أكد رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران أنه مستعد للحوار مع حركة 20 فبراير التي تُطالب بمزيد من الإصلاحات السياسية والاجتماعية. وقال رئيس الحكومة في حديث لجريدة "المساء" نشرته في عددها الصادر اليوم الثلاثاء "إنني ما زلت مستعدا للحوار مع حركة 20 فبراير٬ ونحن نرحب بمطالبهم التي تتمثل في طلب المزيد من الديمقراطية٬ كما أننا على أتم استعداد لمناقشتهم حول ملفهم المطلبي". وأوضح بنكيران أن مقاربة محاربة الفساد يجب أن تكون بنظرة مستقبلية على اعتبار أن الانكباب على حل كل الملفات القديمة "سيشغلنا عن بناء المستقبل ويعمق الشروخ في المجتمع بدل أن تتكتل قواه لبناء مستقبل أفضل للجميع". وأضاف رئيس الحكومة ٬ إن عملية محاربة الفساد تحتاج إلى منهجية٬مضيفا ٬ في إطار تعليقه على نشر لائحة المستفيدين من المأذونيات ٬ "نحن لا نهدف إلى إثارة الرعب في المجتمع إذ ما يهم هو تحقيق العدل٬ ولا مجال للانتقام أو تصفية الحسابات (...) فالملفات التي ينبغي أن تحال على القضاء ستحال في وقتها وبكل وضوح"٬ وأن "المهم هو توقف الفساد المالي٬ وأن يصرف المال لصالح الفئات المحتاجة والفقيرة". وأوضح أن ترشيد العمل وربط المسؤولية بالمحاسبة يقتضيان مزيدا من الشفافية في تدبير الشأن العام مذكرا ٬ من باب الإنصاف٬ أن هناك برامج أعدتها الحكومة السابقة من أجل معالجة ملف "اقتصاد الريع" الذي قال إن زمانه "يجب أن ينتهي حتى تكون المنافسة العادلة هي المعيار الذي يجب أن تخضع له هذه القطاعات"٬ مؤكدا أن "المستفيدين الذين يستحقون الاستفادة من المأذونيات (الكريمات) سنجد لهم بديلا عنها"٬ لأن المجالات الإنتاجية "ينبغي أن تخضع لمنطق المنافسة والمردودية فقط وليس لمنطق آخر يكبل فعاليتها". وأشار رئيس الحكومة ٬ من جهة أخرى ٬ إلى أن المغرب شهد حركية سياسية واجتماعية إيجابية في ظرف وجيز٬ على ضوء الإصلاحات الجارية التي تعرفها عدد من القطاعات٬ مما سيؤثر إيجابا على واقع "المجتمع الذي يتجاوب مع كل هذه الخطوات البناءة"٬ وذلك على الرغم من "وجود بعض الأحداث والتوترات المعزولة التي تعيشها بعض المناطق". وأضاف أن "المتتبع المنصف سيلاحظ حدوث دينامية جديدة بالمغرب٬ إذ أن البلد شهد حركية سياسية واجتماعية ملحوظة٬ ومن ذلك تحرك بعض الملفات التي ظلت راكدة"٬ وهو ما تأتى في ظرف وجيز عقب حصول الحكومة على ثقة البرلمان٬ مضيفا أن "هناك على العموم٬ حركية تسير في الاتجاه الإيجابي ونحو الأفضل٬ علما بأن إنجاز الأعمال وظهور نتائجها يحتاجان إلى بعض الوقت". وأكد بنكيران ٬ في ذات السياق ٬ أن التنزيل الأمثل للدستور وتصحيح الاختلالات "لم يكن ممكنا لولا جو الثقة والدعم الذي نتلقاه من جلالة الملك(...) إننا جئنا إلى الحكومة للعمل سويا مع المؤسسة الملكية من أجل التنزيل الإيجابي للدستور في إطار التعاون". ومعرض حديثه عن إشكالية البطالة في صفوف الحاصلين على شواهد عليا٬ قال رئيس الحكومة "إننا نقدر ظروف هذه الفئات لكن يجب على الجميع أن يعمل في إطار القانون مهما كانت درجته (...) فالقانون ينبغي أن يحترم من قبل المواطن والمسؤول على حد السواء٬ ولا يمكن بأي حال من الأحوال العودة إلى الوراء". وما ينبغي أن يستوعبه الجميع - يضيف السيد بنكيران - هو "أننا دولة القانون٬ وإذا شعر المواطنون بالضرر وتعرضوا للظلم فهناك مؤسسات يجب أن يلجأوا إليها". واضاف ٬ في هذا الصدد٬ "نحن نعتزم التفكير في برامج موازية للتكوين من أجل التشغيل الذاتي وتيسير القروض للشباب والتشجيع على العمل الخاص"٬ موضحا أنه يتعين توظيف الخريجين حسب معايير معقولة٬ وعلى أساس الكفاءة وحاجة الإدارة والإمكانيات المالية المتاحة٬ حيث "سنذهب في اتجاه التوظيف عن طريق مباريات تهم كل منها مجموعة من القطاعات لكن هذا لا يعني أننا سنتخلى عن الآخرين". وعبر عن خشيته على " تنافسية المغرب في هذا العالم المعولم"٬ قائلا: "ندرك جيدا بأن أي تساهل سيفضي إلى مزيد من الانتكاس والتراجع٬ و"إذا لجأنا كحكومة٬ إلى التشغيل بمعيار مدة الاحتجاج أمام البرلمان٬ فإننا سنرسخ عملية المحسوبية والزبونية وتوظيف الأقارب". وفي معرض جوابه على سؤال حول أدوار المعارضة في ظل الدستور الجديد للمملكة٬ قال رئيس الحكومة إن "للمعارضة دورا أساسيا وكبيرا وإيجابيا على اعتبار أن الدستور منحها أهمية كبيرة"٬ مؤكدا عزمه "عدم ادخار أي جهد من أجل دعمها في القيام بواجبها". وبخصوص قانون المالية لسنة 2012 قال رئيس الحكومة إنه تأخر "لأننا ورثنا وضعا غير عادي٬ فلقد كان لزاما أن يقدم قانون المالية خلال شهر نونبر أو دجنبر على أقصى تقدير لكن ذلك لم يتم"٬ مؤكدا أن قانون المالية الذي "سيخرج سيكون مشرفا رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعرفها البلاد". وقال في نفس الإطار٬ إن جلب الاستثمارات يتوقف على ثقة المستثمرين في بلدنا٬ وعلى اطمئنانهم للاستقرار السياسي الذي يعرفه المغرب٬ إلى جانب توفر العدالة في الضريبة وتبسيط المساطر الإدارية والفصل العادل والسريع في المنازعات.