يلعب الأمريكيون من أصول لاتينية دورا مهما في تحديد هوية حامل مفاتيح البيت الأبيض في أي انتخابات رئاسية أمريكية. ويبرز هذا الدور بشكل أكبر في عدد من الولايات التي يتأرجح فيها التصويت بين للحزب الجمهوري وغريمه الحزب الديمقراطي، والتي تعرف مشاركة مكثفة للأصوات اللاتينية، خصوصا بعد التحولات الديمغرافية التي عرفتها الولاياتالمتحدة. تشير معطيات مكتب الإحصاء الأمريكي إلى أن نسبة الناخبين البيض انخفضت ما بين سنتي 2000 و2018، حيث شهدت 10 ولايات تراجعا لهذه الفئة بنسبة فاقت 10 في المائة، مقابل تطور نسبة الناخبين اللاتينيين. أهمية تطور الساكنة اللاتينية تكمن في التمركز في ولايات حاسمة في السباق الانتخابي، كما هو الحال بالنسبة لولاية فلوريدا التي تمثل "أم المعارك الانتخابية"، وكذا ولاية أريزونا التي أضحت ولاية متأرجحة خلال هذه الانتخابات، بعد أن كانت من قلاع المحافظين في الجنوب. وإلى جانب ذلك، فقد تطورت أعداد الناخبين طوال السنوات العشرين الأخيرة في ولاية كاليفورنيا، أكبر ولايات البلاد، إلى جانب ولايتي نيفادا وتكساس. تطور متزايد لا تتجاوز نسبة الأمريكيين من أصول لاتينية 13 في المائة من مجموع سكان الولاياتالمتحدة، بحسب إحصاء 2018، لكن أهمية هذه النسبة، تورد إحدى الدراسات لمركز "بيو" للأبحاث، تكمن في توزيع هذه الفئة، التي تزايد نسبتها في عدد من الولايات الجنوبية. بين عامي 2000 و2018، انتقلت نسبة الناخبين من هذه الفئة في فلوريدا من مجموع سكان الولاية من 11 في المائة إلى 20 في المائة؛ إذ بلغ عدد اللاتينيين الذين يحق لهم التصويت ثلاثة ملايين و145 ألف نسمة، بعد أن كان هذا العدد لا يتجاوز مليونا و250 ألف نسمة سنة 2000. وتكتسي ولاية فلوريدا أهمية خاصة؛ فمنذ الانتخابات الرئاسية لسنة 1964 التي فاز فيها الديمقراطي ليندون جونسون، فإن الفائز في فلوريدا يفوز بالرئاسة، باستثناء الرئيس الأسبق بيل كلينتون الذي خسرها سنة 1992 لصالح جورج بوش الأب، لكنه تمكن في الأخير من الظفر بالرئاسة. أما في ولاية تكساس التي غالبا ما تصوت لصالح الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، فتبلغ نسبة الناخبين اللاتينيين 30 في المائة، بحسب المعطيات الرسمية، ولعل ذلك ما يفسر المنافسة الشرسة التي أضحت تعرفها انتخابات الكونغرس في الولاياتالمتحدة. ولا يختلف الوضع كثيرا في ولاية أريزونا التي كان الرئيس ترامب قد فاز فيها سنة 2016؛ إذ تصل نسبة الناخبين من أصول لاتينية إلى 24 في المائة، بعدد يقدر بمليون و188 ألف ناخب. وإذا كان عدد الناخبين اللاتينيين في ولاية نيو مكسيكو لا يتجاوز 645 ألف ناخب، حسب مركز "بيو" للأبحاث، فإن نسبتهم من مجموع الكتلة الانتخابية وصل إلى 43 في المائة، بالتساوي مع البيض؛ إذ تعد هذه الولاية الوحيدة التي يحتل فيها اللاتينيون صدارة السكان. وتحتضن ولاية كاليفورنيا، أكبر ولايات البلاد وصاحبة "النفس الديمقراطي"، أكبر نسبة من اللاتينيين في الولاياتالمتحدة، تبلغ 30 في المائة من مجموع السكان البالغ 7 ملايين و885 ألف نسبة. تقدم ديمقراطي يتنافس المرشحان الديمقراطي والجمهوري في هذه الانتخابات على جذب الأصوات اللاتينية، لكن نتائج استطلاعات الرأي تظهر تقدم جو بايدن بفارق كبير، حيث أظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة "تيليموندو" الناطقة باللغة الإسبانية مع صحيفة "وول ستريت جورنال" أن 62 في المائة من هذه الفئة سيدلون بأصواتهم لصالح المرشح الديمقراطي، مقابل 26 في المائة لترامب. ويسير هذا الاستطلاع الذي أجري على الصعيد الوطني خلال شتنبر الماضي في الاتجاه نفسه الذي سارت فيه انتخابات 2016، بعدما تمكنت المرشحة الديمقراطية آنذاك، هيلاري كلينتون، من الفوز ب66 في المائة من الأصوات اللاتينية، مقابل 28 في المائة فقط بالنسبة للمرشح الجمهوري. استطلاع آخر أجرته جامعة "هيوستن" أظهر أن ما مجموعه 66 في المائة من الناخبين اللاتينيين في ولاية تكساس سيصوتون لصالح بايدن وكامالا هاريس خلال الانتخابات المقبلة، مقابل تأييد 25 في المائة لبطاقة ترامب ونائبه مايك بنس، في حين قال 90 في المائة من المستطلعة آراؤهم إنهم سيدلون بأصواتهم خلال هذه الانتخابات، ما يبشر بمشاركة قوية لهذه الفئة. أما في ولاية فلوريدا، فيبدو الوضع مختلفا؛ إذ تعرف الولاية منافسة شرسة بين المرشحين. فحسب استطلاع للرأي نشره موقع "مانكي" للاستطلاعات، قال 57 في المائة من الناخبين اللاتينيين إنهم سيصوتون لبايدن، مقابل 41 في المائة لصالح ترامب. ويحاول المرشحان كسب ود الناخبين اللاتينيين ببث إعلانات في القنوات التلفزيونية ووسائل الإعلام الناطقة باللغة الإسبانية. وتقدم إعلانات ترامب هذا الأخير بأنه المرشح الذي يضمن الرخاء الاقتصادي لهذه الفئة، في حين تنتقد أغلب إعلانات بايدن سياسات الإدارة الحالية في ما يخص الهجرة ومواجهة جائحة كورونا.