يعيش صحراويُو مخيمات تندوف أوضاعا مقلقة منذ بروز جائحة "كورونا"؛ فبعد فرار بعض العائلات إلى موريتانيا قبل أشهر قليلة، يشتكي السكان المحتجزون من تردي الأوضاع المعيشية، فضلا عن ضعف المراقبة الأمنية داخل المخيمات. ووفقاً لمنشورات صادرة عن وسائل إعلامية مقربة من جبهة "البوليساريو"، فإن أحد المخيمات يشهد "فوضى عارمة" على مستوى الخدمات العامة، بالتزامن مع "التراجع الأمني الخطير" الكائن في المنطقة، حيث قامت الجبهة الانفصالية بإطلاق أعيرة نارية من أجل توقيف مهرب مخدرات، ما أحدث هلعاً وسط السكان. وأشارت المصادر الإعلامية عينها إلى المخاطر التي تحدثها الكلاب الضالة، منبهة إلى انتشارها بشكل كبير للغاية وتهديدها للسلامة الجسدية لقاطني المخيمات، لا سيما مربّي الماشية الذين يتخوفون من الهجوم على قطيع أغنامهم. كما أبرزت المنشورات عينها أن السكان يعيشون "واقعاً مزريا" بفعل تراكم النفايات المنزلية، في ظل الاضطراب الحاصل على مستوى التزود بالمياه، مستنكرة غياب قادة جبهة "البوليساريو" عن المخيمات، بينما ركنت العناصر الموجودة إلى الصمت. وتعليقا على ذلك، قال كريم عايش، باحث في العلاقات الدولية، إنه "مع بروز أولى حالات كورونا بمخيمات تندوف، وما تعرفه باقي المخيمات من توتر جراء الاحتجاجات المتواصلة ضد قمع وتنكيل قادة البوليساريو ببعض المناضلين من أهالي وذوي المختطفين والمغتالين، ازداد الوضع تفاقما وسوءا". وأضاف عايش، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الخناق بدأ يضيق حول زعيم البوليساريو وحاشيته، فانتشار الوباء داخل المخيمات دفع بالكثير من الأهالي إلى الهروب إلى موريتانيا خوفا من البطش والجوع والمرض"، مشيرا إلى "شح المساعدات التي تتعرض حين تسليمها إلى السرقة والبيع وتغييرها إلى منتجات جزائرية؛ وهو ما يمكن التحقق منه بعد أن حاول قصر المرادية التبرؤ من ذلك عبر بيان يتيم". وأوضح المتحدث أنه "من الطبيعي أن تتحول مخيمات المحتجزين الصحراويين إلى سجن كبير يفتقد لأبسط شروط السلامة الصحية، حيث تعرف تكدسا للأزبال، وانتشارا للقطط والكلاب، إضافة إلى بروز أمراض جديدة أضافت إلى المعاناة اليومية لساكنة المخيمات المحتجزة معاناة الخوف والقمع وفقدان الأمل". وأبرز المحلل السياسي ذاته أن "القيادة الحالية ليس عليها إجماع داخل المخيمات، لكنها تفرض وجودها بقوة السلاح والترهيب، مستعينة بورقة المساعدات والأدوية لتركيع المحتجزين وضمان صمتهم وولائهم"، مشيرا إلى "تجنيد البوليساريو الصحراويين لممارسة جرائم قطع الطريق بالكركرات وترهيب سائقي الطرق الدولية قصد ابتزازهم"، مؤكدا أن "الأمر يحتاج تدخلا دوليا لفك العزلة عن المخيمات جنوبالجزائر، وضمان حق المحتجزين في العودة إلى الوطن الأم وعيش حياتهم بحرية وكرامة".