مرحلة جديدة من الخلاف الدبلوماسي بين الجزائر والمغرب فُتحت صفحتها مع "أزمة الكركرات"، بعد التعديل الدستوري الذي يقضي بتدخل الجيش الجزائري خارج حدوده، وتلويح "البوليساريو" بإبرام اتفاقيات دفاع مشترك، فيما مازالت نواكشوط "جامدة" بخصوص التطورات المُلتهبة التي تشهدها المنطقة. ولم تكشف "بلاد شنقيط" بعدُ عن موقف رسمي بشأن الأحداث الجارية في المعبر الحدودي، مرسّخة بذلك ما تُطلق عليه "الحياد الإيجابي" تجاه ملف الصحراء، وهو ما حاول محمد ولد الغزواني تكريسه منذ اعتلائه كرسي رئاسة الجمهورية الموريتانية عام 2019. وتسبّبت الأزمة السياسية بمعبر "الكركرات" في ارتفاع صاروخي لأسعار الخضر والفواكه بنواكشوط، ما خلَق استياءً لدى جزء من الرأي العام الموريتاني الذي ندّد بتحركات جبهة "البوليساريو" في المنطقة الحدودية، متسائلاً عن رد الفعل الرسمي لدى الوسط الرئاسي "الصامت". ومن وجهة نظر عبد الله حافيظي السباعي، الباحث المتخصص في الشؤون الصحراوية والموريتانية، فإن "الجميع ينظر إلى الموقف الموريتاني من الصحراء المغربية بكثير من الريبة والحذر، بالنظر إلى التذبذب الحاصل على مستوى الآراء الرسمية تجاه كل الأطراف في النزاع". وأورد السباعي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "العلاقات الموريتانية-المغربية كانت غير مستقرة في العقد الماضي، وذلك خلال زمن الرئيس الأسبق محمد ولد عبد العزيز"، مبرزاً أن "قضية معبر الكركرات التي طفت على السطح في الأيام الأخيرة تسائل موقف موريتانيا بشأن الخلاف". وشدد المتحدث ذاته على أن "موقف موريتانيا ظل حيادياً بشكل سلبي بكل ما في الكلمة من معنى، فلا الرئاسة الموريتانية نددت بإغلاق المعبر، ولا وزارة الخارجية أصدرت موقفا واضحا في الموضوع، في حين أن المتضرر الأكبر هو الشعب الموريتاني الذي يشتري، اليوم، الطماطم بأزيد من ستين درهما للكيلوغرام الواحد". وتابع السباعي: "بالإضافة إلى ذلك، نذكر ندرة المواد الأولية التي كنت تصل بسهولة إلى المدن الموريتانية بشكل يومي عبر المعبر الحدودي"، مستدركا: "لقد حاولت الجزائر ملء الفراغ من خلال إرسال عدة شاحنات مملوءة بالخضر، لكن لم يقبل الشعب الموريتاني بشرائها". وخلص الباحث ذاته إلى أن "الحكومة الموريتانية مطالبة بتِبيان موقفها الرسمي، والعمل على تعزيز التعاون مع المغرب، من أجل وضع حد نهائي لهذا الوضع المتأزم الذي لم تشهد المنطقة مثيلا له، والذي قد يجرها إلى ما لا تحمد عقباه، لأن ضبط النفس قد لا يطول عند الحكومة المغربية".