أثار اللقاء الذي جمع شيوخ ما يسمى بالسلفية الجهادية بأمناء الأحزاب السياسية - خاصة اليسارية منها -إضافة الى بعض الشخصيات السياسية ، قومية ويمينية وغيرها، الكثير من القراءات السياسية المختلفة باختلاف مراكز الرؤى لدى كل من هؤلاء، الشيئ الذي أفرز سيناريوهات متعددة. ويمكننا استعراض بعض ما يدور في كواليس السياسة تحت مجهر النقد السليم في عالم تكثر فيه التحاليل غير الدقيقة انطلاقا من معطيات غير كاملة أو خلفيات غير صحيحة...: -وجود القيادات اليسارية بجانب من كانوا بالأمس القريب يرمون بالتنظير للإرهاب، وفي بيت أحدهم، دليل على أن ما كانت تصرخ به أبواق بعضهم ومنابرهم الإعلامية من اتهامات ودعاوى... كان مجانبا للحق والحقيقة، ولم تكن مبنية على أدلة دامغة أو معطيات دقيقة. -غياب حزب العدالة والتنمية عن الحضور يثبت التنافس السياسي بينه وبين حزب النهضة والفضيلة حول استقطاب أكبر عدد ممكن ممن يحسبون على ما يسمى إعلاميا وأمنيا بالسلفية الجهادية، وهذا دليل على أن هذا التيار الصاعد بقوة، أقصد السلفية، تيار كبير ذو شعبية لا يستهان بها، فرض نفسه بقوة في الساحة المغربية كغيرها من الساحات العربية والإسلامية، وينتظر أن يتحول الى حزب سياسي قد يلعب دورا هاما في المستقبل القريب... -أثبت الشيوخ من خلف الزنازن وبعد الإفراج عنهم أن كعبهم السياسي والعلمي عال بما يكفي لتأسيس حزب خاص بهم. ولا تختلف أجنداتهم السياسية عن باقي زعماء التيارات الإديولوجية خاصة ما برز في خطاباتهم من مزج سلس بين التدين والتسيس وهو الأمر الذي يضفي على المشروع ما يعتبر إضافة نوعية في المشهد السياسي المغربي. - مصلحة الدولة المغربية جلية في الاعتراف بهذا المكون السياسي الجديد بحكم قبولها لانعقاد مثل هذا اللقاء الكبير الذي فاق كل التوقعات، حيث يحتفل اليساريون على اختلاف مشاربهم وآخرون من يمين وغيرهم، بالإفراج عن هؤلاء الشيوخ الذين كانوا بالأمس القريب يوضعون في خانة الإرهاب والتكفير وما إلى ذلك... وهو صورة واضحة لتبرئ هؤلاء السياسيين من الظلم الذي طال الشيوخ وغيرهم... -نتوقع أن تشهد المرحلة القادمة تنوعا في الطرح الإسلامي – مغربيا - يفرضه الربيع المغاربي الذي أتاح للشيوخ المطالبة بتطبيق شريعة الإسلام صراحة، حيث السقف هذه المرة سيكون أعلى... - نتوقع بالمقابل أن نرى انهيارا تاما للمنظومة السياسية لجماعة العدل والإحسان، مما قد يضطر قيادة الجماعة إلى تغيير جذري في استراتيجيتها المعروفة. -ستضطر القوى السياسية واليسارية على الخصوص الى تليين خطابها الحاد الذي دأبت عليه في انتقادها للأحزاب الإسلامية الموجودة... وهو اضطرار تمليه ضرورة المرحلة وحتمية التعايش السلمي. وهناك الكثير من القراءات التي تختلف باختلاف مراكزالرؤى لكن تبقى هذه العوارض عناوين للمرحلة القادمة التي ستشهد تنافسا حقيقيا بين تيارين اثنين: التيار المحافظ والتيار العلماني، وإن كان الأفق السياسي يشير الى اكتساح المنظومة الإسلامية بشكل واسع لكل مؤسسات المملكة المغربية مع تقوية مؤسسة إمارة المؤمنين الضامنة لاستقرار البلاد...