بينما تستمر الأشكال الاحتجاجية التي يخوضها الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، والذين يلحّون على رفض هذه التسمية ويسمّون أنفسهم ب"الأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد"، يزداد المرشحون لاجتياز مباريات التوظيف ب"التعاقد" في التعليم بشكل غير مسبوق سنة بعد أخرى. وشهدت المباراة الأخيرة التي نظمتها وزارة التربية الوطنية مشاركة قياسية، حيث زاد عدد المرشحين الذين تقدموا إلى المباراة على 288 ألف مترشحة ومترشح؛ فيما لم يتعدَ عدد المناصب التي تباروا عليها 17 ألف منصب. الإقبال الكبير على مباريات "التوظيف بالتعاقد" أصبح يسائل، كما يرى البعض، تماسك شعارات التنسيقية الممثلة للأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، التي تؤكّد أن التعاقد فُرض على الأساتذة، في الوقت الذي يُقبِل عشرات الآلاف من المرشحين على اجتياز المباريات بمحْض إرادتهم. وذهب بعض المتابعين للشأن التربوي إلى اعتبار أن الإقبال القياسي على مباريات التوظيف في الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، الذي انطلق العمل به سنة 2016، يطرح مفارقة تتمثل في كون الأساتذة الناجحين في المباريات السابقة يصرّون على أن التعاقد فُرض عليهم، بينما هم يجتازون المباريات عن "طيب خاطر". في المقابل، يتمسّك الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بأن وزارة التربية الوطنية فرضت عليهم التعاقد، "وإلا فما معنى ألا نجد التوظيف بالتعاقد في أي وزارة أخرى غير وزارة التربية الوطنية"، يتساءل مبارك بيبا، المنسق الإقليمي ل"التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد" بالرباط. وتابع المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس: "الذين يستكثرون على الأساتذة اجتياز مباريات التوظيف بالتعاقد، بداعي أنهم يعرفون مسبقا أنهم سيشتغلون بالعقدة، عليهم أن يعرفوا أن الترسيم في الوظيفة العمومية حق، ولا يمكن أن يتم حرمان الأساتذة المتعاقدين من هذا الحق". ويُنتظر أن يصل عدد الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، كما تسميهم وزارة التربية الوطنية، أو "الأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد"، كما يسمون أنفسهم، إلى 102 ألف أستاذة وأستاذ بعد مباشرة الأساتذة الناجحين في المباراة الأخيرة لعملهم في قطاع التعليم. وبالرغم من التزايد المضطرد في عددهم، فإن "الأساتذة المتعاقدين" لا يزالون يتمسكون بمطلب الإدماج في الوظيفة العمومية، إسوة بنظرائهم المرسمين؛ وهو المطلب الذي اعتبر مبارك بيبا ألا مناص منه، "أولا لأنه حق، وثانيا لأن نظام التعاقد يستحيل العمل به في قطاع التربية والتكوين، وإلا فإن المنظومة ستتدهور أكثر". وزاد المتحدث ذاته موضحا: "يمكن أن توظف القطاعات الحكومية خبراء بالعقدة لمدة محدودة؛ ولكن لا يمكن توظيف الأساتذة بالعقدة، لأن الأستاذ الموظف بالعقدة يشعر بعدم الاستقرار الوظيفي، لأنه يمكن أن يُطرد من وظيفته في أي لحظة، فما الذي سيُلزم هذا الأستاذ ببذل الجهد ويعطي كل ما لديه". ونبّه المتحدث ذاته إلى أن التوظيف بالتعاقد ستكون له عواقب وخيمة على جودة التعليم في المغرب، قائلا: "الترسيم يحفّز على العطاء والإبداع، لأن الأستاذ المرسّم يشعر بالأمان الوظيفي، بينما الأساتذة المتعاقدون يشعرون بأنهم غير مستقرين"، مضيفا: "إذا كان هدف الوزارة فقط هو البحث عمّن يحرس التلاميذ داخل الأقسام فقد تحقق هذا الهدف. أما إذا كان هدفها هو تخريج أفواج مبدعة ومواطنة ترقى بالمجتمع، فإن نظام التعاقد لن يمكن من تحقيق هذا الهدف؛ بل إنه يساهم في تكريس رداءة جودة التعليم".