يوجد في المغرب ما يزيد على مليون و200 ألف شخص، ذكورا وإناثا، يعملون أعوانَ حراسة لدى آلاف شركات الأمن الخاصة؛ لكن أغلب هؤلاء الأشخاص يشتغلون في ظروف ووفق شروط تنعدم فيها أبسط الحقوق الشغلية التي تكفلها مدونة الشغل للعمال. يشتغل أغلب حراس الأمن الخاصة اثنتي عشرة ساعة في اليوم، معدل يزيد على اثنتين وسبعين ساعة في الأسبوع، بينما حددت مدونة الشغل عدد ساعات العمل القانونية، باستثناء القطاع الفلاحي، في 44 ساعة في الأسبوع، وفي حال توزيع مدّة العمل حسب حاجيات المقاولة فلا يجب أن يتجاوز عدد ساعات العمل في اليوم 10 ساعات. وتوضح لبنى نجيب، رئيسة الجمعية الوطنية لحارسات وحراس الأمن الخاص بالمغرب، أن هذه الفئة من العمال، وإن كانوا يشتغلون اثنتي عشرة ساعة في اليوم، فإن أغلبهم يشتغلون بأجور لا تتعدى في أحسن الأحوال ألفين أو ألفين و200 درهم، أي أقل من الحد الأدنى للأجور المحدد في 2828 درهما. ولا تتوفر نسبة مهمة من حراس الأمن الخاص على أي حماية اجتماعية، خاصة الذين يشتغلون في شركات الأمن الصغيرة؛ بينما تعمد الشركات المُصرحّة بالحراس العاملين لديها إلى التصريح بعدد أيام أقلّ من الأيام التي يشتغلون فيها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بحسب لبنى نحيب. وتوضح المتحدثة في تصريح لهسبريس أن هناك شركات أمن خاص لا تصرح لعمّالها سوى باثني عشر يوما أو خمسة عشر يوما لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بينما هم يعملون شهرا كاملا، عدا عطلة نهاية الأسبوع، مضيفة أن أغلب الحراس والحارسات المضطهدة حقوقهم لا يتقدمون بأي شكاية، إما "لأنهم لا يُنصفون، أو خوفا من الطرد من العمل". وتزايَد عدد شركات الأمن الخاص في المغرب خلال السنوات الأخيرة بشكل لافت، خاصة بعد التفجيرات الإرهابية التي شهدتها مدينة الدارالبيضاء سنة 2003، حيث أصبحت المؤسسات العمومية وأيضا المؤسسات الخاصة، مثل البنوك والفنادق، مُلزمة بتوفير الحراسة الخاصة في مداخلها حفاظا على أمنها. ويزيد عدد شركات الأمن الخاص الموجودة في المغرب، حاليا، على اثني عشر ألف شركة؛ لكنّ الحارسات والحراس العاملين لدى هذه الشركات ينتمون إلى الطبقة العمالية "المسحوقة"، على حد تعبير رئيسة الجمعية الوطنية لحارسات وحراس الأمن الخاص بالمغرب. وأضافت المتحدثة أن عدد شركات الأمن الخاص التي تتوفر على ترخيص من طرف السلطات لا يتعدى ألف شركة، "والباقي يشتغل في القطاع غير المهيكل، وكيديرو خدمة ديال المُوقف"، موضحة أن هذا النوع من الشركات هي التي تستنزف الحراس، بتشغيلهم في ظروف غير لائقة، وعدم تمتيعهم بحقوقهم. وإذا كانت النسبة الأكبر من حراس الأمن الخاص محرومة من أبسط الحقوق، فإنّ أشكال المعاناة تتزايد أكثر في أوساط الإناث منهم، إذ يتعرضن للاستغلال والتحرش الجنسي وغيرهما من المضايقات، "داكشي علاش العيالات اللي خدامين فهاد المجال ما كيبغيوش يبانو، وما كيرضاوش حتى يقولو فاش خدامين"، تقول لبنى نجيب. وترى المتحدثة ذاتها أن من بين الأسباب الرئيسية المؤدية إلى هضم حقوق حراس الأمن الخاص هي أن المنافسة الشرسة على الصفقات العمومية تدفعها إلى أن تقدم عروضا أقل تكلفة، من أجل الفوز بها؛ ما يجعلها غير قادرة على توفير مداخيل كافية لتغطية أجور محترمة، ومصاريف الحماية الاجتماعية لأعوان الحراسة العاملين لديها. ودعت رئيسة الجمعية الوطنية لحارسات وحراس الأمن الخاص بالمغرب إلى التنصيص في قانون الصفقات العمومية المتعلقة بشركات الحراسة الخاصة على أن تكون العروض المقدمة في إطار طلبات العروض فوق الحد الأدنى للأجر، لافتة إلى أن "الضحية الأول والأخير للمنافسة الشرسة على الصفقات العمومية هم حراس وحارسات الأمن الخاص".