تحولت مواقع التواصل الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة إلى "دفتر عزاء"، بعد أن خيّم عليها الأسى عقب وفاة كثير من القامات الفنية والسياسية والرياضية والطبية والإعلامية، نتيجة صراعها مع فيروس "كورونا" المستجد الذي أجبرها على الرحيل دون رجعة. ولا يكاد يمرّ يوم دون أن يُدبّج نشطاء المنصات الافتراضية تعبيرات المواساة في فقدان قامة مغربية، خلّفت أعمالاً ومنجزات راسخة في الذاكرة الجمعية الوطنية، وهو ما يتم تداوله في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التي صارت أشبه ب "سُرادق عزاء" مفتوح. وفقدت المملكة الكثير من الأهرامات في مجالها منذ تفشي الجائحة، الأمر الذي جعل جميع الفعاليات الوطنية تتحسّر على نبأ وفاتها، بالنظر إلى أنها تحظى بسمعة حميدة لدى عموم المواطنين، مخلّفة فراغاً كبيرا في المشهد المغربي، وباعثة الحزن في نفوس المتابعين أيضاً. ويأتي ذلك في ظل القفزة الوبائية التي تعرفها البلاد بشكل متسارع منذ عيد الأضحى، بسبب كثرة التنقلات الجماعية إلى الحواضر والقرى، وهو ما أدى إلى رفع معدل تفشي الفيروس العالمي، وبالتالي تضاعف حالات الإصابة في مجموعة من الجهات. وفُجع المغاربة بوفاة عديد من الأهرام الفنية والثقافية، يأتي على رأسها كل من قيدوم الأغنية المغربية محمود الإدريسي، والفنان التشكيلي البارز محمد المليحي، فضلا عن الفنان أحمد بادوج، الذي يُصنّف أحد أعمدة الفن السابع الأمازيغي. وفيما رحلت الكثير من الأسماء الوازنة في المشهد المغربي، استطاعت بعض القامات تجاوز المحنة الصحية التي ألّمت بها بنجاح، في حين تتابع شريحة مهمة علاجها الطبي بالمستشفيات أو بالمنازل، بينما ترقد فئة أخرى بأقسام الإنعاش والعناية المركزة. وغيّب الطارئ الصحي كذلك وجوهاً طبية معروفة في البلاد، آخرها الدكتور عثمان بعيد، مدير مستشفى محمد الخامس بعمالة الحي المحمدي-عين السبع في الدارالبيضاء، الذي انضاف إلى لائحة طبية استبسلت في ساحة الوغى ضد "سارس-كوف 2" رغم إشكالات نقص الموارد البشرية وضعف الإمكانات المالية المرصودة. وقد خطف الوباء أيضا مجموعة متألقة من الإعلاميين المغاربة، ضمنهم الصحافي والفاعل السياسي حسن السوسي، الذي وافته المنية بمستشفى مولاي علي الشريف بمدينة الرشيدية، وإدريس أوهاب، الذي قدّم أولى النشرات الإخبارية بالقناة الثانية، والكاتب الموسوعي محمد أديب السلاوي، وغيرهم. ويُواصل الفيروس العالمي خطْف العديد من الأيقونات المغربية التي لم تستطع التغلب عليه، لكنها ستبقى في قلوب متابعيها، وهو ما تمثل في تقاطر رسائل الوداع على الصفحات الافتراضية، معبرة بذلك عن الحزن بشأن فقدان أسماء وضعت بصمتها الخاصة على التاريخ المحلي.