ثمّن عبد الرحيم مهتاد، رئيس جمعية النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين، مبادرة الإفراج عن شيوخ السلفية قبل أيام قليلة، واعتبرها بداية فعلية نحو الحل النهائي لهذا الملف الذي عمَّر منذ 10 سنين، مضيفا في حديث مع موقع هسبريس أن هذه الخطوة جاءت لتزكي ما سبقها من خطوات الانفراج في شهر أبريل من السنة الماضية، حيث استفاد اثنان من شيوخ السلفية من العفو الملكي، هما الشيخان محمد الفزازي، وعبد الكريم الشاذلي. انتفاء مبررات الاعتقال وأبرز مهتاد أن الأحكام التي صدرت، والتي ما يزال أصحابها يقضون عقوبتها بالسجون بتهم لها ارتباط بحضور جلسات أو محاضرات أو دروس هؤلاء الشيوخ، قد انتفت مبرراتها، وعلى القائمين على تدبير هذا الملف الإسراع بتدارك ما يكون قد وقع من تجاوزات واختلالات في المعالجة. وأردف الناشط الحقوقي أنه ارتباطا بما يعرفه المغرب اليوم من دينامكية وحيوية وإسناد لمقاليد السلطة إلى حزب العدالة والتنمية، كنا نتوقع أن يحصل انفراج أوسع، مشيرا إلى أنه كما لا يخفى على كل متتبع للشأن السياسي في المغرب فإن تيار السلفية حقيقة وواقع لا يمكن تجاهله، وعلى اعتبار أن أبناء هذا التيار مغاربة، فمن حقهم الممارسة والمساهمة في الحياة السياسية، ولم لا تحمل المسؤولية إذا ما حازوا أغلبية تؤهلهم لذلك. وأوضح مهتاد أن العفو الملكي الأخير بمناسبة عيد المولد النبوي له أكثر من دلالة، فذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم قد ألقت بظلالها على الحدث، كما أن الأحكام الثقيلة التي ألغاها قرار العفو كانت ثقيلة، والذين استفادوا منه هم من كانوا يصنفون بالأمس تصنيفا نبرئ أنفسنا عن ذكره في حقهم، وكل هذا يسير في اتجاه فسح المجال وإعطاء الفرصة لأبناء هذا التيار من أجل التواجد والتعبير عن الذات. ضمانات ملف السلفية الجهادية ولفت رئيس جمعية النصير إلى أن ملف المعتقلين الإسلاميين كان بحاجة إلى ضمانات، وهي التي افتقدها حينما خرجت جموع المواطنين منددة في شوارع المغرب بعد أحداث 16 ماي الأليمة، في الوقت الذي اختلط في أذهان الناس، ولم يميزوا بين الفاعلين الأساسين لتلك الأحداث، وبين من اعتقلوا على الهامش، ولم تكن لهم أياد لا من قريب ولا من بعيد فيها، كما أن تعامل الفاعلين السياسيين وغيرهم في حق من حوكموا على هذه الخلفية قد عمَّق من الهوة، وباستثناءات قليلة. وأردف مهتاد: النسيج الجمعوي هو الآخر تعامل بنفس الطريقة، بل كان شعار بعضهم في السنوات الأولى بعد 2003 هو قولهم – au feu Touche pas - ، حتى بتنا نسمع عن مآسي أسر هؤلاء المعتقلين ابتدأت بالهدر المدرسي إلى جنوح الأطفال.. واليوم وبعد سنوات من اعتقال هؤلاء الناس، يستطرد مهتاد، قد تطورت لديهم أفكار وأساليب عمل لم يكونوا يؤمنون بها من قبل، فانفتحوا على محيطهم السياسي والجمعوي، بل منهم من أصدر المبادرات، ونشر البيانات، وفتح قنوات الاتصال حتى مع المنظمات الغربية، مشيرا إلى أن هذا التطور الحاصل الذي أبان عنه ونافح من أجله بل وقدمه للعالم أجمع في صورة حية تتحرك بعض من أفرج عنهم من أبناء هذا التيار سواء بالعفو أو بإتمام العقوبة، الأمر الذي أدخل الطمأنينة في النفوس، وجعل العديد من الفاعلين يغيرون مواقفهم، حتى صرنا نرى جموعا كثيرة من الرجال والنساء في مسيرات بالشارع المغربي تطالب بالحرية لهؤلاء، في الوقت الذي كانت مقتصرة بالأمس القريب على أمهات ونساء وأخوات هؤلاء المعتقلين. عصيون عن الترويض وأفاد مهتاد بأنه بعدما كسب أبناء هذا التيار عطف وود الشارع المغربي علانية، انبرت حساسيات سياسية ترغب في تأطيرهم ولمّ شتاتهم، لكنهم صنف عصي عن الترويض، وولاؤهم لبعضهم أكبر من ولائهم لغيرهم؛ وعليه أصبحنا نراهم في كل محفل، ووجودهم من وراء حجاب.. وتوقع المتحدث بأنه بعد الإفراج عن شيوخهم، سوف يتوفر للسلفيين المحضن الأساسي الذي من خلاله يعبرون ويناضلون، ويسعون سعيهم في ظل ما وفرته وتوفره الدولة اليوم للجميع من حرية التعبير والحركة والاحتجاج والاستقطاب، على أساس احترام الآخر، وفي إطار التدافع المقبول شرعا وقانونا. وخلص مهتاد إلى أن سيرة الذين أفرج عنهم من قبل، ومبادرات وتحركات الذين واكبوا مسار الحراك بالمغرب منذ 20 فبراير 2011 قد توجت بمبادرة الإفراج عن باقي الشيوخ في أفق الإعداد، وخلق الجو الملائم سياسيا وجمعويا وحقوقيا لاستقبال باقي المعتقلين الذين استفادوا في مرحلة سابقة من التخفيض في العقوبة السجنية، ولم يعد يفصلهم عن معانقة الحرية إلا القليل، هذا دون إدراج أولئك الذين اعترفوا أمام المحاكم بما نسب إليهم من أعمال الدم والإجرام، وحوكموا بناء على ذلك".