رئيس الجمعية المغربية لحقوق المشاهد: قبولنا اعتذار القناة الثانية هو من باب تجسيد إيماننا بمبدأ التشاركية في النهوض بالإعلام المرئي الوطني نبهت الجمعية المغربية لحقوق المشاهد مؤخرا إلى خطأ مهني جسيم إرتكبته القناة الثانية بعد عرضها لصور ملفقة من حادث سابق ونسبتها إلى حادث لاحق . بلاغ الجمعية لم يذهب سدى بل سارعت القناة الثانية إلى تخليص رقبتها بإعتذار محتشم وعابر وفي توقيت سيء جدا. وقبل خطأ القناة الثانية كان الوزير الشوباني قد اطلق النار على مهرجانات الدولة في تلميح إلى مهرجان موازين وقال أن المهرجان يستغل القنوات العمومية حسب مزاجه. وقد طالبت حينها الجمعية بضرورة فتح تحقيق حول تصريحات الشوباني وحقيقة استغلال الإعلام العمومي حسب ما ورد في تصريحات الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني. وبين هذين الحدثين جاء اليوم العالمي للمرأة وما تبنته الجمعية من مسائلة حول صورة المرأة في الإعلام العمومي ناهيك عن دفتار التحملات وشركات الإنتاج وبرامج رمضان وغير رمضان... حول كل هذه القضايا الإعلامية العالقة وأخرى لازالت تؤرق بال المشاهد وجمعيته نحاور اليوم المصطفى بنعلي رئيس الجمعية المغربية لحقوق المشاهد. طالبتم القناة الثانية بالاعتذار عن خطأ مهني ارتكبته في إحدى نشراتها الإخبارية وهو ما قامت به، ماهو رد فعلكم؟ الحقيقة أن ما قامت به القناة الثانية في نشرة الأخبار المعنية من محاولة إيهام المشاهدين بأن صورة جثث بإحدى الوكالات البنكية بالحسيمة هي صورة جثث أشخاص حاولوا سرقة أسلاك كهربائية بضواحي مكناس خطأ مهني جسيم وعمل غير أخلاقي لا ندري ما الدافع لارتكابه..؟ واعتذار القناة الثانية عن ذلك، رغم كونه محتشما، تصرف نقبله ونحييه في الجمعية المغربية لحقوق المشاهد، ويؤكد أن مواجهة مثل هذه المواقف تحتاج إلى كثير من الشجاعة الأدبية، فنحن لن نقبل أن يتم إلقاء المسؤولية مثلا على أحد المستخدمين كما كان يتم في السابق وينتهي الموضوع. إن قبولنا اعتذار القناة الثانية هو من باب تجسيد إيماننا بمبدأ التشاركية في النهوض بالإعلام المرئي الوطني. لذلك رفضنا اقتراح البعض باللجوء إلى القضاء من أجل المطالبة بالتعويض فهذا حق نعتبره مكفول لعائلات الضحايا. كما أننا حين نتكلم عن قبول الجمعية لاعتذار 2M لا يعني أننا نريد الوصاية على كل المجتمع، فنحن جمعية مدنية تعنى بحقوق المشاهد كحقوق معنوية ذات قيم كبيرة في الوقت الراهن، لذلك فالواقعة لا تعنينا لوحدنا، بل تعني الجميع... أصبحت جمعيتكم وكأنها مختصة في القناة الثانية حيث سبق لجمعيتكم أن لجأت إلى القضاء لإيقاف "طاكسي 36" هل هذا يعني أن القنوات الأخرى بخير؟ أبدا نحن نحاول رصد مظاهر الخلل في كل القنوات العمومية الوطنية، ودعوتنا القضائية ضد الكاميرا الخفية "طاكسي 36" كانت بطلب من عدد من الضحايا وتعبير عن كللنا من انتقاد البرامج التي تعرض خلال شهر رمضان بكل القنوات، وخصوصا الأولى و الثانية اللتان تستحوذان على نسبة هامة من المشاهدة. أما القنوات الأخرى فهي لم تستكمل بعد ملامح هويتها. فميدي 1 tv لازالت في مرحلة انتقالية ولا ندري أي دور ستلعبه بعد أن فشلت في لعب دورها المغاربي الإخباري، وباقي قنوات القطب العمومي هي بمثابة أقسام داخل الشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة ولا تعكس السياسة المتوخاة من القطب العمومي. والقناة الجهوية بالعيون تسارع في محيط سياسي واجتماعي حساس وخاص جدا... دخلت جمعيتكم على خط الجدل حول مهرجان موازين حين طالبت بفتح تحقيق في تصريحات الوزير الشوباني. لكن الكثير لم يفهم البلاغ الذي أصدرتموه في هذا الموضوع، فهل أنتم إلى جانب موازين أم إلى جانب الشوباني؟ الجمعية المغربية لحقوق المشاهد جمعية مستقلة تعمل انطلاقا من ميدان تخصصها وعلى أساس قانونها الأساسي وهي بذلك ليست ولن تكون في يوم من الأيام إلى جانب أحد ضد آخر. كل ما في الأمر أن الوزير الشوباني صرح بأن مهرجان موازين وسماه بمهرجان الدولة يستغل الإعلام العمومي بغير وجه حق وبحكم علاقات خاصة و استثنائية وهذا تصريح خطير من شخص مسؤول في الدولة يحتاج إلى التحقيق و التوضيح. فإذا كانت العلاقات الخاصة و الاستثنائية التي تحدث عنها واضحة والكل يعرفها فما لانعرفه هو كيفية استغلال الإعلام العمومي وهذا موضوع يهمنا ونريد اكتشاف حقيقته. فمثلا حين يقول الوزير بأن لا مانع لديه لو كان الذي ينظم المهرجان يؤدي رسم نقل سهراته، فهذا كلام لا نفهمه لأن المتعارف عليه دوليا أن التلفزيون هو الذي يؤدي حقوق البث وليس العكس خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بنجوم كبار. لكن يهمنا أن نعرف كيف تتم برمجة هذه السهرات وإن كانت تؤدي وظيفة الترفيه والتثقيف لدى المشاهدين المغاربة؟ فلن نسمح لكل شخص يملك المال أن يبرمج ما يشاء، فنحن لا نريد أن يكون في المغرب بيرلسكوني آخر. الخلاصة أن الأمر يحتاج إلى تحقيق، وأحسن تحقيق بالنسبة إلينا في الجمعية، إذا لم تقم به الجهات المعنية الآن، هو انتظار الكيفية التي سيتم بها تعامل القنوات العمومية مع هذا المهرجان في دورته المقبلة، حين ستتوضح الخلفيات الحقيقية للوزير... احتلت صورة المرأة في الإعلام حيزا هاما بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة لهذه السنة، ما هو تقييمكم لهذه الصورة في التلفزيون المغربي؟ تعمل الجمعية المغربية لحقوق المشاهد منذ مدة على محاربة الصور النمطية التي تظهر عليها المرأة المغربية في التلفزيون خصوصا في الانتاجات الوطنية، حيث قمنا بعدة أنشطة ومبادرات في هذا الاتجاه. لكن المطروح الآن، في نظرنا، هو تدقيق المفاهيم وإعطاءها أبعادا متفق عليها من لدن الجميع. فنحن حين نتفق بأن صورة المرأة نمطية في التلفزيون فيجب حصر أوجه هذه النمطية هل مرتبطة بالشعوذة؟ هل هي الجسد؟ هل هي الخنوع أم البلادة و التبعية...؟ وحين نتكلم عن الهوية المغربية للمرأة فهل نقصد بذلك اللباس القادم من الشرق الذي يتكلم عنه البعض كمكون ثقافي وحتى ديني للمجتمع المغربي؟ هناك إشكاليات حقيقة تواجه تحسين صورة المرأة في التلفزيون والتشريع رغم أهميته كمدخل غير كاف، لذلك فإن المهام كثيرة و متنوعة أمام قوى المجتمع الحية، وتحسين صورة المرأة المغربية رهين بتحركات الفعاليات غير المستلبة لا من طرف الغرب ولا من طرف الشرق. تتم في الآونة الأخيرة مناقشة مشاريع دفاتر تحملات جديدة، كيف تساهمون في هذا النقاش وماهي نظرتكم لهذه الدفاتر؟ مرحلة الإعداد لدفاتر تحملات جديدة مرحلة مهمة ينبغي طبعها بحوار واسع تشاركي مع كل حساسيات المجتمع، والجهات التي أوكل لها القانون هذه المهمة لاشك تدرك هذه الأهمية. لقد صغنا مقترحاتنا الخاصة بهذه الدفاتر وعلمنا على تبليغها إلى الجهات المعنية. لكن نحن ندرك حقيقة أن تنزيل دفاتر التحملات هو الأهم، قد يكون لدينا دفاتر ممتازة لكن إذا كان تطبيقها سيئ فسيفرغها من محتواها. سأعطى مثلا : الدستور المغربي وهو أسمى قانون في البلاد، وعلى جميع القوانين والمعاملات القانونية أن تخضع له، ينص على حق الحصول على المعلومة، لكن هل استطاع الشعب المغربي أن يطلع على راتب غيريتس من خلال التلفزيون العمومي؟ هل استطاع حتى نواب الأمة أن يعرفوا ذلك من الحكومة التي يمتلكون حق مراقبهتا؟ إن الإشكال يكمن في التطبيق وإن كان هذا لا يبخس من أهمية صياغة دفاتر تحملات تلبي ميولات المشاهد المغربي وتحترم ذوقه وهويته وحقوقه. هل هناك اهتمامات أخرى للجمعية في السياق الوطني الذي نعيشه؟ نعم وهي كثيرة ومتنوعة، فالجمعية تهتم بالإعلام المرئي في جميع تفاصيله. وهي تستعد لتنظيم ندوة حول التلفزيون في ظل الدستور الجديد. كما أن الجمعية تهتم بمواضيع شركات الإنتاج، وبمشاكل التأثير السلبي على الجمهور الناشئ وكذا الإشهار وكل المواضيع التي ترتبط بالتلفزيون الوطني...كما أن الجمعية مهتمة أيضا بالقنوات الأجنبية ومن ذلك وضع الجزيرة بالمغرب، فنحن نطالب السلطات الوصية بالترخيص لعودة اشتغال مكتب الجزيرة... لكنكم سبق وأن وجهتم رسالة مفتوحة إلى المدير العام لقناة الجزيرة تنتقدون فيها أداء الجزيرة فماذا تغير؟ صحيح لقد وجهنا رسالة باسم الجمعية المغربية لحقوق المشاهد في أكتوبر 2010 عبرنا من خلالها عن إدانتنا لتمادي هذه القناة الفضائية في معاداتها لبلادنا و لوحدتها الترابية، بعدما أضحى ذلك سلوكا ممنهجا وخطا موجها لتعاطيها مع النزاع الجزائري المغربي حول الأقاليم الصحراوية المغربية الجنوبية المسترجعة من يد الاستعمار الاسباني. لقد سجلنا في هذه الرسالة كل العبارات المتحاملة التي شكلت خطا تحريريا منحازا من قبيل "كفاح الشعب الصحراوي من أجل الاستقلال" و " الأراضي المحررة للجمهورية الصحراوية ...كما سجلنا تجاهلها لواقع المحتجزين في تيندوف وللظروف اللاإنسانية التي فرضت عليهم ، ولتلاعب البوليساريو والجيش الجزائري بالمساعدات الإنسانية التي يخصصها المنتظم الدولي لهم... لقد سجلنا تعامل القناة مع اختطاف مصطفى سلمى ولد سيدي مولود واعتقاله...لقد سجلنا كل هذا التحامل على بلادنا في قضية حساسة لكن لم نطالب السلطات بمنع عمل القناة بل طالبنا القناة بالحياد و احترام القيم المهنية. ونحن الآن نطالب بالترخيص لاشتغالها ونحن نعرف وجهة نظرها لسيناريو الشرق الأوسط الكبير ولمقاربتها لما بات يعرف بالربيع العربي ولدور القوى الأصولية في المنطقة العربية... أننا حقيقة أمام قناة غير محايدة لكن الأصل في الأمر هو الحرية والمنع لا يحل المشاكل بل يعقدها، والمشاهد المغربي من حقه الإطلاع على هذا الكم الهائل من الأخبار والتحاليل التي تقدمها الجزيرة. ليبقى دورنا كمجتمع وكدولة تحصين المواطنين المغاربة وتربية حسهم النقدي وتأهيل القنوات العمومية الوطنية حتى لا نرغم الجميع على الرحيل للبحث عن الخبر في قنوات الجزيرة و العربية و القنوات الفرنسية...