أكَّد ناشطون معارضون أن قوات الأمن السوريَّة أطلقت الذخيرة الحية لفضّ احتجاج ضد الرئيس بشار الأسد في دمشق، يوم السبت 18 فبراير 2012، مما أسفر عن مقتل شخص واحد على الأقل، مشيرين إلى اقتراب المظاهرات من القصر الجمهوري بحي المزة بدمشق. فيما واصل جيش وشبيحة وأمن النظام السوري استهداف المزيد من المدنيين بالقتل وقصف المنازل براجمات الصواريخ والمدفعية في محاولة يائسة لإخماد الثورة المناهضة للحكم الديكتاتوري لآل الأسد، في وقت كشف فيه رئيس المجلس الوطني السوري، برهان غليون، من «نية نظام الرئيس السوري بشار الأسد ارتكاب جريمة كبرى في مدينة حمص»، حيث قام الجيش النظامي بتوزيع كمامات واقية من الغازات السامة على جنوده في المدينة، بالتزامن مع إعلان رسو قطعتين بحريتين إيرانيتين في ميناء طرطوس السوري. فيما ذكرت شبكة “إن.بي.سي” الأمريكية، أول أمس، أن “عدداً كبيراً” من الطائرات الأمريكية بلا طيار وأجهزة الاستخبارات الأمريكية تعمل فوق سوريا لمتابعة الهجمات التي تشنها قوات سورية على المعارضة والمدنيين. واندلع إطلاق النار في جنازات ثلاثة شبان قتلوا الجمعة الماضية في احتجاج مناهض للأسد وصف بأنه من أكبر الاحتجاجات في العاصمة منذ بدء الانتفاضة في أنحاء البلاد. وقالت وكالة «رويترز» نقلا عن اتحاد تنسيقيات الثورة السوريَّة: إن إطلاق النار بالقرب من الجبانة أسفر عن مقتل أحد المعزين وإصابة أربعة بينهم امرأة أصيبت في الرأس، وذكر شهود عيان أن ما يصل إلى 30 ألف متظاهر نزلوا إلى الشوارع في حي المزة بدمشق. يذكر أن العاصمة السوريَّة دمشق تشهد لليوم الثاني على التوالي، مظاهرات حاشدة ضدّ النظام السوري، وسجلت مظاهرات أول أمس نقلة نوعيَّة، حيث انتقلت إلى حي «المزة» الذي يطل عليه القصر الجمهوري، ما يزيد من تفاقم مخاوف النظام السوري. وبثت قناة «العربيّة» لقطات لمظاهرات حاشدة بالآلاف في الحي أثناء تشييع جنازة 3 قتلى سقطوا الجمعة برصاص الأمن السوري. ويعتبر حي «المزة» من الأحياء الأمنية بامتياز، فإلى جانب قربه من القصر الجمهوري، تنتشر به فروع مقار المخابرات الجوية حيث يجري احتجاز المتظاهرين وتعذيبهم، وكذلك فروع المخابرات العسكريَّة التي يتم فيها سجن وتعذيب العناصر العسكريّة التي ترفض الانصياع لقرار إطلاق النار على المتظاهرين. كما شهدت الكثير من أحياء دمشق، الجمعة الماضية، تظاهرات حاشدة مناهضة للرئيس السوري، بشار الأسد، وخاصة حي «الحميدية» الذي يقع بالقرب من الجامع الأموي، حيث تمَّ مقتل عشرات المتظاهرين برصاص الأمن. كما انتشرت المظاهرات أيضًا الجمعة الماضية في أحياء «القدم» و»الحجر الأسود» و»كفر سوسة» و»البرزة» بالعاصمة السوريّة. قتلى واستمرار القصف في الأثناء، قالت الهيئة العامة للثورة السورية إن القصف على حي بابا عمرو بمدينة حمص وسط سوريا تواصل (أمس) صباحا لليوم السادس عشر على التوالي وسط انقطاع الماء والكهرباء وجميع أنواع الاتصالات، في حين وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان سقوط سبعة قتلى أمس بينهم ستة في إدلب شمال غرب البلاد. يأتي ذلك بعد يوم قالت فيه لجان التنسيق المحلية في سوريا إن 35 شخصا لقوا مصرعهم أول أمس، وذلك عشية عصيان مدني دعا إليه ناشطون في العاصمة دمشق. وأوضحت اللجان أن 18 من بين قتلى أول أمس سقطوا في مدينة الأتارب بمحافظة حلب، وأشارت إلى أن الضحايا هم من الجنود الذين حاولوا الانشقاق وقتلوا في اشتباك مع القوات النظامية. وقالت الهيئة العامة للثورة السورية إن القصف تواصل لليوم الخامس على التوالي على الأتارب، وتحدثت عن سقوط العديد من الجرحى وانتشار للقناصة على أسطح المباني الحكومية، وهو ما دفع إلى نزوح جماعي لأغلب سكان البلدة. وأشارت إلى أن 10 قتلى سقطوا في حمص من بينهم ثلاث سيدات وثلاثة مجندين لقوا مصرعهم عند محاولتهم الالتحاق بالجيش السوري الحر، وأوضحت أن ثلاثة قتلى سقطوا في درعا، وثلاثة في حماة بينهم طفلان، فيما سقط قتيلان في كل من دمشق وإدلب، إضافة إلى قتيل في الرقة. وأكدت الهيئة تعرض منطقة الجورة بدير الزور لإطلاق نار كثيف، فيما استهدف إطلاق نار بشكل عشوائي مدينة البوكمال. وأكد ناشطون أن الوضع في مدينة حمص حساس للغاية حيث بات السكان يعانون من نقص في المواد الغذائية. وقال الناشط أبو بكر من حي بابا عمرو إن «القصف يتواصل على المدينة، وبسبب النقص في الماء بتنا نستخدم مياه الأمطار للشرب». وطالب ب»إقامة ممرات إنسانية لتمكيننا من الخروج من هذا الجحيم». كمامات واقية للغازات السامة! من جانب آخر، حذر رئيس المجلس الوطني السوري، برهان غليون، من «نية نظام الرئيس السوري بشار الأسد ارتكاب جريمة كبرى في مدينة حمص»، موضحا أن «النظام قام بتوزيع كمامات واقية من الغازات السامة على جنوده في المدينة». وقال غليون إن «ذلك يعتبر دليلا على إمكانية إقدام النظام على ارتكاب جريمة كبيرة بحق المدنيين في حمص». وفي هذا السياق، قال الناشط في تنسيقية حمص، أبو علي جعفر: «نحن على يقين من أن النظام يستخدم الغازات السامة وبشكل جزئي كي لا يتم كشف أمره. هو كان يستخدمها في المناطق السورية التي لا تحظى بتغطية إعلامية واسعة، لكننا اليوم لا نستبعد أن يستخدمها بشكل كثيف في حمص بعدما لمسنا نيته إبادة أهلنا لأنهم يدعمون الجيش السوري الحر»، يحسب «الشرق الأوسط». وذكر أبو علي أن «الناشطين في حمص كانوا يسعون في بادئ الأمر لسحب المدنيين من بابا عمرو باتجاه مناطق أكثر أمانا، وهو ما أصبح مستحيلا اليوم». وأضاف: «الأعداد الحقيقية للقتلى تختلف كليا عن الأعداد التي يتحدث عنها الإعلام يوميا؛ فهي أكثر بكثير، خاصة مع افتقارنا إلى المواد الغذائية والطبية، مما يؤدي إلى موت أعداد كبيرة من الجرحى». بدوره، أوضح عضو الأمانة العامة في المجلس الوطني السوري، نجيب الغضبان، أن «العميد المنشق مؤخرا من مدرسة القوى الجوية في حمص هو من كشف عن توزيع النظام كمامات واقية من الغازات السامة على جنوده في المدينة»، لافتا إلى أن «هذه المعلومة تتردد كثيرا في أوساط الجنود المنشقين». وقال الغضبان ل»الشرق الأوسط» اللندنية: «نحن لا نستبعد أن يقوم النظام بحرب إبادة على أحياء حمص وبالتحديد على بابا عمرو والإنشاءات والخالدية؛ لأنها مثلت صمود الثورة السورية، وهو سيسعى بكل ما توافر له من قوة لكسر إرادتها. من قتل أكثر من 600 شخص في مدينة واحدة خلال 20 يوما لن يتوانى عن استخدام غازات سامة أو أسلحة كيميائية لإبادة ما تبقى من أهلها». وتوجه الغضبان للمجتمعين العربي والدولي محملا «إياهما نتائج أي حرب إبادة قد يشنها النظام»، داعيا «وبأسرع وقت ممكن إلى إنشاء ممرات إنسانية لإغاثة المدنيين في حمص، خاصة بعدما بات من المستحيل مدهم بأي مواد غذائية أو طبية أساسية». سفن إيرانية.. من جانب آخر، رست سفينتان حربيتان إيرانيتان، أول أمس، في ميناء طرطوس السوري، وأكد قائد البحرية الإيرانية الأميرال حبيب الله سياري عبور السفينتين قناة السويس المصرية إلى البحر الأبيض المتوسط، وأوضح أن «الأسطول ينقل رسالة سلام وصداقة للمنطقة، ويبرهن على قوة الجمهورية الإسلامية». وكانت إيران قد اتفقت مع سوريا العام الماضي على التعاون في مجال التدريب البحري، كما سبق أن عبرت سفينتان إيرانيتان هما «خارك» و»الوند» قناة السويس في 17 فبراير العام الماضي، وكانت تلك أول مرة تعبر فيها بوارج إيرانية من القناة منذ الثورة الإيرانية. وفي سياق متصل، نددت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بقيام إيران «بتزويد النظام السوري بسفينتي أسلحة من أجل استخدامها في قمع المظاهرات المناوئة لنظام الحكم في سوريا، والمساهمة المباشرة في توفير جميع الذخائر التي يحتاجها النظام السوري لإطلاق الرصاص الحي بشكل مباشر على المتظاهرين في أكثر من 400 نقطة تظاهر يومياً، ولقصف المدن والتجمعات السكنية المدنية». وطالبت الشبكة في بيان نشرته «الجزيرة نت» «بمحاسبة وملاحقة المسؤولين الإيرانيين الحاليين مع شركائهم وحلفائهم في النظام السوري، كمرتكبين لجرائم حرب ضد أبناء الشعب السوري وفق مواثيق القانون الدولي، ومن خلال محكمة الجنايات الدولية». طائرات أمريكية إلى ذلك، كشف مسؤولو دفاع أمريكيون أن عددًا من الطائرات الأمريكية من دون طيار تحلّق فوق سوريا لرصد هجمات الجيش السوري الذي يشنها ضد المحتجين. وأوضح المسؤولون في تقرير نشرته قناة (إن بي سي نيوز) مساء الجمعة الماضية أنَّ «عددًا ليس بقليل» من الطائرات العسكرية والاستخبارية الأمريكية تحلق فوق سوريا لرصد الهجمات التي يشنها الجيش السوري ضد قوات المعارضة والمدنيين الأبرياء. غير أنَّ المسؤولين شدّدوا على أنَّ عمليات المراقبة ليست تمهيداً لتدخل عسكري أمريكي، بل هو جزء من مسعى إدارة الرئيس باراك أوباما لاستخدام أدلة بصرية واعتراض الاتصالات بين الحكومة السورية والجيش «لزيادة الدعم لردّ دولي واسع». يذكر أنَّ الولاياتالمتحدة كانت قد كررت عدة مرات أنَّها لا تعتزم التدخل العسكري حاليًا في سوريا، على الرغم من حثها الرئيس بشار الأسد على التنحي وفرض عقوبات على نظامه.