في وقت تواصل جبهة "البوليساريو" استفزازاتها بالمناطق العازلة من أجل إغلاق معبر الكركرات الحدودي، تتوفر المملكة على منافذ تجارية واقتصادية عديدة بالصحراء المغربية يُمكن أن تُشكل بديلاً حقيقياً حتى في حالة نجاح مخطط ميليشيات الجبهة الانفصالية. وخصص المغرب، ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2021، ميزانية قدرها 105 ملايين درهم من أجل مواصلة توسيع ميناء أمهيريز، الذي يبعد عن معبر الكركرات ب80 كيلومترا ويتموقع بمحاذاة الطريق الوطنية رقم واحد في اتجاه القارة السمراء ومروراً بالجارة موريتانيا. وبالإضافة إلى ميناء أمهيريز الذي تبلغ تكلفة إنجازه حوالي 220 مليون درهم، يرتقب أن تنطلق فعليا أشغال ميناء الداخلة الأطلسي بميزانية ضخمة تقدر ب10.2 مليار درهم (ألف مليار سنتيم)، وفق ما جاء في مشروع قانون المالية الجديد؛ وهو المشروع الذي كان قد أعلنت عنه الحكومة السابقة، وشكل صدمة ل"البوليساريو". وتعتبر الموانئ المغربية بالصحراء صفعة حقيقية لمخططات الجزائر و"البوليساريو"، إذ ستتحول إلى معبر رئيسي للحركة التجارية والمدنية من وإلى القارة الإفريقية؛ ما يجعل منطقة الصحراء المغربية بوابة المملكة نحو القارة الإفريقية. ويأتي تشييد هذه الموانئ ضمن البرنامج الكبير المتعلق بتنمية الأقاليم الجنوبية 2016-2021، في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، والذي عرفت انطلاقته توقيع العديد من الاتفاقيات الإطار أمام الملك محمد السادس بتكلفة إجمالية أولية بلغت 77 مليار درهم، وقد تم رفع هذه الميزانية إلى ما يناهز 85 مليار درهم حالياً. ويتضمن هذا البرنامج الضخم بالصحراء المغربية عدداً من المشاريع المهيكلة التي تهدف، على وجه الخصوص، إلى تعزيز البنية التحتية والشبكات وتحفيز الاستثمار الخاص ودعم مشاريع التنمية البشرية والاجتماعية وتثمين الثروات الطبيعية وتشجيع الثقافة على مستوى الجهات الثلاث (العيون الساقية الحمراء، والداخلة وادي الذهب، وكلميم واد نون). وحسب معطيات مشروع قانون المالية المعروض على أنظار البرلمان، فقد تم، إلى غاية مارس 2020، إنجاز 158 مشروعا بالأقاليم الجنوبية بكلفة إجمالية قدرها 11.68 مليار درهم؛ في حين يوجد 318 مشروعا قيد الإنجاز بكلفة مالية قدرها 40.64 مليار درهم. وإلى جانب هذه الأوراش الكبرى، خصّص مشروع قانون المالية لسنة 2021 ميزانية من أجل مواصلة إنشاء الطريق السريع تزنيت-العيون، ومشروع تقوية الطريق الوطنية الرابطة بين العيونوالداخلة الذي بلغ مستوى إنجازه 30 في المائة. وكشفت معطيات مشروع قانون المالية أن الاستثمارات في جهة العيون الساقية الحمراء تأتي في المرتبة الثانية ب6.7 مليارات درهم، أي 29 في المائة من إجمالي حجم الاستثمارات المبرمجة، ثم ثانيا جهة الدارالبيضاءسطات ب5.15 مليار درهم، أي 22 في المائة من حجم الاستثمارات المبرمجة، بينما تحتل المشاريع التي تهم جهات عديدة المرتبة الأولى فيما يخص توزيع الاستثمارات حسب جهة التوطين ب7.59 في المائة مليار درهم، أي أكثر من 32 في المائة من حجم الاستثمارات الجديدة المبرمجة.