يُواصل "بلد الأنوار" مسار التّحقيق القضائي المُرتبط بإدارة أزمة فيروس "كوفيد-19"، التي تعرف فصلاً جديدا في اليومين الأخيرين، بعدما داهمت السلطات الفرنسية منازل ومكاتب وزراء سابقين، على خلفية شكاوى رفعت أمام محكمة عدل الجمهورية، المخوّلة بمحاكمة أعضاء الهيئة التنفيذية على أعمال قد يرتكبونها أثناء توليهم حقيبة المسؤولية. وتعرف فرنسا قفزة نوعية في "عداد كورونا" طيلة الأيام المنصرمة، إذ بدأت تسجل آلاف الإصابات بالمرض، وهي أرقام لم يسبق تسجيلها منذ أيام الموجة الأولى من فيروس "سارس كوف 2"، ما دفع رئيس الجمهورية إلى تشديد الإجراءات مرة أخرى لتطويق الأزمة الصحية، إذ أعاد حظر التجوال الليلي، مع إعلان حالة طوارئ صحية عامة. وتُرخي المستجدات الصحية التي تشهدها فرنسا بظلالها على المشهد المغربي، بالنظر إلى استلهام "حكومة العثماني" الخطة الصحية المعتمدة من التجربة الفرنسية، واعتمادها الكلّي على "قصر الإليزيه" في صياغة الإجراءات المواكبة للطارئ الوبائي؛ ولكن "التخبّط" الذي يشهده البلد الأوروبي يسائل الحصيلة الحكومية على مستوى تدبير الجائحة. وفي هذا الصدد، قال مصطفى كرين، طبيب ورئيس المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية، إن "الإجراءات المتخذة من الحكومة كانت خاطئة منذ البداية"، مردفا: "بعد استقبال الملك للحكومة وتأسيس صندوق كورونا اعتقدنا أن الأمور ستمضي بشكل صحيح، لكن القصور الإبداعي دفعها إلى نقل الإجراءات الفرنسية حرفياً". وأضاف كرين، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "على الحكومة أن تقتدي بالتجارب الناجحة في العالم، لعل أبرزها حينئذ الصين، بعدما قامت بإرسال 42 ألف إطار صحي إلى ووهان لمحاصرة الفيروس، ثم أتبعت ذلك ببناء مستشفيات ميدانية"، مبرزا أن "المغرب عمد إلى محاصرة المدن عوض تعبئة الطاقات الصحية". وأوضح الطبيب المغربي أنه "لا يمكن محاصرة الفيروس عبر الإجراءات الأمنية؛ أي إغلاق المناطق، وإنما ينبغي تعبئة الطاقات الطبية وشبه الطبية والدوائية لاحتوائه، فالأمر يتعلق بمرض وليس بمشكل أمني"، مؤكداً أن "الإجراءات الطبية هي السبيل لمحاصرة المرض". واستطرد المحدث نفسه: "فرنسا تتخبط في إدارة الجائحة، إذ كانت تخطئ في تدبيرها، ونحن نتبعها في أخطائها، ومازلنا نمارس الأمر نفسه"، مشيرا إلى أن "التحقيقات التي تقوم بها الشرطة الفرنسية بأمر من القضاء هي محاكمة بشكل ما للحكومة، بسبب التشابه الكبير في طريقة تدبير الجائحة بين البلدين". "يجب تفعيل المحاسبة السياسية مستقبلاً، ويتعلق الأمر بملفات الكمامات والعلاج بالكلوروكين وإدارة عيد الأضحى والحجر الصحي وصندوق كورونا"، وفق المتحدث، الذي أفاد بأن "الأخطاء الفادحة جعلتنا نُصنّف ضمن أوائل الدول في انتشار الفيروس"، خالصاً إلى أن "الحكومة أفشلت التعبئة التي قام بها الملك، بعدما أسس صندوق كورونا، واتخذ إجراءات عدة".