. حين ذلك لن نحتاح إلى محلات من مثل "سكس شوب" ولا "سكس جزرة" أو "سكس موزة" حين ذلك لن نحتاج لمن هذه الفتاوى التي سودت وجوهنا داخل وخارج البلاد ، فاتقوا الله في الشباب وفي العلم وفينا يغفر الله لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته [email protected]