عادت أغلب أحياء مدينة سلا إلى أجواء الحجر الصحي الذي طُبق في بداية انتشار جائحة فيروس كورونا في المغرب. قُوّاد رفقة أعوان السلطة يجوبون الشوارع والأزقة، ويُصدرون أوامرهم بأغلاق المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم. انطلقت العملية مساء أمس الثلاثاء في مجموعة من الأحياء، كحي الرحمة، والشيخ المفضل، وتبريكت، وحي الانبعاث... كما أغلقت مؤسسات تعليمية بعد يوم واحد من انطلاق الموسم الدراسي، إثر تزايد عدد الحالات المسجلة في المدينة. صباح اليوم الأربعاء، بدت مدينة سلا وكأنها عادت إلى شهر مارس الماضي عندما كان الحجر الصحي في أوجه. أغلب المقاهي الموجودة على طول شارع محمد الخامس أوصدت أبوابها، في حين ما تزال بعض المقاهي التي يقصدها زبائن قليلون مفتوحة. وقبل أن تبادر السلطات إلى إغلاق المقاهي والمحلات التجارية ومحلات الحلاقة، كانت المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بسلا قد أعلنت عن اعتماد التعليم عن بعد وتعليق التعليم الحضوري في عشرات المؤسسات التعليمية، في السلكين الابتدائي والثانوي الإعدادي، ابتداء من يوم أمس الثلاثاء، إلى إشعار آخر. ويقوم قُوّاد الدوائر الحضرية في مدينة سلا بحملات بمعية أعوان السلطة لمراقبة مدى الالتزام بقرارات الإغلاق، حيث تقرر إغلاق المقاهي والمطاعم في أحياء العيايدة، والرحمة، وكريمة، والدار الحمراء، وتبريكت، والانبعاث، بعد أن قفز عدد الإصابات بفيروس كورونا في عدوة الرباط إلى 117 إصابة أمس الثلاثاء. وعلى الرغم من أن المقاهي والمطاعم هي الأماكن الأكثر إغلاقا، سواء في مدينة سلا أو في مدن أخرى كالدار البيضاء، إلا أن هذه الفضاءات لم تُسجّل بها أي بؤرة لوباء كورونا إلى حد الآن، حسب حسن المودن، عضو المكتب الوطني للجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب، معتبرا أن عدد الحالات المسجلة في المقاهي "لا يصل حتى إلى 1 في المئة من مجموع الحالات"، على حد تعبيره. وأوضح المودن، في تصريح لهسبريس، أن "ما يدفع السلطات إلى إغلاق المقاهي والمطاعم هو أنها تعتقد أن تواجد الزبناء في فضاءاتها يساهم في انتشار الفيروس"، لافتا إلى أن "قرارات الإغلاق الجديدة ستؤثر سلبا على القطاع الذي ما زال يعاني من تداعيات الحجر الصحي". وأضاف أن أصحاب المقاهي يعملون بنسبة 30 إلى 40 في المئة من الطاقة الاستيعابية، في ظل إحجام العديد من الزبناء عن الذهاب إلى المقاهي خوفا من الفيروس، بينما تم الاحتفاظ بعدد العمال نفسه، لافتا إلى أن مصاريف أصحاب المقاهي ظلت في المستوى نفسه الذي كانت عليه قبل الحجر الصحي، رغم أن أرباحهم قلّت بشكل كبير حاليا. وفي الوقت الذي عمدت فيه السلطات في مدينة سلا إلى إغلاق المقاهي والمحلات التجارية، تعالت انتقادات من طرف سكان المدينة على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرة أن بؤر انتشار فيروس كورونا توجد داخل المعامل، محذرة من تبعات قرارات الإغلاق على الوضعية الاجتماعية لفئات واسعة من العمال، على اعتبار أن الدولة لن تصرف أي تعويض للمتوقفين عن العمل، كما كان الحال خلال فترة الحجر الصحي، حيث تم تخصيص تعويض شهري للعمال الفاقدين للشغل مؤقتا، وكذا للمشتغلين في القطاع غير المهيكل.