توظف جبهة "البوليساريو" الأطفال في "الدعاية الحربية" على خلفية التوتر السياسي في المنطقة، بعد العملية الأمنية التي قامت بها القوات المسلحة الملكية بمعبر "الكركرات" الحدودي، في انتهاكٍ واضح للاتفاقيات والمواثيق الأممية المتعلقة بحقوق الطفل. وتُروّج الجبهة، عبر شبكاتها الاجتماعية، مجموعة من الأشرطة المرئية التي توثّق لتجنيد الأطفال الصحراويين وإلباسهم الزيّ العسكري، وكذا دفعهم إلى حمل السلاح؛ وهو ما يُعتبر جريمة دولية، طبقاً للمواثيق الأممية التي تحثّ على حماية الأطفال في النزاعات العالمية. وتنتشر ظاهرة تجنيد الأطفال لدى المنظمات الإرهابية بالعالم، مثلما يظهر ذلك في سوريا والعراق وغيرهما من بؤر التوتر، حيث يُصّنفها نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد عام 1998 ضمن الأفعال اللاإنسانية، ويعتبرها أيضا "جريمة حرب"، سواء كان التجنيد طوعيا أم إلزاميا. وأمام استمرار الجبهة الانفصالية في إجبار الأطفال القاصرين على المشاركة في "الاستعراضات العسكرية"، تعالت الدعوات الحقوقية لمراسلة اللجنة الأممية لحقوق الطفل، وكذلك تحرّك الجهاز الدبلوماسي المغربي للمطالبة بانعقاد مجلس الأمن، بغية النظر في انتهاكات القانون الدولي المتعلقة بتجنيد الأطفال في مخيمات تندوف. ويرى صبري لحو، الخبير في القانون الدولي والهجرة، أن "جبهة "البوليساريو" قامت وأُسّست على الجريمة؛ وبالتالي فإن الجريمة تلاحقها في التأسيس كما في النشأة والتطور والاستمرار، وما قامت به "البوليساريو" الآن يعتبر جناية تندرج ضمن اختصاصات المحكمة الجنائية الدولية". ويعتبر لحو، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الأشرطة المرئية حجة ضد "البوليساريو"، وليس حجة لها، بحيث كانت تحاول الترويج بأن الانفصال والاقتتال هو شيء رضعه كل الأطفال؛ ولكنها نسيت بأن ذلك يعد جريمة في القانون الجنائي الدولي، وكل الأنظمة القانونية الجنائية الوطنية عبر العالم". وأوضح المحامي المغربي أن "الأشرطة مظهر لحجة ناصعة وقاطعة لا تقبل إثبات العكس؛ ف"البوليساريو" تجنّد الأطفال عوضاً من وجودهم في حجرات الدرس، وتنمية فكرهم وشخصيتهم، طبقا للالتزامات الواردة في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل المؤرخة في 1989". وشدد محدثنا على أن "ذلك يتعارض مع البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة، حيث تمنع استعمال الأطفال في النزاع بغض النظر عن شكله وطبيعته؛ فلا مبرر لدفع الأطفال من أجل حمل السلاح ودفعه إلى المشاركة في الحرب". ويلفت الخبير القانوني الدولي الانتباه إلى أن "هذه الجريمة الدولية ينبغي أن تتحرك بشأنها المنظمات الحقوقية النشطة في ميدان حماية الطفولة، ولا بد أن تتحرك آليات الأممالمتحدة، سواء اللجنة الأممية لحقوق الطفل، وحتى لجان اتفاقيات حقوق الطفل". وأورد لحو أن "المغرب مطالب برفع القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية، ولما لا المطالبة بانعقاد مجلس الأمن، قصد النظر في خطورة الفعل؛ لأنه يمسّ بحقوق فئة هشة تحتاج إلى عناية خاصة، بغض النظر عن كونه طرفاً في النزاع، اعتباراً لأن التصرف يشكل جناية، يستدعي مثول قيادة "البوليساريو" أمام المحكمة الجنائية الدولية".