قالت نعيمة الكلاف، المحامية بهيئة الرباط والناشطة الحقوقية، إن الترسانة القانونية وحدها غير كافية للحد من ظاهرة التحرش الجنسي، في ظل الصعوبات التي تواجهها النساء لإثبات تعرضهن للتحرش من قبيل إثبات الواقعة. واعتبرت الكلاف، في مداخلة لها ضمن ندوة تفاعلية عن بعد، نظمها مساء الأحد "منتدى الحداثة والديمقراطية" حول "التحرش الجنسي"، أن إثبات التعرض للتحرش، سواء في أماكن العمل أو في الفضاء العام، عن طريق شهادة الشهود، أو حصول الضرر، يعدّ عائقا أمام النساء لتقديم شكايات ضد المتحرشين بهن. وانتقدت المحامية بهيئة الرباط عدم مواكبة القانون 13.103، المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، بحملة تحسيسية للتعريف بمقتضياته، حتى تكون النساء على علم بما يوفره لهن من حماية، وليكون ممارسو التحرش على بيّنة من العقوبات التي يوجبها فعل التحرش. وأضافت الكلاف أن نسبة قليلة فقط من النساء يرفعن شكاوى ضد المتحرشين بهن، وغالبا ما يتم ذلك بعد لجوئهن إلى الجمعيات المدافعة عن حقوق المرأة، بينما يندُر أن تتوجه المرأة وحدها إلى القضاء، نظرا لصعوبة المساطر القضائية، معتبرة أن "الولوج إلى العدالة غير متيسر". وعرّفت وصال المغاري، أخصائية نفسية ومديرة مركز "آنا فرويد" للعلاج النفسي والتنمية الذاتية، التحرش الجنسي بأنه "سلوك جنسي غير مرغوب فيه يجعل الشخص الذي يتعرض له يشعر بالإهانة والظلم والانتقاص والاحتقار والتوتر، لأنه يجد نفسه إزاء موقف يعرّضه للشعور بالألم والإحساس بالعجز". وأوضحت المغاري أن التحرش الجنسي يخلف تأثيرات نفسية سلبية على الشخص الذي يتعرض له، تنجم عن الصدمة التي يشعر بها، يعقبها شعور بتأنيب الضمير، لأنه يعتبر نفسه مسؤولا عمّا تعرض له، لافتة الانتباه إلى أن التحرش يؤدي إلى مجموعة من الاضطرابات، مثل اضطراب النوم وفقدان الشهية والاكتئاب، وقد يؤدي أحيانا إلى الانتحار. ونبّهت الأخصائية النفسية ذاتها إلى أن ضحية التحرش الجنسي قد تكون عرضة للصدمة المتجددة بعد تجاوز الصدمة الأولى، حين تسترجع ذكريات حادثة التحرش التي تعرضت لها، أو لوجود مثيرات نفسية، من قبيل التعرض لموقف مشابه، أو تقاسم تجربة مع إنسان تعرض للحادثة نفسها. وفسّرت المغاري ارتفاع نسبة النساء اللواتي يتعرضن للتحرش الجنسي بالمجتمع المغربي، على غرار مجتمعات إفريقية وعربية، بكون المرأة "يُنظر إليها كشيء وكأداة من أدوات المتعة وليس إنسانا له مكانة اعتبارية داخل المجتمع"، إضافة إلى سيادة العقلية التي لا تتقبل تقاسم الفضاء العام مع المرأة. فيما ترى آمنة التراس، فاعلة جمعوية وحقوقية، أنه "لا يوجد حل للقضاء على التحرش الجنسي، لأنه مشكل بنيوي"، قبل أن تستدرك قائلة إن تسريع وتيرة القضاء على هذه الظاهرة، على المديين المتوسط والبعيد، أمر ممكن إذا تم تكثيف جهود منظمات وجمعيات المجتمع المدني المدافعة عن حقوق المرأة. وأضافت التراس "علينا أن ننتظم لنتجاوز نمط العمل القائم على الترقيع، وإرجاع الدينامية إلى الحركة النسائية عبر التشبيك وتكثيف الجهود من أجل إحداث التغيير".