بشكل لافت تحول إلى "ظاهرة"، استطاع مجرمون مغاربة سابقون أن يقتحموا عالم التواصل الاجتماعي، بأسماء لها قنوات على "يوتوب" ومتابعين كثر، يسردون عبرها قصصا عن أحوال السجون وعن معايشاتهم واحتكاكهم بأخطر المجرمين. "التائبون الجدد" الذين استغلوا التكنولوجيا لإيصال رسائلهم، تحولوا إلى مزار لآلاف المشاهدين، حيث يتم سرد العشرات من القصص في علاقاتهم السابقة مع الأمن والدرك الملكي. وبين تحقيق الربح الذي تتيحه منصات التواصل الاجتماعي عبر استعمال آليات النصب أو الاستعطاف، وخصوصا "يوتوب"، والرسائل السلبية التي يحملها المجرمون السابقون التي تحكي تفاصيل عن هروب من الأمن أو مواجهة معه، تظل ظاهرة التائبين الجدد مثيرة للاهتمام. الدكتور علي شعباني، أستاذ علم الاجتماع، يقرأ في حديث مع هسبريس هذا الأمر من زاويتين؛ أولهما "إيجابية يبحث من خلالها المجرم السابق عن الذات بعد محنة السجن"، مبرزا أن ما يتم مشاركته في مواقع التواصل الاجتماعي يتضمن مجموعة من العبر الناتجة عن قسوة السجن. وأضاف شعباني أن "هذه الزاوية من المعالجة تقوم على كون المجرم السابق يرى ضرورة مراجعة نفسه وتصحيح الأخطاء عبر البحث عن النفس والاعتراف، وتقديم صورة جديدة للمجتمع"، مسجلا أن هذا يهم بعض العناصر التي تسعى للاندماج في المجتمع عبر تقديم صورة مغايرة. من جهة ثانية، أكد الباحث في علم الاجتماع أن "هناك صورة أخرى تقوم على أن المجتمع لا يثق فيما يقدمه هؤلاء، وعادة لا يقبل اندماج هذه الفئة بسهولة، عملا بمبدأ: لا يمكن العيش مع الأفعى أو الذئب رغم التحولات التي تطرأ على تصرفاتهما، لأنها لا تنسينا عادتهما، وكلما أتيحت لهما الفرصة للإضرار بالمجتمع فلن يترددا"، مبرزا أن هذه "حيلة منهم تجاه المجتمع الذي يحمل نظرة أخرى هي أنهم يظلون مجرمين مهما قدموا من صور مخالفة". وفي هذا الصدد، يرى الأستاذ الجامعي أن "غاية هؤلاء المجرمين هي كسب عطف الناس للحصول على المساعدات، وهذه المسألة تدخل في إطار النصب والاحتيال عبر تقديم صورة إيجابية للناس لكن يظل المجرم يحمل صفاته الإجرامية"، مشددا على أن الهدف هو "جني الأرباح بسهولة لأن الإنسان في السابق يكد للحصول على رزقه واليوم يكون البحث عن موارد سهلة مدرة للمال بمردودية كبيرة". واعتبر الباحث ذاته أن "هذا التحول هو استمرار لظاهرة التسول، لكن عبر استعمال منصات التواصل الاجتماعي، لأنه سريع الربح، وبعيد عن الأنشطة المتعبة"، مضيفا أن "هناك من يعود للاشتغال بالطرق المشروعة، وهناك من يستهويه الظلام عبر الاحتيال والاستعطاف ودموع التماسيح والمظلومية، وهو ما يجعل المغاربة يتعاطفون مع هؤلاء، الأمر الذي يمكنهم من كسب أرباح طائلة".