قامات فنّية وثقافية وسياسية رحلت دون رجعة، تاركة غصّة في قلوب متتبّعيها وحسرة في نفوس أصدقائها، لكن أثرها ظل باقياً ينطق بالروح الوطنية التي تمتّعت بها، بعدما خطفها فيروس "كوفيد-19" دون استئذان، لتضجّ منصات مواقع التواصل الاجتماعي بشهادات الوداع لهذه الأطر التي رحلت معزولة عن أحبّائها. وفي غمرة الجائحة الكاسحة، انطفأت أيقونات مغربية بعد أسابيع من الصراع المرير مع الفيروس العالمي، الذي عجزت الأبحاث العلمية عن ترويضه إلى حدود الساعة، فاستيقظت الفعاليات الوطنية على ذلك الخبر المفجع.. أطر عابرة للمجالات لن تعود أبداً، بعدما ألّم بها مرض غير رحيم. أيقونات فنية رجلت قامات ثقافية وفنية متعددة عن صهوة الحياة؛ أحدها الفنان التشكيلي محمّد المليحي الذي توفي عن سن يناهز 84 عاما، متأثرا بإصابته بفيروس "كورونا" المستجد. وكان الراحل يُصنَّف ضمن رواد الحركة التشكيلية في المغرب، بفعل مساهماته الإبداعية المتميّزة التي حظيت باعتراف وطني ودولي. كما فقدت الساحة الفنية أحد أعمدة الفن السابع الأمازيغي، وهو أحمد بادوج الذي وافته المنيّة في غشت المنصرم متأثرا بمضاعفات "سارس كوف-2"، تاركا وراءه مسارا حافلا بالدفاع عن الهوية الأمازيغية، إذ أخرج قرابة أربعين فيلما أمازيغيا، وشارك في أعمال عرضت في التلفزيون المغربي. وجوه إعلامية يواصل فيروس "كوفيد-19" حصد الأرواح المغربية، لعل آخرها الإعلامي إدريس أوهاب الذي توفي الخميس، متأثرا بمضاعفات صحية ناتجة عن إصابته بالمرض، وهو الصحافي الذي اشتغل لسنوات ضمن طاقم "القناة الثانية"، وقدّم أولى النشرات الإخبارية، ونشط كذلك عددا من البرامج الحوارية. كما فقدت المملكة قبل أوهاب بشهرين الكاتب الموسوعي محمد أديب السلاوي، الذي تقلد مناصب كثيرة في مجال التحرير والإعلام، وكان مستشارا في العديد من الوزارات، كما ألف كثيرا من الكتب في مجالات مختلفة، ضمنها المسرح والإعلام والثقافة والأدب والسياسة وغيرها. وتوفيت، كذلك، الإعلامية المغربية ليلى طرزايم بمدينة سلا في مارس المنقضي، بعد إصابتها بفيروس "كورونا" المستجد، وهي المذيعة التي عملت في تلفزيون "ميدي 1 تيفي"، وتعد ضمن الإعلاميات المغربيات البارزات في المشهد الوطني، ما جعلها تحظى بتقدير الجسم الإعلامي. أسماء طبية عند دخول وباء "كورونا" إلى التراب الوطني، كان الأطباء هم جنود الوطن الذين يحاربون في ساحة الوغى، رغم نقص الموارد البشرية وضعف الإمكانيات المالية، ولكن الإرهاق الذي أصاب الأطر الصحية بعد أشهر من العمل المتواصل فسح المجال أمام الفيروس لاختراق أجسادهم. وقد فقد الجسم الطبي البروفيسور محمد مومن، الذي شغل أستاذ الجراحة العامّة ورئيس المصلحة المختصة في مستشفى ابن رشد بالدّار البيضاء، بعدما تأثر بمضاعفات فيروس "كوفيد-19". وأصيب المشهد الصحي بالمغرب بصدمة أخرى بعد وفاة البروفيسور محمد الدخيسي، الأستاذ الجامعي المتخصص في جراحة العظام والمفاصل. وخطف الوباء، أيضا، البروفيسور مصطفى العلوي، الذي كان يوصف بطبيب جرادة الإنساني، بعدما توفي في منتصف أكتوبر الجاري، وكان يحظى بشعبية واسعة في الجهة الشرقية، بفعل نشاطه الجمعوي وتضحياته في النشاط الطبي؛ وانضاف إليه البروفيسور سعيد بنجلون، الاختصاصي في الجهاز الهضمي، الذي أصيب بالفيروس أثناء مزاولة عمله المهني. أطر قضائية لم يسْلم الجهاز القضائي من تبعات الوباء العالمي، إذ خطف الفيروس القاضية أمينة المسناوي، وهي قاضية من الدرجة الاستثنائية كانت تعمل بغرفة الاستئناف في المجلس الأعلى للحسابات بالرباط. وتوفيت، بسبب جائحة "كورونا المستجد" أيضا، القاضية زكية مسرور جراء مضاعفات المرض الفيروسي، وكانت المعنية بالأمر تشتغل بدورها، قيد حياتها، بين قضاة "مجلس جطو". قامات رياضية تسبّب فيروس "كورونا" في وفاة الملاكم المغربي البارز محمد بوكينون، ابن مدينة مراكش، وهو الحكم المغربي في رياضة الملاكمة، الذي غادر الحياة في مستشفى "الرازي". وأودى الوباء كذلك بحياة اللاعب السابق لفريق الوداد الفاسي مولاي إدريس لمراني، الذي كان يشغل منصب الكاتب العام للمكتب المسير للفريق الرياضي نفسه.