حَازَ مختبر "الذرّة الباردة" (كولد أتوم لاب)، التابع لوكالة الفضاء الأمريكية، المعروفة اختصارا ب"ناسا"، على جائزة علوم الفضاء لعام 2020، الممنوحة من لدن المعهد الأمريكي للملاحة الجوية والفضائية، نظيرَ الإنجازات العلمية الدقيقة التي يقوم بها المختبر في مجال الفضاء منذ إرساله إلى محطة الفضاء الدولية عام 2018. وتُعتبر الجائزة العالمية، التي يمنحها المعهد الأمريكي كل سنتين، من أرقى الجوائز الممنوحة للتحقيقات العلمية المبتكرة المرتبطة بمجال الفضاء، تسلّمها هذه السنة مختبر "Cold Atom Laboratory"، الذي يُشرف على تدبيره كمال الودغيري، العالم المغربي بوكالة الفضاء الأمريكية. وتم إطلاق وتثبيت مختبر "الذرة الباردة" قبل سنتين بمحطة الفضاء الدولية، التي تعد موطن التجارب العلمية؛ إذ يُعد هذا المختبر أول منشأة في المدار تعمل على إنتاج سحب من الذرات فائقة البرودة، تقترب من درجة الصفر المطلق؛ أي ما قدره ناقص 459 درجة فهرنهايت (ناقص 273 درجة مئوية)، وهي أبرد درجة حرارة مطلقة يمكن أن تصل إليها المادة. ويعمل المختبر الأكثر برودة في الكون على سبْر أغوار الكمّ، حيث يُتيح لعلماء الفيزياء التعامل مع الظواهر الكمية التي يستحيل رصدها على سطح الأرض بطريقة دقيقة لم يسبق لها مثيل، من خلال إجراء تجارب علمية مكثفة ترمي إلى دراسة تفاعلات الذرات بشكل مختلف في الجاذبية الصغرى عندما لا تكون هناك أي حركة تقريبا. وشارك الودغيري في مجموعة من البعثات الفضائية لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، ثلاث منها عبارة عن روبوتات، وهي "إنْسَايْتْ" و"كورْيُوسيتي" و"أُبُورْتْيُونيتي"، حيث أُسندت إليْه وظائف مفصلية في كل من "إنْسَايْتْ" و"كورْيُوسيتي"، بالنظر إلى التجربة التي راكمها، فضلا عن دوره المحوري في بعثة "كاسيني" ومهمة القمر "غرايل"، وغيرها من البعثات الدولية. وتقوم محطة الفضاء الدولية بتجارب علمية دقيقة في مجالات الكيمياء والفيزياء، إلا أنها نالت جائزة علوم الفضاء للمرة الأولى خلال ال20 سنة الماضية من قبل المعهد الأمريكي للملاحة الجوية والفضائية، بفضل الجهود البحثية التي يقوم بها مختبر "الذرة الباردة" الذي يقوده الودغيري بمعية أفضل الفيزيائيين في العالم، بعضهم حاصلٌ على جائزة "نوبل". وأعرب عالم الفضاء المغربي، ضمن تصريح للجريدة، عن سعادته البالغة بهذا التتويج الاستراتيجي، موضحاً أن الجائزة تُمنح لكبار الفيزيائيين، وللمشاريع الضخمة التي يكون لها أثر كبير على العالم، مبرزا ًأن فخره يرجع إلى كونه درسَ في المدرسة العمومية بالمغرب، وينتمي لأسرة متوسطة، ولكنه استطاع أن يجد موطئ قدم له في عالم الفضاء، مؤكدا أن المختبر واجه صعوبات جمّة في البداية، غير أنه استطاع أن ينجح في تأدية المهام المنوطة به. وبشأن طبيعة التجارب العلمية التي قادت مختبر "Cold Atom Laboratory" للظفر بهذه الجائزة المرموقة على الصعيد العالمي، أشار الودغيري إلى أن فريق العمل هو الذي يقود المبادرة لدراسة المادة الخامسة، المعروفة باسم "تكاثف بوز-أينشتاين". وأورد المصرّح لهسبريس أن الذرات شديدة البرودة تأخذ طبيعة موجية، ما يُمكّن من دراستها بشكل دقيق. وهنا تكمن أهمية المختبر، لأنه مهّد الطريق أمام العلماء لإجراء البحوث العلمية في مجالات كانت مجهولة إلى وقت قريب، من قبيل الطاقة المظلمة والمادة المظلمة وطبيعة الجاذبية، بحسَبه، مضيفا أن "العالم يعرف 5 بالمائة من الكون فقط". وتوجّه المتحدث إلى الشباب المغربي بالقول: "تجربتي هي فرصة لهم لكي يدركوا أنه لا حدود للطموح، ومن جدّ وجَد، ولتحقيق هذا الطموح ينبغي التحرّر من عقلية ضعف الإمكانيات، وهي المقولة الموروثة من الاستعمار الذي أراد تكريس ذلك؛ ومن ثمة، لا يجب الاستسلام طيلة المشوار الحياتي". وختم الودغيري تصريحه بمطالبة "المسؤولين بمنح فرص حقيقية للشباب المغربي حتى يتبوّؤوا المناصب الملائمة لكفاءاتهم الشخصية، خاصة في المجال التكنولوجي، ما من شأنه الدفع ببلدنا إلى مصافّ الفواعل المتقدمة، لأن الشباب الأمريكي تُمنح لهم فرص حقيقية للنجاح رغم ضعف إمكانيات البعض".