كشفت وثائق رسمية تم تسريبها مؤخراً، عن دور الرئيس بشار الأسد في قمع الاحتجاجات، من خلال موافقته على خطط وضعتها وحدة إدارة الأزمات بحكومته، تقضي بإعطاء الأولوية للخيار الأمني في سحق الاحتجاجات المناهضة له و التي أخذت رقعتها في الاتساع بالعاصمة دمشق. وأبانت مئات الأوراق السرية التي عرضها أحد المنشقين على قناة الجزيرة، عن انعقاد اجتماعات يومية لرؤساء الأجهزة الأمنية و فروع الاستخبارات، لمراجعة الأحداث وإصدار الأوامر التي تمت الموافقة عليها من قبل الرئيس. ووسط احتجاجات مستمرة بحي المزة في دمشق منذ عام مضى وهي الأكثر إزعاجا للنظام. قالت الجزيرة يوم الاثنين إن الوثائق تم تهريبها إلى خارج سوريا من لدن عبد المجيد بركات، رئيس قسم الاستعلامات في وحدة إدارة الأزمات، والذي يختبئ حالياً في تركيا مع نشطاء المعارضة. فيما أظهرت رسائل نشرتها صحيفة الغارديان الأسبوع الماضي، تم الحصول عليها أيضا من مصادر من المعارضة السورية، نمط حياة بشار الأسد وزوجته أسماء التي تبدو بمنأى عن أعمال العنف الدامية التي تعم أرجاء البلاد. وبالموازاة مع ذلك، شملت الرسائل تفاصيل شراء قطع موسيقية و تبادل الغزل، فضلاً عن تقديم المشورة بشأن السياسة العامة والسياسة الإعلامية. وتميط أحدث الوثائق المسربة اللثام عن استراتيجية النظام في مواجهة الاحتجاجات، القائمة على نشر آلاف الميليشيات المسماة ب"الشبيحة"، و تخطيط أعضاء من حزب البعث لعزل دمشق و حلب وإدلب عن المناطق المحيطة بها. وأبرزت الوثائق المسربة، كيف تم تقاسم مسؤولية تولي أمر منطقة بعينها، إذ تتكلف أجهزة الأمن بالميادين الرئيسية في العاصمة، إلى جانب المخابرات الجوية التي اتهمت غير ما مرة من قبل منظمات حقوق الإنسان الأجنبية بالضلوع في عمليات تعذيب وحشي لأنصار المعارضة السورية. وفي يوم الجمعة الماضي، الذي شهد خروج أكبر عدد للاحتجاج من اندلاع الانتفاضة، ركزت الخطة على عزل دمشق بوضع خمسة و ثلاثين نقطة تفتيش بغية السيطرة على الحركة. فيما تواصل إغلاق الطرق المؤدية إلى العاصمة عبر البلدات المجاورة و هو أمر غدا مألوفا، في وقت تم فيه نشر ألف عنصر أمني بالمسجد الأموي لردع أي تحرك. وذهبت قناة الجزيرة إلى أن الوثائق تثبت كون الأسد شريكا في اتخاذ تدابير لقمع الاحتجاجات، إذ لوحظ توقيعه بجلاء على وثيقة تجيز سجن من يخرجون في مظاهرات غير قانونية. إضافة إلى ذلك، تضم وثيقة أخرى تحذيراً لوزير الخارجية من دول تسعى لإقناع ديبلوماسيين سوريين بالفرار. وقالت قناة الجزيرة: " على تمام الساعة السابعة من مساء كل يوم، هناك اجتماع لأجهزة الأمن و الاستخبارات للنظر في الأحداث التي شهدتها البلاد طيلة اليوم، بغية وضع مخططات لليوم الموالي، لتنقل تلك المخططات في صباح اليوم إلى مكتب الرئيس الذي يوقع كل الأوامر، معطياً تعليماته بالمضي قدماً". وقال عبد المجيد بركات وهو أحد الأقطاب المهمة التي عملت داخل مقر توجيه الحملة، إنه قرر الفرار و بحوزته 1400 وثيقة بعد أن أحس بالخطر في الشهر الأخير، و هي وثائق موثوقة حسب قناة الجزيرة القطرية. "تحددت مهمتي في إمداد معارضة الداخل و الخارج بالمعلومات" يردف عبد المجيد بركات في حوار له مع قناة الجزيرة التي يرى الأسد أنها تغالي في معاداة نظامه. و يضيف بركات أن " كل من يطلع على تلك التقارير سيشعر بالصدمة، و يتأكد من حقيقة مؤداها أن سوريا تعيش أزمة حقيقية موسومة بالقتل و الإجرام و قمع المحتجين، و رغم فضاعة الوضع يحاول رؤساء الأجهزة الأمنية رسم صورة جميلة في تقاريرهم، إذ يتم إغفال وقائع مهمة على الأرض، من أجل رفع الروح المعنوية للرئيس". ولم تورد الحكومة السورية أي تعليق لها على الوثائق، التي ظهرت في غضون اندلاع اشتباكات بدمشق حسب ما أفاد شاهد عيان، في وقت أعلن فيه التلفزيون الرسمي السوري مقتل ثلاثة " إرهابيين" و عنصر واحد من قوات الأمن. و ليلاً شهد حي المزة الذي يخضع لحراسة مشددة من قبل النظام إطلاقاً للنار والقذائف الصاروخية. ومن جانب آخر أفاد مجلس قيادة الثورة أن خمسة وثلاثين شخصاً أصيبوا بجروح جراء إطلاق النار في منطقة برزة. في هذه الأثناء، تحدثت وسائل إعلام روسية عن وصول قوات روسية مختصة في مكافحة "الإرهاب" إلى ميناء طرطوس، كما وصل مبعوث الأممالمتحدة كوفي عنان بمعية موفدين للجامعة العربية في سعي إلى إيقاف إطلاق النار و رصد للخطط الممكنة.