صنعت كلمة وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر الحدث في ندوة ‘الأنظمة الأساسية وأثرها على منظومة البحث العلمي' المنظمة من طرف النقابة الوطنية للتعليم العالي، حيث جاء شكل ومضمون الكلمة مفاجئا لعدد من النقابيين والسياسيين والأساتذة الباحثين، لتشكل بذلك خطابا ثوريا لم يعهده الفضاء الجامعي من قبل او ينتج مثله وزير تعليم عالي سابق. خطاب الوزير الداودي جاء جريئا وشجاعا ونوعيا في تاريخ خطابات وزراء التعليم العالي السابقين حول قضايا الجامعة, مما جعل منه خطابا متحررا من سلطة الخطاب الرسمي التقليدي. خطاب تشكل من 1301 كلمة، كل منها تحمل حمولة سياسية او رمزية قوية تستحق ان تكون موضوع نقاش حول الجامعة اوالبحث العلمي اوالاستاذ الباحث او النظام الأساسي او حول النقابة، لذلك لم يشتغل خطاب وزير التعليم العالي بمعزل عن شروطه، بل متفاعلا معها لتأسيس ثقافة تواصلية مؤسساتية جديدة حول الجامعة ومكوناتها .إذن ما هي الكلمات المركزية والمحورية في هذا الخطاب ؟ ما هي دلالاتها؟ نسبة تردداتها؟ أبعادها؟ للاجابة عن هذه الأسئلة نشير ان مقاربتنا لهذا الخطاب ستعتمد آليات تحليل الخطاب السياسي. إحصائيا لم يكن خطاب الوزير طويلا بل انه جاء مختصرا اختيرت كلماته بعناية حيث انه لم يتجاوز 1301 كلمة اخترنا للمقاربة الكلمات التي ترددت أكثر من 3 مرات وبنسبة 0,2%وهو ما أعطانا الجدول التالي: النسبة التردد الكلمات %2,07 27 الأساتذة / الأستاذ الباحث %1,2 16 البحث العلمي %0,7 10 التعليم العالي %0,7 10 النظام الأساسي %0,6 9 النقابة الوطنية للتعليم العالي %0,3 5 الجامعة/ الجامعات %0,3 5 الوزارة 0,2% 3 أستاذ التعليم العالي %0,1 2 الخريطة الجامعية % 0,07 1 البرنامج الاستعجالي % 0,07 1 رؤساء الجامعات تعتبر هذه المفردات الكلمات /المفتاح في خطاب وزير التعليم العالي وقد تعكس نسقه الفكري اتجاه الجامعة وما يرتبط بها ، وهو ما يفسر حضور كلمات أكثر من أخرى لكونها جزء لا يتجزأ من إستراتيجية خطاب الوزير. وبعد ضبط كيفية ورود هذه الكلمات في خطا الوزير،قمنا بمقاربة هذه الكلمات حسب ورودها في هذا الخطاب. 1- الأستاذ الباحث قطب رحى تأهيل الجامعة: احتل مفهومي الأساتذة الباحثون /الأستاذ الباحث المرتبة الأولى ب 27 ترددا وبنسبة %2,07 وهذا أمر طبيعي لان وزير التعليم العالي يراهن على ان يكون الأستاذ الباحث هو الرقم الأساسي في أي معادلة تهم البحث العلمي اوالنهوض بأوضاع الجامعة او بناء مغرب المعرفة والتنمية وهو ما يتماشى وتوجهات البرنامج الحكومي الذي وضع ضمن أهدافه وأولوياته تحفيز العنصر البشري باعتباره الفاعل المركزي في المنظومة التربوية. وقد أكد الوزير أن مراجعة النظام الأساسي الخاص بهيئة الباحثين هو أساس هذا التحفيز لتستعيد الجامعة المغربية ريادتها في مجال التكوين والإشعاع المعرفي والبحث العلمي وانفتاحها على محيطها الجهوي والوطني. وفي هذا اعتراف من وزير التعليم العالي بالوضع المزري الذي يو جد فيه الأستاذ الباحث وأيضا الوضع المقلق الذي توجد فيه الجامعة التي تعرف تراجعا على مستويات التكوين والتاطير والبحث العلمي في عز ما يسمئ ب البرنامج الاستعجالي وبالإصلاح الجامعي.هذان البرنامجان اللذان اهتما بالإصلاح الكمي أكثر بالإصلاح الكيفي وهذا ما يفسر ارتفاع نسبة نجاح الطلبة بالجامعات المغربية مقابل تراجع مستوى جودة الدبلومات او الشهادات الجامعية. والغريب في الأمر ان الحكومة السابقة والوزارة الوصية انطلقتا في أجرأة برامج البرنامج الاستعجالي دون تقويم وتقييم مسار الإصلاح الجامعي الجاري، بل ان وزارة التعليم العالي بدل ان تعيد النظر في مسار هذا الإصلاح قامت بتطبيق بما يسمى البرنامج الاستعجالي الذي كلف 47 مليارا دون ان يحقق أي هدف من أهداف مشاريعه او يغير أي شيئ من واقع الجامعة المغربية التي تزداد تراجعا بسبب التهميش الممنهج للأستاذ الباحث وللطلبة وللإداريين في هذه المشاريع الإصلاحية رغم كونهم هم قطب الرحى في أي مشروع إصلاحي. لذلك راهن الداودي في كلمته على الأستاذ الباحث وتحفيزه عبر مراجعة النظام الأساسي لهيئة الأساتذة الباحثين لسنة 1997 الذي لم يكن عادلا وان كان تحولا مهما في المسار المهني للأستاذ الباحث والذي تم تعديل بعض بنوده سنة 2001 بتنسيق مع النقابة الوطنية للتعليم العالي وبالضبط تلك المرتبطة بالوضعيات الإدارية للأساتذة الباحثين منها على الخصوص وضعية الأساتذة حاملي الدكتوراه الفرنسية ووضعية الأساتذة المساعدين بمؤسسات تكوين الأطر العليا ووضعيات المساعدين ووضعية الأساتذة حاملي شهادة السلك الثالث والإبقاء إلى غير ذلك من الحالات الخاصة والفردية. لكن هذه التعديلات التي لم تكن في مستوى تطلعات الأستاذ الباحث مما أحرج كثيرا الوزارة الوصية والنقابة وأزم أكثر الوضع داخل الحرم الجامعي مما دفع بالحكومة السابقة ان توقع مع النقابة الوطنية للتعليم العالي اتفاق 29 ابريل 2011 الذي كان من المنتظر ان يدخل حيز التنفيذ فاتح يوليوز 2011 لكن كعادتها لم تلتزم الوزارة الوصية ببنود اتفاقها والأكيد ان مثل هذا السلوك يؤثر سلبيا على مستقبل مبادئ الثقة والتعاقد والالتزام بين الأستاذ الباحث والوزارة من جهة وبين الأستاذ الباحث والنقابة من جهة أخرى لان التبريرات التي ادلوا بها حول اسباب تأخير تنفيذ بنود هذا الاتفاق ليست بالمقنعة او بالمنطقية . ووعيا بالوزير الجديد بتذمر الأساتذة الباحثين من جراء هذا التأخير حاول ان يطمئنهم بأن وزارته بصدد تفعيل ما تم التأكيد عليه مع النقابة الوطنية للتعليم العالي وستفتح الحوار حول مجمل القضايا المعلقة و التي تهم منظومة التعليم العالي والبحث العلمي ووضعيات الأساتذة الباحثين عبر اشتغال اللجن المشتركة ( لجنة النظام الأساسي، لجنة الملف الاجتماعي ولجنة الملف المطلبي ) على مستوين: - المستوى الاول يهم: التعجيل بالتسوية النهائية لكل ملفات اتفاق 29 أبريل 2011 بين الحكومة والنقابة -مراجعة قرار شبكة الترقية الخاصة بالأساتذة الباحثين وذلك بحذف خانة الانفتاح منها -العمل على إيجاد حل مستعجل للانتقال من إطار أستاذ مؤهل إلى إطار أستاذ التعليم العالي - مراجعة نظام الترقية والكوطا - العمل على إضافة الدرجة ''د'' في إطار أستاذ التعليم العالي . - المستوى الثاني يهم : معالجة الملفات الكبرى باعتماد مقاربة تشاركية ، وتتمثل فيما يلي : -مراجعة مواد من القانون 00-01 -إعادة النظر في وضعية الكليات المتعددة التخصصات بشكل تدريجي مع وضع معايير خاصة لتطويرها - وضع نظام أساسي جديد للأساتذة الباحثين -التفكير في وضع نظام تحفيزي لتشجيع البحث العلمي وتنميته مع ربط ترقية الأساتذة الباحثين في جزء كبير منها بالبحث العلمي -مراجعة وتحيين الخريطة الجامعية في بعدها الجهوي -فتح نقاش مع القطاعات الحكومية المكلفة بتكوين الأطر من أجل توحيد التعليم العالي -التفكير في صيغ جديدة لاختيار الرؤساء و العمداء والمدراء-الاهتمام بالقضايا الاجتماعية لأسرة التعليم العالي -ربط المسؤولية بالمحاسبة ومحاربة الفساد أيا كانت الجهة المسؤولة عليه. يتبين من طبيعة الملفات التي سيشتغل عليها الوزير الجديد انها اوراش ومشاريع إصلاحية كبرى تتطلب الكثير من الوقت ومن قيم المواطنة ومن نهج سياسة الإشراك والمشاركة ومن الإرادة السياسية لدى كل القطاعات الحكومية خصوصا قطاع وزارة المالية الذي ما زال ينظر الى البحث العلمي ومهام الاستاذ الباحث والقضايا الجامعية نظرة تقنية ضيقة وليس نظرة سياسية إستراتيجية . لكن ما غاب في خطاب الوزير هو ان الأستاذ الباحث لا يطالب بحقوقه المادية فقط بل انه مستعد بان يقوم بواجباته المهنية والعلمية لكن شريطة دمقرطة الفضاء الجامعي خصوصا بالنسبة لآليات تعيين رؤساء الجامعات الذين اصبح هم بعضهم هو اوراش البناء والسفريات على حساب إنزال مشاريعهم العلمية التي على أساسها تم تعيينهم لرئاسة الجامعة . 2- البحث العلمي رهان الوزير الجديد: احتلت صيغة البحث العلمي المرتبة الثانية بعد الأستاذ الباحث ب 16 ترددا ونسبة%1,2 وطبيعي ان يحتل هذا المفهوم المرتبة الثانية لان مهام الأستاذ الباحث والجامعة هو البحث العلمي الذي يعيش هو أيضا أزمة بنيوية لا تنفصل عن أزمة الأستاذ الباحث وأزمة الجامعة ذاتها.وأثناء حديثه عن البحث العلمي حاول الوزير السكوت عن وضعه المزري والتركيز على أهميته التي وصفها بالبالغة، مضيفا ان البحث العلمي عماد كل تنمية لذلك اكد الوزير بانه يفكر في وضع نظام تحفيزي لتشجيع البحث العلمي وتنميته مع ربط ترقية الأساتذة الباحثين في جزء كبير منها بالبحث العلمي و-تطوير منظومة البحث العلمي والتكنولوجي والابتكار لجعلها قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا وذلك من خلال الإجراءات التالية : إدماج بنيات البحث في إطار أقطاب متجانسة واستشراف الميادين العلمية والتكنولوجية الواعدة -تحيين الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي والتكنولوجي -دعم تمويل البحث العلمي بالرفع من مساهمة الدولة لبلوغ نسبة1 % من الناتج الداخلي الخام -تحفيز الباحثين على نشر منتوجاتهم الفكرية -النهوض بالتعاون الدولي في مجال البحث العلمي والتكنولوجي. لكن، المتأمل في هذه الآليات التي حددها الوزير لتنمية البحث العلمي يدرك انها غير كافية في ظل سكوت الوزير عن مسؤولية الدولة والحكومات المتعاقبة عن تهميش البحث العلمي في سياستها العمومية واستهدافه ، بالإضافة الى سكوته عن مسالة أساسية وهي ان البحث العلمي ليس مسالة موارد مالية فقط ، بل انه إرادة سياسية تستلزم توفير شروط اخرى منها: -توفيرالموارد البشرية المؤهلة- توفير المناخ السليم والشروط الموضوعية والبنيات التحتية- وضع سياسة تعليمية واضحة بالبحث العلمي لأنه من العبث ان نتحدث عن تأهيل حقل البحث العلمي والأستاذ الباحث والبنيات التحتية الجامعية تعاني من أوضاع مزرية .ويتجلى هذا العبث في الميزانية المالية المخصصة للبحث العلمي حيث انها لم تتجاوز بعد نسبة 1 في المائة من الدخل العام. وهل بهذه النسبة الهزيلة يمكن تأهيل الجامعة المغربية وتشجيع البحث العلمي؟ . 3- التعليم العالي أساس بناء مجتمع المعرفة : احتل التعليم العالي الرتبة الثالثة ب 10 ونسبة %0,7 في خطاب الداودي لان متلقيه هم من رجال ونقابي التعليم العالي واللذين خاطبهم بان وزارته ستنزل الشق الخاص بالتعليم العالي الذي يهدف إلى بناء مجتمع المعرفة وتنمية اقتصاد المعرفة من خلال استعادة الجامعة المغربية ريادتها في التكوين و الإشعاع والبحث العلمي عبر اتخاذ الإجراءات الآتية: - التقييم الشامل للتكوينات بغية تحسين جودة التعليم العالي -التدبير العقلاني لمختلف مكونات قطاع التعليم العالي -تحسين حكامة تدبير قطاع التعليم العالي -دعم استقلالية الجامعات في إطار تعاقدي ومتجدد بينها وبين الدولة -العمل على الرفع من نسبة التأطير داخل المؤسسات الجامعية - فتح نقاش مع القطاعات الحكومية المكلفة بتكوين الأطر من أجل توحيد التعليم العالي -التفكير في صيغ جديدة لاختيار الرؤساء و العمداء والمدراء. يتبين من الإجراءات التي أعلن عنها وزير التعليم العالي انها إجراءات عامة وكانت حاضرة في خطابات وزراء التعليم العالي السابقين، الامر الذي يدفعنا للتساؤل: هل يتوفر وزير حكومة بنكيران على كل السلطات القانونية والسياسية والإمكانيات المادية لتنفيذ هذه الإجراءات خصوصا على مستوى دعم استقلالية الجامعة ودعم البحث العلمي ودمقرطة تعيين الرؤساء و العمداء والمدراء وترسيخ الحكامة الجيدة هذه الأخيرة التي أصبحت ضرورة لاستمرار الجامعة المغربية وجعل المغرب يلج مجتمع المعرفة والتنمية.؟ ما مصير رؤساء الجامعات والعمداء الحاليين بعد ان يصوت البرلمان على مشروع القانون التنظيمي الخاص بتعيين المسؤولين عن المؤسسات والمقاولات الاستراتيجية ؟ كيف سيتم العمل على الرفع من نسبة التأطير داخل المؤسسات الجامعية في ظل ارتفاع الطلبة الوافدين على الجامعات مقابل التراجع المهول في عدد الاساتذة الجامعيين؟ وهل ضمت حكومة بنكيران الجامعة في لائحة المؤسسات الإستراتيجية التي حددها المشروع في 20 مؤسسة او في لائحة المقاولات الإستراتيجية التي حددها المشروع في 17 مقاولة إستراتيجية؟. 4- النقابة الوطنية للتعليم العالي: عادي جدا ان يحتل هذا المفهوم مرتبة متقدمة ب 9 ترددات ونسبة 0,6% في خطاب الوزير الذي مدح كثيرا النقابة معتبرا اياها شريكا أساسيا للوزارة من أجل النهوض بقضايا الأساتذة الباحثين ومواكبة مسار الإصلاح الجامعي وتقويم الاختلالات التي قد تعتريه وهذا تطور كبير في الخطاب الرسمي اتجاه النقابة. وتجسدت هذه الشراكة في تشكيل اشتغال اللجن المشتركة ( لجنة النظام الأساسي، لجنة الملف الاجتماعي ولجنة الملف المطلبي ) التي ستنكب على دراسة الملفات السابقة الذكر. واعتبارا لكون النقابة الوطنية للتعليم العالي أصبحت شريكا رئيسيا للوزارة في مختلف مراحل إصلاح منظومة التعليم العالي،فقد طالبها الوزير ان تتحول الى قوة اقتراحيه تساهم بشكل فعال في بلورة تصور أولي لنظام أساسي جديد لهيئة الأساتذة الباحثين يرقى إلى مستوى تطلعات هذه الفئة من اطر الدولة، ويساير في نفس الوقت مستجدات ومتطلبات المرحلة، ويحدد كيفية النهوض بالدور الحاسم للأستاذ الباحث والرفع من جودة التعليم والبحث العلمي وذلك في أفق استكمال إنجاح المنظومة الوطنية للتربية والتكوين وتجديدها المستمر وهذا ما يضع النقابة الوطنية للتعليم العالي امام تحديات ومهام جديدة وهي مقبلة على مؤتمرها الوطني لانتخاب هياكلها التي يجب ان تتم وفق مقتضيات الدستور الجديد بعيدا عن مناهج انتخابات المؤتمرات السابقة. 5- النظام الأساسي: احتل هذا المفهوم مرتبة متقدمة ب 10 تردد وبنسبة%0,7 لكون النظام الأساسي يبقى من الملفات العالقة والمعقدة والصعبة التي ستشكل أهم جدول أعمال النقابة والوزارة مدة ولاية الحكومة الحالية. والأكيد ان أزمات البحث العلمي و الجامعة المغربية والأستاذ الباحث ترتبط بالنظام الأساسي الذي لم يتغير منذ 1997 .هذا النظام الذي يجب قبل تقييمه وتقويمه ان ينطلق من مبدأ ربط الترقية بملفات علمية .لان مقتضيات الدستور الجديد وتحديات مجتمعات المعرفة والتنمية تتطلب بل تفرض مراجعة النظام الأساسي للأستاذ الباحث بشكل شمولي وفي إطار مقاربة جديدة تأخذ بعين الاعتبار المهام الجديدة للأستاذ الباحث وللجامعة المغربية لجعل خبراتهم وكفاءاتهم وأبحاثهم العلمية في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. 6—الجامعة: تردد هذا المفهوم 5 مرات وبنسبة%0,3 وقد وصفها الوزير كفضاء للتدريس لكنه فاقد الريادة في التكوين والإشعاع والبحث العلمي ، وغير مندمج في المحيط لكنه الوزير سكت عن مسؤولية الدولة التي تركت وزراء التعليم العالي في الحكومات المتعاقبة يجربون مشاريعهم الإصلاحية السياسوية بالجامعات المغربية دون أي حسيب او رقيب ودون أي تقييم او تقويم بل ان مسار الإصلاح التعليم العالي بالمغرب سار وفق مزاج الوزير وحزبه وهذه إحدى كوارث السياسة الإصلاحية لقطاع التعليم العالي بالمغرب . ووعيا من الوزير الداودي بخطورة الأوضاع بالجامعة فانه انتقد - بشدة بعض رؤساء الجامعات الذين حولوها الى مقاولات للبناء وللسفريات, والغريب في الأمر ان رؤساء الجامعات يعينون على أساس مشاريعهم العلمية وعند نهاية ولايتهم يغادرون مناصبهم دون تقديم اي حساب, بل ان الطامة الكبرى انه خلال ولايتهم لرئاسة الجامعة لا ينهجون سياسة التقييم والتقويم التكتيكي والاستراتيجي لمسار الاصلاح الجامعي بل اننا نجد بعضهم يقوم بتقويمات وتقييمات وفق ما يرضي الوزير، والوزير يقدم تقويمات وتقييمات للإصلاح الجامعي وفق ما يرضي رئيس الحكومة ورئيس الحكومة بدوره يقدم تقييمات وتقويمات حول أوضاع الجامعة وفق ما يرضي صناع القرار بالبلاد ، وهكذا يبقى مصير اصلاح استراتيجي للبلاد كالاصلاح الجامعي يدور في حلقة ترضيات الخواطر ليس الا. على كل حال فخطاب الوزير الجديد يبقى خطابا سياسيا جذابا والزمن هو الذي سيحكم عليه . لكن ما يجب ان يعي به الوزير هو ان اصلاح الجامعة المغربية في حاجة لقرارات سياسية شجاعة و لإجراءات إدارية مستعجلة، فالاستاذ الباحث في حاجة ان تعاد اليه سلطة القرار في أي اصلاح، وبان البحث العلمي في حاجة الى حكامة جيدة وتوفير موارد مالية وبنيات تحتية ملائمة والجامعة في حاجة الى ثقة المقولات المغربية والمنظومة التربوية في حاجة لتقويم ولتقييم افقي وعمودي . ومن المؤسف ان نعيد طرح نفس الاسئلة مع تعيين كل وزير تعليم عالي جديد : هل حقق هذا الإصلاح الجامعي المطلوب منه و نحن نقترب من إطفاء شمعته التاسعة ؟ .. هل توفرت له الإمكانيات المادية و البشرية واللوجستيكية الداعمة له..؟ .. و هل تحولت معه الجامعة إلى قاطرة التنمية المستدامة وإنتاج نخب الحكامة الجيدة؟ وهل سيقدم وزير التعليم العالي الجديد خارطة طريق لإصلاح الجامعة وتأهيل البحث العلمي ودمقرطة تعيين رؤساء الجامعات ويؤسس لمستقبل واعد لهذه الأجيال المتعاقبة الضائعة التي تتخرج سنويا من الجامعات؟ هل سيضع الوزير الجديد مخططا استراتيجيا جذريا –وليس استعجالي متسرع– لإصلاح التعليم العالي ومراجعة المنظومة ككل بمقاربة تشاركية ؟ تلك مجرد اسئلة ستجيبنا عنها الايام المقبلة. [email protected]